ما مستقبل السلطة الفلسطينية؟

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات



أطلع مسؤولون أمنيون في "إسرائيل" وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن السلطة الفلسطينية تفكر في إعلان إفلاسها المالي بسبب الوضع الصعب الذي وجدت نفسها فيه، هذه هي السلطة الفلسطينية التي أعلن محمود عباس "إنجازا وطنيا كبيرا" للفلسطينيين.

 من ناحية أخرى، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو مؤخرًا بشكل صريح وواضح في عدة مناسبات أن "إسرائيل" تعمل على تقوية السلطة الفلسطينية ولا تريدها أن تنهار.

وتمارس الإدارة الأمريكية ضغوطًا شديدة على "إسرائيل" حتى لا تسمح للسلطة الفلسطينية بالانهيار لأن ذلك قد يؤدي إلى إلغاء خيار حل الدولتين.


كما تطالب "إسرائيل" بعدم شن عملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربي من أجل تفكيك المجموعات المسلحة التي نشأت في شمال الضفة والبنية التحتية التي أقامتها، رغم استمرار العمليات.


وتقدر الإدارة أن مثل هذه العملية، مع استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلية، ستسرع من انهيار السلطة الفلسطينية التي أقيمت بعد اتفاقات أوسلو عام 1993.

وبحسب معطيات فلسطينية، استشهد منذ بداية العام وحتى الآن 176 فلسطينيا في الضفة الغربية، كما يعد استمرار العمليات في الضفة الغربية، وعدم قدرة السلطة الفلسطينية على محاربة المقاومة للقضاء على الجماعات المسلحة التي نشأت في العامين الماضيين، وعلى الرغم من وضعها الاقتصادي الصعب؛ فهي تواصل دفع رواتب الشهداء وعائلاتهم والتحريض ضد "إسرائيل" من خلال نظامها الإعلامي والتعليمي.

وتستعد "إسرائيل" بالفعل لليوم الذي يلي تنحي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن المسرح السياسي، إذا استمر الوضع الأمني الحالي في الضفة الغربية، فسيكون من الصعب جدًا إجراء انتخابات عامة للرئاسة والبرلمان الفلسطيني.


يعد اتفاق أوسلو ميتًا بشكل عملي، ولا يوجد أفق سياسي حاليًا، وقد أعلن رئيس الوزراء نتنياهو قبل أيام قليلة معارضته الحازمة لإقامة دولة فلسطينية، ولحظة الحقيقة تقترب وقد تضطر "إسرائيل" للقيام بذلك، على الرغم من جهودها ستنهار السلطة الفلسطينية مع ذلك، ما دامت السلطة الفلسطينية تحارب المقاومة، كان هناك سبب وجيه لدعم "إسرائيل" له وتقويتها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل السلطة الفلسطينية في حالتها الحالية مكسب لـ"إسرائيل" أم عبء؟


بدورها تحاول تنظيمات حماس والجهاد الإسلامي، بتشجيع من إيران، بتحويل الضفة الغربية إلى جبهة جديدة ضد "إسرائيل" على غرار قطاع غزة من خلال إقامة ورش إنتاج صواريخ ومختبرات لإنتاج عبوات ناسفة كبيرة، فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها الأمنية على شمال الضفة الغربية وعلى "إسرائيل" واجب وقف هذه العملية.


ومع ذلك، إذا شرعت "إسرائيل" في عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية ضد البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية؛ فسيتعين عليها تسليم المنطقة مرة أخرى لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، التي ليس لديها دافع لمحاربة المقاومة، وقد تتكرر ظاهرة المقاومة نفسها في غضون بضعة أشهر.

ويقول مسؤولون كبار في فتح إن السلطة الفلسطينية لن تحارب المقاومة؛ لأن قادة حركة فتح المتنافسين في معركة الخلافة لخلافة محمود عباس يحتاجون إلى دعم الجماعات المسلحة في الضفة الغربية ولن يدخلوا في صراع ضدهم.  


ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرر في هذه المرحلة مواصلة دعمه للسلطة الفلسطينية والاستجابة للمطالب الأمريكية، ويقول مسؤولون أمنيون كبار إن رئيس الوزراء غير مهتم بإعادة الإدارة المدنية الإسرائيلية إلى رام الله لتدير الحياة اليومية لأكثر من 3 ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية.

 في تقييم هذه الجهات، سيتعين على "إسرائيل" تقديم بعض الأفق السياسي للفلسطينيين في الضفة الغربية في العام المقبل، وسوف يمارس المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضغوطًا سياسية عليها للقيام بذلك، خاصة إذا فاز الرئيس بايدن بولاية ثانية.

"إسرائيل" بحاجة إلى توخي الحذر الشديد في حالة حدوث فوضى أمنية في جميع أراضي الضفة الغربية، وهذه وصفة مثبتة لزيادة المقاومة بطريقة ستلزم إسرائيل بإعادة احتلال المناطق "أ".

ويجب أن نتذكر أنه في الضفة الغربية يعيش حوالي نصف مليون مستوطن يتحركون على طول الطرق الرئيسية ويجب على الجيش الإسرائيلي الحفاظ على سلامتهم، وإن انهيار السلطة الفلسطينية وتحويل أراضي الضفة الغربية إلى بؤرة لنشاطات العناصر المسلحة، وفق وجهة النظر الإيرانية، هو تحرك يهدد "إسرائيل" بشكل كبير، ومن هناك الطريق إلى العمليات المعادية داخل أراضي "إسرائيل" نفسها قصيرة جدا.


"إسرائيل" واقعة في فخ في هذه المرحلة، والحفاظ على السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي هو الأقل شرًا، وانهيار السلطة الفلسطينية هو خيار أكثر صعوبة لـ"إسرائيل" وعليها أن تفعل كل شيء للحفاظ على حكم محمود عباس.

"إسرائيل" تحاول بالفعل كسب الوقت، طالما استمر محمود عباس في منصبه، فإن رحيله عن المسرح السياسي قد يؤدي قريبًا إلى إحداث فوضى في الأوراق مرة أخرى، وحركة حماس تنتظر بهدوء على الهامش وتبحث عن الفرصة الأنسب لمحاولة السيطرة على السلطة الفلسطينية كما فعلت في قطاع غزة، ولا خيار أمام "إسرائيل" سوى تأجيل القرار بشأن مستقبل السلطة الفلسطينية في الوقت الحالي، ومن المحتمل أن يتم اتخاذ القرار فقط بعد تنحي محمود عباس عن المسرح السياسي، وعندما يتضح من هو خليفته القانوني، القرار بشأن مستقبل السلطة الفلسطينية يأتي مرة أخرى على باب الحكومة الإسرائيلية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023