هآرتس
حنين مجادلة
ترجمة حضارات
في الهجوم الوحشي الذي شنه المستوطنون على قرية ترمسعيا أمس، استشهد عمر أبو القطين، 27 عامًا، فلسطيني متزوج وأب لطفلين.
سمع عمر من عائلته وجيرانه أن مستوطنين يتسهار يهاجمون القرية، وترك كل شيء وتوجه إلى وسط المواجهات لصد المستوطنين الذين قاموا بأعمال شغب دون عوائق، أحيانًا تحت أعين الجيش وأحيانًا تحت غطاء الجيش، استشهد عمر وهو يدافع عن منزله.
وبحسب تقارير فلسطينية، فإن زوجة عمر وطفليه مواطنون أمريكيون، وكان بإمكانه أيضًا الحصول بسهولة على الجنسية الأمريكية.
هذا ليس غريبًا في القرية، يعيش هناك حوالي عشرة آلاف ساكن، نصفهم تقريبًا مواطنون أمريكيون يعيشون هناك أيضًا لجزء كبير من وقتهم، لكن الجنسية الأمريكية لا تحمي من الموت العنيف على يد قوات الاحتلال، وليس من المؤكد أنه كان من الممكن أن ينقذه من الموت البارد، كما حدث لعمر آخر، عمر عبد المجيد أسعد، الفلسطيني الأمريكي البالغ من العمر 80 عامًا والذي تركه الجنود من وحدة كفيرليموت في مبنى مهجور.
فضّل أبو القطين العيش هنا والعمل هنا بدلاً من الهجرة. بالأمس كلفه ذلك حياته.
وعادة ما (يُقتل) يستشهد الفلسطينيون على أيدي الجيش الإسرائيلي أو احرس الحدود أو الشرطة، هذا امر طبيعي، ولا أحد يعترض على ذلك.
ومع ذلك، فإن المذابح الجماعية لليهود في الفلسطينيين وعلى الممتلكات الفلسطينية هي في الواقع النكبة الجديدة، ما حدث للفلسطينيين عام 1948 يعيد نفسه الآن ولكن في صورة حرب بين المستوطنين والمواطنين.
حتى في ذلك الحين كان الفلسطينيون بلا جيش ولا سلاح ولا دفاع، ولكن على الأقل مع وطن ومنزل. اليوم هم في "الوطن" لكنهم يخضعون لحكم عسكري أجنبي معاد، محرومون من أي حماية وأمن وحكم خاص بهم.
وهم يتعاملون منذ سنوات مع الحرائق وقطع المستوطنين لبساتين الزيتون الخاصة بهم، ومضايقة قطعان الماشية، وعمليات "دفع الثمن" والاستيلاء على أراضيهم.
عبارات مثل "الحكومة لا تعرف ماذا تفعل بالمستوطنين وفي نفس الوقت المستوطنون يعتنون بأنفسهم" هي هراء.
المستوطنون هم الذراع المنفذة لسياسة مدروسة، لو أرادت الدولة حقاً منعهم من حرق منازل في حوارة وقتل سكان ترمسعيا، لكان بإمكانها فعل ذلك، كان من الممكن أن ترسل قوات إلى هناك بالقدر الذي أرسلته للتعامل مع الاحتجاجات الدرزية في الجولان، ولم يتم حرق حوارة أو ترمسعيا، لكن "إسرائيل" تريد حرقهم، أعزائي الديموقراطيين، توقفوا عن طرح أشياء مضحكة مثل "أين كانت الشرطة أو الجيش الإسرائيلي في حوارة أو في ترمسعيا"، يكفيكم هذا الغباء.
وقبل عامين، قام مستوطنون من مستوطة يتسهار، بالتعاون الكامل مع الجنود، بنهب عدة قرى في الضفة الغربية، وحتى الجنود لم يغضوا الطرف بل شاركوا في الاحتفال.
بالأمس ذكر مراسل القناة 11 العبرية كرمل دانغور أن "ناشطين من يتسهار" قطعوا الكهرباء عن سكان قرية عوريف المجاورة، ما هو تفسيرهم؟ أن "الضغط المدني" فقط على بيئة المقاومين سيحدث التغيير.
وبإمكان المستوطنين حرق ترمسعيا، وفصل عوريف عن الكهرباء، وإنشاء بؤرة استيطانية غير قانونية خلال يوم واحد، والدولة "ليس لديها ما تفعله حيال ذلك".
في المقابل، لا يستطيع الفلسطينيون حتى الاتصال بالشرطة عندما يتعرضون للهجوم بالعنف والإرهاب، وعندما يخرجون للدفاع عن منازلهم بأنفسهم، يقتلهم ضباط الشرطة. إنه ليس فصل عنصري، إنه أسوأ من تفرقة عنصرية.
الخيار واضح: إما أن تكون هناك دولة ديمقراطية لجميع مواطنيها، أو تحترق القرى العربية.
الفلسطينيون سوف يفرون من بيوتهم أو يقتلون على يد المستوطنين وتحت رعاية الجيش (أو العكس)، وستكون هناك نكبة ثانية مجيدة.