عندما تجتمع ليلة القدر مع يوم الأسير؟!

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

بقلم:

وليد الهودلي

في اجتماع مغلق لترتيب فعاليات مناسبتين جاءتا معًا، جمع  ليلة القدر مع يوم الأسير الفلسطيني، الذي طلب فيه يوم الاسير من أخته ليلة القدر أن تجنّد عناصرها كلّها لتحقيق نجاح مبهر لهذا اليوم العظيم، فقال يوم الأسير مبتهجا بهذه الليلة الفضيلة:

- الناس عندنا محظوظون بهذه الفرصة الذهبية التي يمنحها لهم ربّ العالمين، رصد لهم أجر ومثوبة ألف شهر مقابل هذه الليلة، ماذا لو استثمروها لخير الاعمال، وهل هناك ما هو أفضل من وقفة عزّة يعلنون فيها ضرورة تحرير أحرارهم القابعين خلف القضبان؟ هل هناك ما هو أفضل من نصرة من غيّبتهم سجون الاحتلال ووقع عليهم هذا الظلم الكبير، منهم من له في السجون بضع عقود، ألا يعلمون أن أفضل العبادة وأفضل ما يتقرّب به العبد من ربّه رفع الظلم عن المظلومين؟

بدورها هتفت ليلة القدر:

- ليتهم يتوجهون الى خير العمل، إن غالبيتهم المطلقة تكتفي بالصلاة والقيام والدعاء.

- هذا عظيم ولكنه أوّل العمل.

- عند مسلمي هذه الأيام سيّدي الدعاء ليس أولا وإنما هو أوّلا وأخيرا، يكتفون به ولا ينتبهون لما هو مطلوب من جهد وعمل.

- ألا يوجد أولويات للعمل؟ الا نحظى نحن وتحريرنا من براثن هذا السجّان الذي يسومنا أشدّ أنواع العذاب بأولوية من أولوياتهم.

- نعم ينبغي ذلك لان الحرية وتوحيد المؤمن صنوان لا يفترقان، ولأن المؤمنين أخوة ولأن الواجبات في ديننا لا تتجزأ ولا يجوز التفريق بين واجب وواجب، ولأن إنسان ليلة القدر مختلف عن أي إنسان آخر.

- هذه لم أفهمها سيّدي؟

- ليلة القدر تعطي لإنسانها ثقة عالية بنفسه إذ أنه يتعامل مع رب عظيم يبدله بالليلة أجر ألف شهر، فهو عند الله انسان عظيم ينبغي على ذلك أن يكون دوره في الحياة عظيما وألا يرضى بالدنيّة أو الذلّة أو الاستضعاف أو الاحتلال ولا يرضى بالطبع أيضًا أن تسلب حريّته أو ايّ أحد من شعبه وأمته، إنسان ليلة القدر هو انسان يعشق الحرية ويعمل بكلّ ما يصونها ويصون كرامته ايّ كان، وعلى هذا ينبغي أن يكون تحرير أسراه بشتى الطرق هو أهم أولوياته.

- ألاحظ سيّدتي أنك كرّرت كلمة ينبغي كثيرا.

- نعم لان واقعنا يختلف عما ينبغي أن نكون عليه وعلى ما تريده منا ليلة القدر ورمضان والصيام والعبادة بشكل عام، لانها إن لم تحررنا وتحرر أسرانا فنحن لا نمتثل بتعاليم عبادتنا وعلينا أن نجسر الهوة بين واقعنا وما ينبغي أن نكون عليه وفق تعاليم ديننا خاصة ونحن نرتقي ونرتفع في الالتزام بمقتضيات ايماننا.

- إذن إنسان ليلة القدر مختلف كليّا وعليه مسئوليات أكبر ومتوقع منه أن يمارس دوره الذي يتناسب مع مكانته عند ربّه ومع هذه الشهادة العليا التي حقّقها في هذه الليلة المباركة.

نأمل ذلك ونأمل أن تكون ليلة القدر محطة هامة من محطات التحرّر والتحرير بإذن الله.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023