العيد يرسمُ النصرَ في جنين

إسلام حامد

باحث وأسير فلسطيني

بقلم/ إسلام حسن حامد


إلى جنين ومخيمها كل عام وأنتم أهل الانتصار والمقاومة.

في الطريقِ إلى وادي برقين، خروجاً من المخيم، تداعبك نسمات خفيفة تتحرك مع مسار الكون بإتزان، تقف أمامك في سكون المشهد كأنها شجرة الطور المقدسة، محرمة على غير المهتدين.

تجدها باسقة من العدم، شجرة (الكينا) الكبيرة، عجوز تظلل مقبرة الشهداء، تحنو عليهم، وتمدُ إليهم شريان الحياة من هوى المخيم.

منتصبةً في مكانها من الأزل إلى الأزل، تذكر كل من عبروا من تحتها أن من خلفي قبور الشهداء تحييكم، تركوا للوالهين في المخيم علامات تُزين بالشواهد أسماء أرواحٍ سُجِّيَتْ، في برزخها نحو الجنة.

لا تغفل عن حقيقة  الشجرة، فهي الشاهد على كل من رحلوا ،وتركوا السيوف مسلولة، تحكي عن معارك ضارية، هاج التكبير فيها، فانتصر أهل الحق على الباطل (فيدمغه فإذا هو زاهق).

لا حزن اليوم، فها هي قوافل السائرين تلتحق بالسابقين، مشاعلٌ من نور تحيط بالبيت المقدس، وتردد التهليل والتكبير مع النفير، عالياً في المأذن والقبابِ السامية، أو عند سفح الجبل في الجابريّات لا يضرها كل دونٍ فهو دون، أو ناكص عن الركب ملعون.

يتقدم المخيم بارزاً من بين ركام الهالكين ، يسند بعضه بعضاً، ويعمّر حطامَ أحلام المجاهدين ، يقف متمترساً خلف أجساد الشهداء، وأنين الجرحى وآهات المكلومين، تنتشر بين المداخل والمخارج.

تنظر للقدس من مكمنها، وريح البارود ينعش الذوات المكسورة تنتشي في عشق السواعد القوية، والأيادي الصلبة، ترفض الخضوع أو الإستسلام وهي تحمل الطويلة السمراء.

ثم يردد المخيم كل عام وأنتم بخير، وإلى القدس أقرب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023