يسرائيل هيوم
البرفسور إيال سيزر
ترجمة حضارات
كان العقد الأخير في الشرق الأوسط هو عقد "إسرائيل" إلى حد كبير، وأصبحت خلال هذه العملية قوة إقليمية رائدة، ذات قوة سياسية وعسكرية واقتصادية، يسعى جميع جيرانها إلى قربها والعمل على تعزيز التعاون معها، وحتى العلاقات السلمية والتطبيع، كما اعترف أعداء "إسرائيل" بقوة "إسرائيل"، الذين كانوا قلقين من مواجهة المواجهة الأمامية معها.
لكن في غضون أسابيع قليلة، اختفى مظهر القوة والثقة بالنفس الذي أشعته "إسرائيل" في الدخان، وكأنه سراب، حزب الله يتحدى ويسعى لإعادتنا عقدين من الزمن إلى بداية القرن، قبل أن يصحح ميزان الرعب والردع ضده.
العلاقات مع الإمارات متوترة، ومع الأردن، الجار الشرقي اندلعت أزمة حادة، كل هذا يتأثر بالبرودة التي يخطط لها البيت الأبيض تجاه الحكومة الإسرائيلية، بعد كل شيء، لا تزال الولايات المتحدة قوة عالمية ولها تأثير حاسم في منطقتنا، على الرغم من ضعفها وإرهاقها.
لا ينبغي أن يبالغ المرء في الإعجاب بالمحادثات والتصريحات، ففي نهاية المطاف، على أساس علاقاتنا مع العالم العربي اليوم مصالح مشتركة، على عكس القيم، وهذه ليست مسألة عابرة ومؤقتة. إن قوة "إسرائيل"، وخاصة قوتها العسكرية، لا تزال معنا، والعرب يدركون ذلك أيضًا، لهذا لن تتغير خريطة الشرق الأوسط والعلاقات بين العالم العربي و"إسرائيل"، في القريب العاجل.
لكن المثير للاهتمام هو أنه في حين أن "إسرائيل" في حالة تخبط، حيث صديقتنا الولايات المتحدة، ومعها أيضًا "أصدقاؤنا" في أوروبا، لا يترددون في توبيخ الحكومة وحتى ضربها، يظل العالم العربي صامتًا، ويملأ فمه بالماء في وجه العاصفة الداخلية التي اجتاحت بلادنا.
صحيح أن للعالم العربي مصلحة في إبقاء القضية الفلسطينية في غيبوبة، ومنع تفشي العنف الذي يمكن أن يمتد إلى الدول العربية المجاورة، وفي هذا الصدد يُسمع صوته، لكن بصرف النظر عن ذلك، فهو يسكت عن كل ما يقال عما يحدث في "إسرائيل" في الداخل.
ينبع هذا، أولاً وقبل كل شيء، من نقص الفهم وقلة الاهتمام، بعد كل شيء، باستثناء "إسرائيل"، لا توجد دولة ديمقراطية أخرى في الفضاء المحيط بنا.
في الدول العربية لا توجد ديمقراطية ولا فصل للسلطات ونظام قضائي مستقل، أما القرار بشأن الحصانة فتتم عادة من قبل قائد الجيش بعد أن يقوم بانقلاب وعزل الحاكم.
كان رئيس الوزراء يتسحاق رابين هو من تحدث بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو، التي تنص على أن "الشرطة الفلسطينية ستقاتل حماس، بدون بتسيلم، بدون محكمة العدل العليا، وبدون أمهات ضد الصمت".
على الرغم من أن رابين كان رجلاً ملتزمًا بالديمقراطية، كان أيضًا حذرًا ومنضبطًا، وفي كل الأحوال فهم حدود النموذج العربي، رغم سحره ومميزاته في كل ما ورد في محاربة المقاومة.
لكن الصمت العربي أكثر من قلة الاهتمام أو التفاهم، يعرب عن خوفه العميق" من أن يرى أحد في الشارع العربي المشاهد ويسمع أصوات "إسرائيل"، ويغريه أن يأخذ مثالاً من احتجاجنا للخروج والتظاهر ضد الأنظمة والحكام في البلاد العربية في الداخل.
وأخيرًا، يبدو أيضًا أنهم في العالم العربي يفهمون أنه لن يفلت أحد من الاضطرابات، التي تمر عبر "إسرائيل".
في كتيبات التعليمات التي وجدها الجيش الإسرائيلي في معسكرات الجيش المصري، في سيناء بعد الهزيمة في حرب الأيام الستة، تم العثور على كلمات تفسيرية للجنود المصريين عن "إسرائيل"، والتي بموجبها تعتبر هذه دولة بها انقسام وتفكك دمها، وكدليل بن غوريون يكره أشكول والعكس صحيح، ولكن في العالم العربي لا يهم العرب في النهاية يكرهون "إسرائيل" وكل الإسرائيليين.
لكن الواقع اليوم مختلف، صحيح، في طهران أو بيروت من يفرك أيديهم بسرور، ولكن بين أصدقائنا، وهناك من هم، هناك قلق، بعد كل شيء، أصبحت "إسرائيل" في العقد الأخير حجر الزاوية للنظام الإقليمي الجديد، فهي تزود الأردن ومصر بالمياه والطاقة، وتوفر المساعدة الأمنية لدول الخليج، وفوق كل هذا، فهي حلقة وصل مهمة بين العالم العربي وواشنطن.
لذلك، يبقى العالم العربي بعيدًا، ويجد أيضًا صعوبة في فهم ما يدور حوله في الواقع، لكنه في الوقت نفسه يعرب عن قلقه، لأن الشيء الرئيسي بالنسبة له هو الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث "إسرائيل" قوية وركيزة أساسية في الحفاظ عليها.
