رضا بهلوي.. واستعمار التاريخ

إسلام حامد

باحث وأسير فلسطيني

رضا كورش علي بهلوي، هكذا كتب الاسم في الصحف العبرية صبيحة يوم الذكرى السنوية للكارثة التي حصلت للجماعة اليهودية (بحسب ادّعاء الحركة الصهيونية)، على يد النازية، وليدة الحضارة الغربية المعاصرة، وسلوكها العُنفي النابع من التشكيل الإمبريالي الغربي الحديث القائم على "إبادة الآخر" تحقيقًا للرؤية الدورانية.

وليس الحديث هنا عن المعركة الحاصلة، وكيفية تشكيلها رأس مال رمزي للحركة الصهيونية، ولاحقًا الكيان الصهيوني ذاته، بقدر ما هو إلقاء الضوء جزئيًا على الكيفية التي يتم استخدامها اليوم لصالح ما يقدم على أنه مظلومية تاريخية وقعت بحق الجماعة اليهودية في أوروبا المعاصرة.

من كل ذلك يتم استحضار ما تم ترميزه سابقًا؛ لاستخدامه في إحياء التاريخ بالإطار الذي هُندِس فيه.

اللافت في هذه العملية متعلق بالأسماء الجدلية التي أُنشأت على يد قوة الاستعمار، ورُمِّزَت فيه.

هنا وريث العرش، وابن الشاه الإيراني الذي أُبعِد عن الحكم في إيران إثر الثورة الإسلامية عام 1979، رضا بهلوي، كان الرمز المُستحضَر للمشهد الاستعماري على أرض بيت المقدس – فلسطين المحتلة، للمشاركة في طقوس يوم الكارثة، وللقاء رئيس الحكومة نيتنياهو ووزيرة الاستخبارات جيلا غامليل.

الربط بين حضور بهلوي ويوم الكارثة نابع من الخطاب الاستعماري الذي سيُقدَّم في كلمة رئيس الحكومة من أهمية تدارك الخطر الإيراني على الكيان الصهيوني، وخصوصًا بعد ما تم الإعلان عن محور المقاومة - القدس، الذي كان له وقع كبير في جولة التصعيد الأخيرة.

كما أن هذا الخطاب سيقدم مفهوم الكارثة الإيراني، الناتج عن سيطرة آية الله على الحكم في إيران، وطرد الشاه بهلوي الحليف القوي للكيان الصهيوني في زمانه.

يتوافق هذا مع قناعات بهلوي التي تدور حول الشعب الإيراني الذي يحن لحكومة تحترم ميراثه، وتحافظ على حقوق الإنسان، وتعدد الديانات والثقافات، ليصل إلى إقامة سلام مع الكيان الصهيوني، وجيران إيران مع عدم نسيان اليهود الإيرانيين الذين عاشوا جنبًا إلى جنب عموم الشعب الإيراني قبل سيطرة الثورة الإسلامية على الحكم، التي قادت البلاد ونحو عداء مع الكيان الصهيوني وبث الإسلامية القاتلة...

ويعتبر أن إيران الديمقراطية ستعمل على تجديد العلاقات مع الكيان الصهيوني والجيران العرب، وأن هذا اليوم أصبح قريبًا.

في تعليق وزيرة الاستخبارات غامليل على ما سبق، اليوم نمضي نحو الخطوة الأولى في إعادة العلاقات بين الشعبين.

اليوم نشهد إعادة استعمار التاريخ في مقدمة نحو استعمار الواقع الذي يصب في مصلحة الكيان الصهيوني وما يمثله من آخر سلطة استعمار في التاريخ المعاصر.


الأسير/ إسلام حسن حامد

17/04/2023

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023