هآرتس

ترجمة حضارات

منذ ما يقرب من عامين، في سبتمبر 2021، قُتل رجل يبلغ من العمر 25 عامًا برصاصة خلال حفل زفاف روتيني في الطيبة، وفي نفس اليوم، قتل شاب عربي آخر، وأثارت قرب القضايا، مع وقوع إطلاق النار في حفل زفاف، غضب الشباب والشابات في المجتمع العربي. كانت من أصعب الليالي التي يتذكرها المواطنون العرب حتى الآن، بعد ذلك، نشأ احتجاج افتراضي على الشبكات الاجتماعية تحت هاشتاج #حياة_العرب_مهمة، وجرت تغطية إعلامية عربية كبيرة لهذا الهاشتاج.

كانت هذه أيام حكومة التغيير، واستمعت الأخيرة إلى الأصوات واتخذت إجراءات: عضو الكنيست يوآف سيجلوفيتش، نائب وزير الأمن الداخلي في ذلك الوقت، قبل منصب المسؤول عن مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، وعرض خطة طوارئ "الطريق الآمن" لوقف تصاعد الجريمة. أعطى هذا الأمل للشباب العرب الذين شعروا أن صراخهم قد سُمع، وفي تلك الفترة كان هناك انخفاض بنسبة 15٪ في عدد القتلى، في اليوم الذي قُتل فيه خمسة أشخاص في حادثة واحدة، قُتل شخص آخر في حادثة أخرى وأصيبت فتاة تبلغ من العمر ثلاث سنوات بجروح خطيرة في حادثة ثالثة، لم يعد بإمكاننا الحديث عن الأمل.

واضح للعرب في إسرائيل أن حياتهم ليست بنفس الأهمية التي أرادوا تصديقها، والتوق إلى أن أصحاب القرار لن يتخلوا عنها بعد زوال حكومة نتنياهو. حكومة الدمار والسمية لم تدع مجالا للشك في أنها تنوي التخلي عن العرب في أيدي منظمات الجريمة والعنف، دون ذرة من الرعاية والرحمة. هذه هي الحكومة التي يقول فيها المفوض كوبي شبتاي في محادثة مغلقة لوزير الأمن القومي إيتمار بن جفير: "إنهم يقتلون بعضهم البعض، هذه هي عقلية العرب".

شبتاي ليس الوحيد الذي يعتقد ذلك، الفكرة القائلة بأن المواطنين العرب هم المسؤولون عن وضعهم الحالي لأن جرائم القتل "جزء من ثقافتهم" هي أكثر أشكال التحيز شيوعًا بين الإسرائيليين، وعلى الرغم من كل شيء، خرج العرب مرارًا وتكرارًا للتظاهر والتوسل للاستماع إلى محنتهم، بدءًا من مظاهرات مجموعة من الأمهات من أجل الحياة إلى صراخ النشطاء العرب وأنشطة الجمعيات الأهلية. أُجريت تحقيقات على صفحات هذه الجريدة وفي وسائل إعلام أخرى، وتمت مقابلة أمهات رأين قتلة أطفالهن بأعينهم، واتصلن بالشرطة، لكن القتلة لم يُقبض عليهم. في الوقت نفسه، لا تنجح الشرطة بمحاربة الاستخدام غير المشروع للسلاح في المجتمعات العربية، وفشلت في كسب ثقة الجمهور العربي.

في يوليو 2022، صنع المخرج بلال يوسف فيلمًا وثائقيًا يصف الواقع الكئيب للحياة في ظل الموت، رافق أمهات القتلى، وتحدث مع الخبراء ورافق المتظاهرين في الشوارع لتوضيح عمق الخوف واليأس في المجتمع العربي، وحتى بعد هذا الفيلم، لم يحدث شيء. بالنسبة للإسرائيليين، لا تزال عمليات القتل "جزءًا من ثقافة" المواطنين العرب. كم هو سهل على شخص لم يواجه خطرًا حقيقيًا على حياته من قبل، أو إطلاق النار على منزله في منتصف الليل أو التهديد بالقتل الذي أجبره على نقل مكان إقامته، ليقول "هذا جزء من ثقافهم"، يزيل هذا القول كل المسؤولية عن الدولة والشرطة، ويتجاهل بشكل منهجي العوامل العميقة التي أدت إلى زيادة الجريمة والعنف.

خمسة قتلى في حادثة واحدة يجب أن تضع الدولة بأكملها على قدميها؛ لكن ليس في دولة إسرائيل، حيث تستحق حياة العرب مثل قشر الثوم، وصراخ الشباب والشابات غير مسموع و لا يكترث لها. لا يوجد شيء أكثر إحباطًا من هذا الشعور بالعجز، عندما يتلاشى الأمل في العيش بأمان، المتحدث باسم الشرطة إيلي ليفي بعد إطلاق النار في يافة الناصرة قال إنه "إلى جانب المأساة والكارثة، هناك نجاحات عديدة للشرطة". لا داعي لذكر أن إدارة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي (سيف) قد فشلت فشلاً ذريعاً، ولم تحدث أي تغيير في الشعور بالأمن الشخصي للمواطنين العرب.

لا بن جفير ولا المفوض ولا المتحدث باسم الشرطة يفهمون قوة جرائم القتل اليوم وعواقبها على الشباب في المجتمع العربي. ما هي الشجاعة التي يتطلبها الخروج من المنزل وإطلاق النار على خمسة أشخاص حتى الموت؟ صفر شجاعة. فقط هناك شيء واحد يحفز القتلة: فهم أنهم لن يُقبض عليهم، وأنهم لن يعاقبوا بسبب سياسة الشرطة، وهذا ما يدفع القتلة لمغادرة منازلهم مرة بعد مرة والاستمرار في ارتكاب الجرائم: حقيقة أنه في دولة إسرائيل لا قيمة لحياتي.