هل سيتم إطلاق سراح الإسرائيلية المخطوفة في إطار تجديد الاتفاق النووي؟

هآرتس

تسيفي بارئيل


نفت ميليشيا "سرايا حزب الله" العراقية، التي تنسب إليها "إسرائيل" اختطاف الباحثة إليزابيث زوركوف، أي صلة لها بعملية الاختطاف، حتى أن المتحدثين باسمها أعلنوا الخميس الماضي أنهم سيبذلون قصارى جهدهم لمعرفة من هم الخاطفين وأين هي.

وبحسبهم، "من المصلحة العامة معرفة من هي هذه العصابة الإجرامية ومن يساعدها على العمل في العراق حيث يحظر دخول العناصر الصهيونية".

كما أعلن رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، أنه أمر بفتح تحقيق لتحديد مكان زوركوف والعثور على خاطفيها.

من الأفضل التعامل مع هذه الرسائل بالشك، السوداني يعرف قضية الاختطاف منذ أيامها الأولى، وبحسب مصادر إسرائيلية، فقد أعطته أجهزة استخبارات غربية وعربية تفاصيل، بما في ذلك مصادر من الإمارات العربية المتحدة وتركيا والولايات المتحدة وروسيا.

لم ينكسر رباط الصمت العام إلا في الأيام القليلة الماضية، بعد نشره على عدة مواقع في الغرب، وبحسب وسائل الإعلام العربية، طُلب من الصحفيين الأجانب العاملين في العراق عدم الإبلاغ عن الاختطاف، وتم فرض الرقابة على وسائل الإعلام العراقية إلى جانب التهديدات بعدم نشر الخبر.

ومع ذلك، لا يوجد تفسير لحقيقة أن الاختطاف لم يتم الإبلاغ عنه على الشبكات الاجتماعية العراقية أيضًا.

وفي حالات خطف سابقة لأجانب جاءت المعلومات خلال ساعات، وعندما تأخر النشر لأيام أو أسابيع، لم يساعد ذلك في إطلاق سراح المخطوفين أو منع موتهم، وفي عمليات خطف سابقة في العراق ودول عربية أخرى، أشار التأخير في النشر إلى اتصال بالخاطفين، بل؛ وحتى مفاوضات معهم.

في حالة تسوركوف، لا يُعرف ما إذا كان هناك أي اتصال مع الخاطفين، باستثناء المعلومات التي وردت عن تلقي "دليل قوي" على أنها على قيد الحياة وأنها في حالة جيدة، لكن حتى هذه الأدلة لا تلمح إلى هوية الخاطفين أو وجود مفاوضات.

سؤال آخر يتعلق بأسباب الاختطاف، في العراق، تم اختطاف صحفيين عراقيين من قبل الميليشيات وكذلك من قبل عملاء المخابرات العراقية الرسمية، على خلفية كتاباتهم النقدية ضد الجهات المسؤولة عن الاختطاف، ففي عام 2016 اختطفت مجموعة من المسلحين، أفراح شوقي، الصحافية والمسؤولة بوزارة الثقافة العراقية.

نقلوها إلى مركز احتجاز صغير، حيث تم استجوابها تحت التعذيب لمدة تسعة أيام، واتهمها خاطفوها بنشر انتقادات لـ "كتائب حزب الله" و "عصائب أهل الحق"، أكبر مليشيات مدعومة من إيران.

شوقي، التي تعيش في فرنسا، قالت إن الميليشيات لديها سجون "خاصة" في كل مدينة ومحافظة، بما في ذلك المنازل الخاصة التي تشبه المساكن وتعمل بالفعل كمراكز اعتقال وغرف استجواب.

قبل ثلاث سنوات، قُتل الباحث العراقي المعروف هشام الهاشمي، وهو أيضًا أحد منتقدي الميليشيات، والذي نشر دراسات حول أنشطتها وتمويلها، وتم القبض على القاتل، وهو ضابط شرطة في شرطة بغداد، وتم إعدامه بالفعل، لكن التحقيق مع المسؤولين عن القتل لم يكتمل.

في العراق، تعتبر عمليات الخطف العشوائية للمواطنين العراقيين من قبل العصابات الإجرامية التي تسعى للحصول على فدية عالية "مقبولة"، لكن قضية تسوركوف على ما يبدو ليست كذلك؛ فميليشيا "كتائب حزب الله" ليست بحاجة إلى المال، وهي تتلقى تمويلها الرئيسي من ميزانية الحكومة العراقية، وخصصت هذا العام نحو 2.6 مليار دولار، بزيادة 600 مليون دولار عن العام الماضي، لجميع الميليشيات التي يتألف منها "الحشد الشعبي" - الذي يضم نحو 67 ميليشيا شيعية، و 43 ميليشيا سنية، وتسع ميليشيات من الأقليات العرقية.


تأسست هذه التعبئة في عام 2014 بناء على طلب من كبير علماء الدين الشيعة في العراق علي السيستاني لمحاربة داعش، ولكن مع نهاية الحرب، أصبحت الميليشيات قوة عسكرية مدمجة في الجيش العراقي، وهي من الناحية النظرية تابعة للجيش العراقي في وزارة الدفاع.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد هذه الميليشيات يتراوح بين 170 و 230 ألف شخص، لكن هذه الأرقام بعيدة عن الواقع؛ فآلاف المقاتلين المسجلين فيها غير موجودين إطلاقاً، وتسجيلهم يهدف إلى زيادة ميزانيتهم.

علاوة على ذلك، تحافظ الميليشيات الكبيرة، المكونة من تنظيمات صغيرة، على اقتصاد مستقل من خلال "البنوك" التي تقرض المواطنين بأسعار فائدة منخفضة، وتدير المشاريع الاقتصادية وتستحوذ على العقارات، كل هذا بالإضافة إلى التمويل العسكري الذي يتلقونه من إيران.

يمكن للمرء أن يفترض أنه إذا تم اختطاف تسوركوف من قبل ميليشيا صغيرة أو عصابة أرادت الحصول على فدية، فإن القصة كانت ستنتهي منذ فترة طويلة، ولكن الافتراض هو أن الخطف كان يهدف إلى خدمة هدف سياسي للميليشيا أو إيران أو كليهما، وبالتالي، سيكون من الصعب على رئيس وزراء العراق -وهو أيضًا رئيس المخابرات- ومسؤولي المخابرات التابعين له التأثير على إطلاق سراحها، لا سيما على خلفية غضب قادة الميليشيات منه؛ بسبب رفضه لمنحهم مناصب عليا في وحدات المخابرات ومجلس الأمن القومي.

دخلت الولايات المتحدة، في الأسابيع الأخيرة، في مفاوضات غير مباشرة مع إيران، بوساطة حاكم عُمان السلطان هيثم بن طارق، بشأن تبادل الأسرى من الجنسية الأمريكية المسجونين في إيران.

ربما يكمن هنا الطريق المحتمل لإشراك تسوركوف في المفاوضات - لكن من غير المعروف ما إذا كانت إيران، التي لديها "حساب" منفصل مع "إسرائيل"، ستوافق على مناقشة الإفراج عن مواطن إسرائيلي مع واشنطن.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023