هآرتس
ترجمة حضارات
توقعت المنظومة الأمنية مقاومة أكبر، لكنها تأمل أن يشكل الدخول إلى جنين قوة ردع، ويرى الجيش أن البقاء في المخيم كان نجاحًا، لكنه واجه صعوبة في الوصول إلى كل الأسلحة الموجودة على أراضيه وخفض التوقعات بشأن العواقب، وقال مصدر أمني: "هذه ليست عمليات اغتيال في غزة، فهي لا تؤثر على الواقع".
اعتقدت المنظومة الأمنية أنه من الممكن إنهاء العملية في جنين في وقت مبكر من صباح يوم (الثلاثاء)، إلا أنه بعد تقييم الوضع الذي قام به المسؤولون الأمنيون أمام المستوى السياسي، تقرر استمرار النشاط في مخيم اللاجئين لفترة أطول، في محاولة لتحقيق المزيد من الإنجازات التي من شأنها أن تسمح لهم بضرب المزيد من العناصر "الإرهابية".
وقدرت المؤسسة الأمنية في بداية العملية وجود قرابة 300 مسلح في المخيم شاركوا في حوادث إطلاق نار مختلفة، من بين هؤلاء، تم تحديد قرابة 160 فقط من قبل الشاباك كأهداف سيتم الوصول إليها في العملية، تم اعتقال قرابة 30 هدفًا استخباراتيًا للاستجواب، وتم استجواب وإطلاق سراح مائة فلسطيني آخرين يعيشون في المخيم. وتوقعت المؤسسة الأمنية عددًا أكبر، بالإضافة إلى أن المعتقلين لا يعتبرون من كبار النشطاء.
بالإضافة إلى ذلك، فوجئ الجيش أيضا بالقتال الضئيل مع المسلحين في المخيم، فمنذ بداية العملية، وقع قرابة 20 إطلاق للنار على القوات، انتهت باستشهاد 12 فلسطينيًا تتراوح أعمارهم بين 16 و 21 عامًا.
يقول الجيش إن بدء القتال من خلال الضربات الجوية ضلل المسلحين في المخيم، الذين كانوا مستعدين مسبقًا لدخول الجيش، تسبب القصف في اندماج معظم المسلحين في صفوف السكان والخروج باستخدام سيارات الإسعاف وغيرها من الوسائل.
كانت طريقة عمل القوات الأمنية خلال النهار هي مداهمة الأهداف التي أشارت إليها المخابرات على أنها تلك التي يجب فحصها لمعرفة ما إذا كانت تنتمي إلى عناصر "إرهابية" أو بنى تحتية "إرهابية"، مع محاولة تقليص الاحتكاك بين القوات وبين السكان، وتحقيقا لهذه الغاية، يقول الجيش، فُتح نوع من "الممر الإنساني" لسكان المخيم الذين أرادوا مغادرة منازلهم.
وكان خروج آلاف السكان من مخيم اللاجئين إلى مدينة جنين تحت غطاء أمني، وبافتراض احتمال وجود رجال مسلحين مختبئين بينهم ألقوا أسلحتهم وغادروا المخيم تحت غطاء المغادرة.
واجه الجيش صعوبة في الوصول إلى مئات الأسلحة التي كانت مخبأة على ما يبدو في أماكن مختلفة من المخيم، على الرغم من أنهم رغبوا في إنهاء النشاط بصور مخزون الأسلحة، وما تم الاستيلاء عليه هو بالأساس عبوات ناسفة ذاتية الصنع وأموال يشتبه في استخدامها في "الإرهاب".
يحاولون في المنظومة الأمنية التقليل من حقيقة عدم مقتل أو اعتقال المزيد من النشطاء، ولكن بحسب مصادر رفيعة فيها، تجعل المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها خلال النشاط من الممكن إنتاج صورة أكثر وضوحًا.
حاول الجيش طوال العملية خفض التوقعات. إن تجنب استخدام مصطلحات مثل "العملية" أو "كبار النشطاء" و "البنى التحتية الإرهابية" و "مصانع لتصنيع الذخائر" - على غرار جولات القتال في غزة - يهدف إلى التخفيف من صعوبة التقديم للمستوى السياسي (و لاحقًا أيضًا للجمهور) إنجازات العملية.
وقال مسؤول في المؤسسة الأمنية لصحيفة "هآرتس": "في جنين، لا يوجد ناشطون كبار كما نعرف في غزة، ولا توجد أهداف تديرها منظمات كبيرة".
وبحسبه، فإن "هؤلاء مسلحون وجدوا مخيم جنين كمدينة ملجأ، سواء كان مختبئا من الجيش الإسرائيلي أو مختبئا من الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية؛ بسبب نشاط في مدن الضفة الغربية. هذه ليست عمليات اغتيال لمسؤولين كبار في غزة تضر بواقع التنظيمات أو يصعب إيجاد بدائل لهم".
دخل صحفيون الى المخيم في إطار جولة عرضت فيها عناصر الجيش أنشطة القوات، الدمار واضح بالفعل على الطريق المؤدية إلى المخيم، تم تدمير الطرق الرئيسية بواسطة جرافات الجيش الإسرائيلي، تاركة شوارع بأكملها تحولت إلى ممرات رملية.
وقرر الجيش رفع الأسفلت إثر معلومات استخبارية عن عبوات مخبأة تحت الطرق؛ لإلحاق أضرار بمركبات عسكرية يتم تشغيلها عن بعد، على غرار الأضرار التي لحقت بمركبات الأمن المحمية، وتضررت بسبب الجرافات البنى التحتية للكهرباء والمياه في المخيم.
في الميدان يكاد يكون من المستحيل تمييز هؤلاء الالف من المقاتلين الموجودين في المخيم، لأن معظمهم داخل المباني، ولا يتنقل المقاتلون إلا بين الحين والآخر بين المنازل التي تم تحديدها كأهداف استخباراتية.
ومن الناحية العملياتية، استوفى سلوك القوات المتطلبات التي حددها القادة، يقود العملية مقاتلون مهرة من وحدات النخبة في الجيش، ووفقًا للقادة، أدت هذه الحقيقة إلى استخدام محسوب ودقيق للأسلحة، وإلى حقيقة أنه لا يوجد أي ضرر معروف لمن لم يشاركوا.
وخلال الجولة في المخيم، أشارت قوة من "سييرت ناحال" للصحفيين بالتوقف، وبعد ذلك مباشرة سمع دوي انفجار قوي وظهر الدخان من على بعد حوالي 300 متر، وسمع على شبكة الاتصالات أنه قام مقاتلون هندسيون بتفجير عبوات ناسفة، تم ضبط حوالي ألف قنبلة أنبوبية (أكواع) في عدة أماكن داخل المخيم، هذه كمية كبيرة ولكنها وسيلة حرب لا تتطلب الكثير من المعرفة أو المواد الخاصة لإنتاجها بكميات كبيرة، وبالتالي فإن الأضرار التي لحقت بمختبرات المتفجرات والعثور على الشحنات لن يكون لها تأثير على المدى الطويل.
على عكس القواعد العسكرية للتنظيمات في قطاع غزة والمجهزة بأحدث التقنيات وقدرات التحكم، توجد في مخيم جنين غرف بها شاشة تليفزيونية كبيرة تجمع البيانات من عدد قليل من الكاميرات الأمنية البسيطة.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن ذلك هي طريقتهم لتمرير الرسائل بين التنظيمات لكشف القوات الخاصة في المخيم، وعلى الرغم من الأضرار التي لحقت بها، فهذه إجراءات بسيطة إلى حد ما، ومن المرجح أن يتم إصلاحها بمجرد انتهاء القتال.
ويرى الجيش أن الإنجاز الأهم في العملية كان تقويض أمن العناصر المسلحة في المخيم، ومعظمهم من الشباب الذين ولدوا بعد عملية السور الواقي، نشأوا على قصص بطولية لمسلحي المخيم.
واعتقدوا أن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة أو كان يخشى دخول الشوارع الضيقة، وتقدر مصادر المخابرات أن الدخول المكثف إلى المخيم والإقامة المطولة يعد إنجازًا مهمًا سيؤثر أيضًا على العمليات التالية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي أيضًا يعتبر حقيقة أن الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية لم ينضم إلى القتال، وكذلك تجنب حماس والجهاد الإسلامي في غزة التدخل في القتال، يعتبر نجاحًا كبيرًا.