بقلم/ أحمد التلفيتي
انفض القتال في الجولة الأخيرة التي بدأها الإحتلال باغتيال ثلاثة من سرايا القدس، وأطلق عليها اسم "الدرع والسهم" أو "السهم الواقي" حسب ترجمته المقصودة، وكان رد المقاومة من غزة موحداً باسم "ثأر الأحرار" في قصف استمر خمسة أيام شمل جنوب ووسط الكيان، انفض القتال عن:
لا جديد، أو تأكيد المؤكد الذي يرسم صورة حالة الاشتباك على الكيان في النقاط التالية:
1- استمرار فعالية المعادلات القائمة، من تأكيد غدر الكيان وتأكيد رد المقاومة المحدود بحدود الجريمة، وفي ظل معرفة مسبقة بنية الإحتلال تنفيذ "غدر محدود" يحسن به صورته في الردع الخارجي والتفكك الداخلي، فلا تغيير في المعادلات أو حدود استخدام القوة.
2- تجديد وتفعيل النقاشات الضرورية حول يقظة المقاومة واستعداداتها في ظل التفوق اللوجستي الصهيوني، وقدرتها على قلب الطاولة أو تفويت الفرصة على غدر الإحتلال وخطته، وسحب صورة المنتصر من هجومه.
3- التأكيد أن ساحة الضفة الملتهبة بحاجة إلى مزيد من تكثيف الجهود والعمل فيها، إذ لم تشهد موجة التصعيد الأخيرة تدخلاً ناجحاً أو مؤثراً من الضفة، وبالتالي لا يزال أمر اعتبارها جبهة قتالية وقت المواجهة الكبرى محل جدل وشك، كما أن غياب السلطة والمنظمة ومؤسساتها في موضعها (ذلة).
4- تعميق صورة الإحتلال المهتزة والمهترئة، والتشجع بشكل أكبر نحو المواجهة المحتملة القادمة، حيث أراد الاحتلال تصعيد ليومين أو أقل، وبدا واضحاً تموضعه الحائر إثر استمرار إطلاق الصواريخ، بل وقبلها في ساعات الترقب الأولى التي طالت لقرابة اليومين، كما أن الأرقام أظهرت هشاشة منظومة قبته الحديدية، فقد أطلق حسب الإعلام العبري 1300 صاروخ تقريباً، تصدت القبة لـ 300 منها وسقط في غزة 400 تقريبا، واستطاع 600 صاروخ تقريباً السقوط في المناطق المفتوحة والمأهولة، كما أن الإعلام العبري بدا جلياً أنه مصدر غير موثوق به، وموجه تماماً في حالات الحروب عبر اضطراب روايات التهدئة، وتبريد الجرة، وتضخيم منجزات الجيش.
5- عدم تجاوز الدور المصري -الوسيط- مبدأ إطفاء الحريق، ومحاولة سحب البساط من أي تأثير حاسم في المعركة برغبة مصرية وضغوط أمريكية، وفي ظل العلاقة الاستثنائية بين الفصائل ومصر، فإن التدخل المصري في هذه الأمور يحترم فلسطينياً بعد استنفاذ الأهداف الميدانية.
ولذلك فبالمقاييس التحليلية الميدانية والظرفية والسياسية، قد تمكنت عملية ثأر الأحرار من كسر السهم الغادر الصهيوني بل واخترقت درعه الواقي، ربما لم تصل إلى درجة "ردع" لكنها في سياق حالة الاشتباك القائمة على الاحتلال، عززت مبادئها بانتظار المبادأة والمباغتة الفلسطينية التي ستكون مرحلة أخرى وتحولاً فاصلاً في الصراع.