خطوتان للأمام وخطوة للوراء: تطبيع بوتيرة سعودية

يسرائيل هيوم

البرفسور غيال سيزر

ترجمة حضارات


لقد غادر قطار السلام الإسرائيلي السعودي المحطة منذ فترة طويلة وانطلق في طريقه، لكنه يتحرك بوتيرة سعودية، خطوتان إلى الأمام وخطوة إلى الوراء، ولا يزال من غير الواضح متى سيصل إلى وجهته بالضبط.

السعوديون، الحذرون في طريقهم، يتحدثون بصوتين، يعبرون عن دعمهم ويأملون أيضًا في تطبيع علاقاتهم مع "إسرائيل"، كونهم حجر الزاوية في الجهود المبذولة لضمان الاستقرار في المنطقة، لكنهم في الوقت نفسه طرحوا قائمة الشروط التي تجعل تعزيز العلاقات بين البلدين صعباً، إن لم يكن مستحيلاً.

في الوقت نفسه، يبدون عناقًا حارًا لاعضاء محور الشر في الشرق الأوسط، بدءًا من سوريا وانتهاءً بإيران، التي جددوا معها العلاقات الدبلوماسية مؤخرًا بعد انقطاع طويل.

لكن على الرغم من الضبابية والغموض، فإن السؤال المطروح ليس ما إذا كان السلام الإسرائيلي السعودي ممكنًا، أو حتى مرغوبًا فيه. لطالما عبر السعوديون عن هذا.

السؤال هو ما مدى سرعة حدوث ذلك، إنها حقيقة أن العلاقات بين البلدين تتقدم ببطء، لكن الزخم مستمر.

وهكذا، على سبيل المثال، يسمح السعوديون لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق في سماء المملكة، وسرعان ما سيتم تشغيل خط طيران مباشر بين البلدين لنقل الحجاج إلى مكة خلال موسم الحج.

وما لا يقل أهمية هو أن التعاون والحوار في المجالات الأمنية مستمران على مسارهما الخاص، ومنفصلين عن الدبلوماسية العامة المتعثرة.

صحيح أن الأمل في انفراج سريع في العلاقات بين البلدين خيب أمله، وبدلاً من سفارة إسرائيلية تم افتتاح سفارة إيرانية في العاصمة السعودية.

ومع ذلك، من وجهة نظر السعوديين، لا تناقض في ذلك، لأن تجديد العلاقات مع إيران لا ينبغي أن يأتي على حساب تجديد العلاقات مع "إسرائيل"، بل على العكس، قد يسهل التحرك في هذا الاتجاه.

لا يزال السعوديون ينظرون إلى إيران على أنها تهديد وجودي ولا يثقون بها، لكنهم يفضلون إدارة التنافس معها بينما يحافظ البلدان على العلاقات الدبلوماسية بينهما، وليس من حالة المواجهة المفتوحة.

بعد كل شيء، عندما هاجم الإيرانيون ناقلات النفط والمنشآت السعودية في السنوات الأخيرة، تُرك السعوديون وشأنهم.

تجنبت واشنطن مساعدتهم، ولا رغبة للسعوديين في العودة والإنجرار وحدهم إلى مواجهة مع طهران.

لكن مثل الإمارات، التي تحافظ على علاقات ودية مع بشار الأسد والإيرانيين، وفي الوقت نفسه تعزز العلاقات مع "إسرائيل"، لا ترى المملكة العربية السعودية أي تناقض بين الاثنين.

لكن عليمت أن نتذكر أنه لا توجد وجبات مجانية في الشرق الأوسط، والسعوديون يتوقعون شيئًا في المقابل، المشكلة هي أنه من المفترض أن تدفع الولايات المتحدة ، على الأقل جزء من الثمن، لكن واشنطن لا تظهر أي حماس للقيام بذلك.

يواصل الأمريكيون انتقاد النظام السعودي لانتهاكه حقوق الإنسان، وليسوا متحمسين لتزويد السعوديين بأسلحة متطورة، أو حتى الترويج لبرنامج نووي سعودي.

الأمور ستكون حساسة، وحقيقة أن "إسرائيل" تغرق في مشاكلها في الداخل لا تساعد، فلكن يجب ألا نتخلى عن المملكة العربية السعودية.

إنها دولة محورية مهمة، وربما حتى أهم دولة عربية اليوم في الوطن العربي، إن السلام الإسرائيلي السعودي سيعلن نهاية الصراع العربي الإسرائيلي، وفي نفس الوقت سيوجه ضربة قاضية لنضال الفلسطينيين في "إسرائيل".

السعوديون، مثل الدول العربية الأخرى، ضاقوا ذرعا بالفلسطينيين. لكن بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن قيادة العالم الإسلامي وحكامه ملزمون بالاستماع إلى أصوات في الداخل، من الرأي العام ومن المؤسسة الدينية السعودية، وهو ركيزة مهمة في بناء هذا البلد.

ومن هنا الحذر الشديد وحتى الخوف من الانهيار، وبصرف النظر عن ذلك، على عكس الأردن أو المغرب، اللذان حافظا على علاقات وحتى حوار أمني حميم مع "إسرائيل" لعقود من الزمان، في الحالة السعودية لا يوجد تقليد للعلاقات بين البلدين يمكن الاعتماد عليه.

لا ينبغي أن نتفاجأ إذا علمنا بحدوث انفراج بين تل أبيب والرياض بعد كل شيء، لكن من المرجح أن نتوقع تقدمًا حذرًا، وإبهامًا على الجانب، وبعد كل هذا سيأتي السلام بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023