التحذير الإسرائيلي لحزب الله

موقع نيوز 1

يوني بن مناحيم


في 21 أيار/مايو، أجرى حزب الله تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في جنوب لبنان، وفي الذكرى 23 لانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وزعت إدارة العلاقات العامة في حزب الله مئات الدعوات على الصحفيين اللبنانيين والأجانب للحضور لتغطية التدريبات.

كانت المناورة نوعا من استعراض القوة والعضلات من قبل حزب الله، وفرصة لإعلان نيته تدمير "إسرائيل" من خلال الاستراتيجية الإيرانية "توحيد الساحات" التي وضعها الجنرال قاسم سليماني.

قدم مقاتلو حزب الله سيناريو التسلل إلى الـ"أراضي الإسرائيلية" والسيطرة على موقع للجيش الإسرائيلي أو مستوطنة إسرائيلية وخطف جنود، كما تضمنت التدريبات عرض قاذفات صواريخ وطائرات بدون طيار متعددة، لكن لم تستخدم طائرات بدون طيار أو صواريخ متطورة من قبل حزب الله.

يشير اسم المناورة العسكرية "نقسم بالعبور" إلى الرسالة التي حاول حزب الله إيصالها إلى "إسرائيل"، قصده اختراق الـ"أراضي الإسرائيلية"، أي أن المعركة القادمة بين "إسرائيل" وحزب الله لن تكون في جنوب لبنان بل في "إسرائيل".

و ألقى رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، هاشم صفي الدين، كلمة خلال المناورة أطلق فيها تهديدات لـ"إسرائيل" وزعم أن رسالة المناورة موجهة إلى العدو الصهيوني بأن المقاومة لا تتعب ولا تتراجع رغم الضغوط السياسية والحصار الاقتصادي، وحذر "إسرائيل" من محاولة تغيير قواعد اللعبة، كما هدد بإطلاق صواريخ دقيقة وأسلحة أخرى على "إسرائيل".

يحاول حزب الله شن حرب نفسية ضد "إسرائيل" لأنه مستعد للتوغل في عمق "إسرائيل" في المعركة القادمة واحتلال أجزاء من الجليل، ولأنه سيحاول تحدي أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، "القبة الحديدية" و "مقلاع داود" "باستخدام صواريخ وطائرات بدون طيار.

وكان حزب الله قد أطلق العام الماضي 4 طائرات مُسيّرة غير مسلحة باتجاه منصة غاز "القرش" لإيصال رسالة لـ"إسرائيل" بخصوص حقوق لبنان في المياه الاقتصادية.

يرى مسؤولون أمنيون كبار في "إسرائيل" أن هذه المناورة هي استمرار لتحدي حزب الله لـ"إسرائيل" في أعقاب حادثة تسلل أحد عناصر حزب الله إلى الـ"أراضي الإسرائيلية" وتفجير عبوة ناسفة كبيرة في منطقة مجدو.

أجرى حزب الله المناورة أمام وسائل الإعلام لإبداء ثقة كبيرة بالنفس في قدراته العسكرية بعد عملية "درع وسهم" في قطاع غزة، والتي اغتال خلالها الجيش الإسرائيلي على كامل النخبة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي من أجل إظهار "إسرائيل" أنها لا تخاف منه وترفع المعنويات بين أعضاء المحور المقاومة ضد "إسرائيل" بقيادة إيران.


التحذير الإسرائيلي..

تظهر "إسرائيل" ثقة بالنفس بعد تهديدات حزب الله التي ارتكبت بالفعل خطأ فادحًا في عام 2006 واختطفت جنديين إسرائيليين على الحدود مع "إسرائيل" وأحدثت كارثة كبيرة على لبنان.

حسن نصرالله -نفسه- اعترف في نهاية حرب لبنان الثانية بأن الاختطاف كان خطأ، ولو كان يعلم أن ذلك سيؤدي إلى الحرب لما اتخذ هذه الخطوة، لكن يبدو أن نصر الله يشعر الآن بأمان أكبر، رغم أنه لا يزال مختبئًا في مخبئه.

ليجرؤ أكثر ويختبر عزم "إسرائيل" ومدى قوتها بعد مشاكلها الداخلية وبعد العام الماضي تمكن من ثني حكومة لبيد في موضوع حقوق لبنان في المياه الاقتصادية بإطلاق 4 طائرات مُسيّرة على منصة غاز "القرش".

إن حقيقة أنه أرسل هذا العام شخص تسلل إلى الـ"أراضي الإسرائيلية" ووصل بقنبلة قوية عند مفرق مجدو وأعطى الضوء الأخضر لحماس لإطلاق صواريخ على "إسرائيل" من جنوب لبنان خلال شهر رمضان، هو تحذير لـ"إسرائيل" أنه مستعد مرة أخرى لأخذ رهانات خطيرة على حساب الدولة اللبنانية.

قال رئيس شعبة الاستخبارات، اللواء أهارون حليفا، في 22 مايو في مؤتمر "الرؤية والاستراتيجية في عصر عدم اليقين" في جامعة رايخمان، إن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله "يقترب من ارتكاب خطأ من شأنه أن يؤدي إلى تدهور المنطقة إلى حرب كبرى".

وأضاف، للأسف، أن "قصة الشخص في مفترق مجدو ليست وحيدة"، وأكد: "لا تخطئ معنا، نحن مستعدون لاستخدام القوة، استخدام القوة من كل من لبنان وسوريا يمكن أن يؤدي إلى تصعيد وصراع واسع النطاق بين "إسرائيل" وبين حزب الله ولبنان".

كما أشار رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، إلى حزب الله في 23 أيار/مايو، وحذر من أن "تعزيز حزب الله في لبنان يشكل تحديًا كبيرًا، وأن على "إسرائيل" أن تفكر في مبادرة يمكن أن تحقق ميزة".

أنشأ حزب الله قوته الخاصة التي أطلق عليها اسم "قوة الرضوان" ومهمتها اختراق الـ"أراضي الإسرائيلية" واحتلال قواعد للجيش الإسرائيلي والمستوطنات وأخذ رهائن، وبحسب مسؤولين أمنيين يمكنه إطلاق حوالي 3000 صاروخ في اليوم على "إسرائيل"، فلديه خبرة قتالية نتيجة الحرب الأهلية في سوريا، شارك مقاتلوه في المعارك وساعدوا الرئيس بشار الأسد على استعادة سيطرته على معظم أنحاء سوريا.

يجب أن تؤخذ كلمات اللواء أهارون حاليفا على محمل الجد، فقد تكون لديه معلومات عن استفزازات إضافية يخطط لها حزب الله ضد "إسرائيل"، وبالتالي اختار تحذيره، وزع الجيش الإسرائيلي منشورات تحذيرية في جنوب لبنان من اقتحام محتمل لـ"لأراضي الإسرائيلية".

حسن نصر الله غير مهتم بحرب أخرى في لبنان، ولا مصلحة له في حرب شاملة، يعرف أن الضربة التي ستوجهها "إسرائيل" عليها ستكون قاتلة بينما لبنان في أزمة عميقة، لذلك من المهم للغاية أن "إسرائيل" تحافظ على ميزان ردع ضد حزب الله، كما فعلت مؤخرًا ضد حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، عليها أن تأخذ زمام المبادرة وتفاجئه بطريقة متطورة في لبنان إذا حاول تغيير قواعد اللعبة المتبعة حتى اليوم.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023