إسرائيل تراقب عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية عن كثب
يديعوت أحرونوت
إيتمار أيخنر
ترجمـــة حضــــارات
في "إسرائيل"، تتم متابعة عودة سوريا إلى الجامعة العربية باهتمام كبير، ومؤخراً جرت مناقشات حولها في جميع الأجهزة الأمنية.
وفي تقييم للوضع حول هذا الموضوع، قال وزير الدفاع يوآف غالانت لقيادة الجيش الإسرائيلي: "هذا تدني أخلاقي غير مسبوق ترحب به جامعة الدول العربية بأذرع مفتوحة سوريا، التي يتحمل زعيمها مسؤولية قتل مئات الآلاف من المدنيين - الغالبية العظمى منها متعمدة - من خلال الضربات الجوية والمدفعية على التجمعات السكانية والمستشفيات وطوابير لتوزيع المواد الغذائية ومراكز المساعدة ".
وأضاف جالانت في تقييمه للأوضاع الأسبوع الماضي أن "المجتمع الدولي يغلق عينيه في وجه جرائم الأسد المتعمدة ضد المدنيين، ويحاول في نفس الوقت الحكم بقسوة على دولة "إسرائيل" التي تبذل قصارى جهدها لتجنب إلحاق الضرر بالآخرين ".
ينضم انضمام سوريا إلى جامعة الدول العربية إلى تطورات مقلقة إضافية من وجهة نظر "إسرائيل" في المنطقة بما في ذلك تجديد العلاقات السعودية الإيرانية والتقارب بين تركيا وسوريا.
من ناحية أخرى، هناك مسؤولون كبار في "إسرائيل" يعتقدون أن هذه التطورات ليست بالضرورة سلبية، وصرحوا بأنه من المبكر جدًا تقييم أهميتها.
الاتفاق السعودي الإيراني، على سبيل المثال، يركز فعليًا على المعركة الداخلية في اليمن - ولـ"إسرائيل" مصلحة واضحة في عدم تصعيد هذه المعركة، وعدم تحول اليمن إلى مصدر عداء آخر تجاه الغرب و"إسرائيل".
بالنسبة لسوريا، السؤال هو ما هو اتجاه الرئيس بشار الأسد بعد إعادة وضعه كزعيم شرعي. إذا كان اتجاهه هو تقليص اعتماده على إيران وحزب الله، فهذا تطور إيجابي.
إذا اختار أن يظل ملتزمًا بالمحور الراديكالي، فإن الدول المستعدة الآن لقبوله مرة أخرى في حظيرتها - السعودية ومصر وقطر في المقدمة ستعود لترى فيه ما رأته فيه في العقد الماضي.. ستخبرنا الأيام.
هناك من يعتقد في "إسرائيل" أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية لا تهم كثيراً، لأنها جسم أصبح ذات غير أهمية.
من ناحية أخرى، فإن عودة دمشق إلى حظيرة جامعة الدول العربية قد تجعل الأمر صعبًا على "إسرائيل" على المدى البعيد وتضر بحرية عملها في سوريا.
التقدير في تل ابيب أن هذا تطور سيئ على المدى القصير والمتوسط ، لأن عودة الأسد إلى العالم العربي تخرجه من عزلته، وتجعل أي هجوم إسرائيلي عليه أقل شرعية.
إسرائيل" تفقد شرعيتها لأن العالم العربي بأسره، إذا جاز التعبير، سيقف في وجهنا.
السؤال هو إلى أي مدى سيكون الأسد على استعداد لمواصلة كونه منصة لنقل أنظمة الأسلحة الإيرانية إلى لبنان، ويبدو الآن أن هذا هو ما يواصل فعله. سيتعين على "إسرائيل" الاستمرار في مهاجمتها في ظل ظروف ستكون أقل مواتاة لها.
لقد وجهت "إسرائيل" رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن شرعية سوريا مرة أخرى بين العالم العربي لن تمنعها من مهاجمة أي مكان يوجد فيه "إرهاب". وقال مسؤول إسرائيلي كبير في هذا السياق إن هذا لن يؤثر على تصرفات "إسرائيل" في المعركة بين الحربين.
في غضون ذلك، لقي الأسد استقبالا حارا أمس في الاجتماع 32 لجامعة الدول العربية الذي عقد في المملكة العربية السعودية بعد 12 عاما من اندلاع الحرب الأهلية في سوريا.
قبل عقد من الزمن، في مؤتمر الدوري الذي استضافته قطر، كان ممثل المعارضة السورية هو من يجلس على كرسي سوريا.
في عام 2018، قال أمير قطر إن المنطقة لا يمكن أن تتسامح مع "مجرم حرب" مثل الأسد، وقال الأسد في خطابه إن هذه "فرصة تاريخية" لحل قضايا المنطقة دون "تدخل خارجي"، على حد تعبيره.
وأضاف الأسد في خطابه، مشيرًا إلى "جرائم الكيان الصهيوني" و "خطر العثمانيين"، اللقب الذي يطلقه على تركيا: "يجب أن نتعامل مع القضايا التي تشكل تهديدًا على مستقبلنا والأجيال القادمة".
واضاف "يجب ان نعالج الانقسامات التي ظهرت على مدى عقد كامل والشيء الاهم هو ترك الشؤون الداخلية لكل دولة لنفسها، ويجب علينا منع اي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية.
آمل أن تكون القمة إيذانا ببدء عهد من التعاون العربي لتحقيق السلام والازدهار والنمو في المنطقة بدلا من الدمار والحرب ".
كما هنأ الأسد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على حقيقة أن الرياض "باركتها" بعودة بلاده إلى جامعة الدول العربية.
إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية هو أوضح علامة على انتهاء عزلة الأسد.
ولدى وصوله إلى المدينة المضيفة، جدة، استقبل الرئيس السوري من قبل نائب أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير بدر بن سلطان، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط. في وقت لاحق، التقى به أيضًا بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.
تم تصوير الأسد وبن سلمان وهما يتصافحان ويبتسمان لبعضهما البعض، كما صافح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الديكتاتور السوري.
قبل القمة العربية، المعروفة باسم "قمة التجديد والتغيير"، أكدت الولايات المتحدة معارضتها لتطبيع العلاقات مع دمشق.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "لا نعتقد أنه ينبغي منح سوريا دخولًا جديدًا إلى جامعة الدول العربية".
لكن رغم الموقف الأمريكي، فقد جاء الأسد إلى السعودية، ووجوده في القمة يظهر تغيرًا جذريًا في الاتجاه فيما يتعلق بالشخص الذي وصفه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بـ "الحيوان" بعد استخدام الأسلحة الكيماوية في عام 2018، وهو ما نفاه الأسد.
بالكاد غادر الأسد سوريا منذ اندلاع الحرب عام 2011، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2022 تركها فقط لإيران وروسيا، وصل العام الماضي إلى الإمارات العربية المتحدة، وهي أول زيارة يقوم بها إلى دولة عربية منذ عام 2011.
عودة الأسد إلى العالم العربي هي في الواقع اعتراف بانتصاره الفعلي في الحرب الأهلية، وهو إنجاز سجله بفضل المساعدة المكثفة التي تلقاها منذ منتصف العقد الماضي من روسيا وإيران وحزب الله.
لكن على الرغم من ذلك، فإن الحرب لم تنته بعد، ولا يزال الأسد خارج السيطرة في أجزاء كبيرة من سوريا.
وتتمركز القوات التركية في شمال غرب البلاد الذي يسيطر عليه المتمردون، تسيطر المنظمات الكردية على أجزاء من شرق وشمال شرق سوريا، بما في ذلك حقول النفط وتتلقى المساعدة من القوات الأمريكية المتمركزة هناك.
وفي إدلب شمال غربي سوريا، حيث لا يزال الثوار يحكمون، خرجت أمس مظاهرات ضد مشاركة الأسد في اجتماع جامعة الدول العربية، وفي بلدة أعزاز الخاضعة لسيطرة التنظيمات الموالية لتركيا، لوح المتظاهرون بلافتات كتب عليها: "سوريا لا يمكن أن يمثلها الاسد المجرم ".
عبّر أبو أحمد مسرين، أحد ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا إلى إدلب ويعيشون هناك الآن في ظروف غير إنسانية، عن إحباط كبير من الدول العربية، متهمًا إياها بقبول "إرهابي" في أذرعها: "كيف يجرؤون على مصافحته". يداه قذرتان فكيف تلوثوا أيديكم؟