هآرتس
جاكي خوري
ترجمة حضارات
التقت فدوى، زوجة المسؤول الكبير في فتح مروان البرغوثي، في الأسابيع الأخيرة مع كبار المسؤولين في العالم العربي ومسؤولين دبلوماسيين في الولايات المتحدة وأوروبا وطلبت منهم العمل من أجل إطلاق سراح زوجها من السجن الإسرائيلي.
وأكدت مصادر مقربة من البرغوثي في حديث لـ "هآرتس" أن سلسلة اللقاءات التي عقدتها فدوى البرغوثي كانت تهدف أيضًا إلى ترسيخ دعم دولي لزوجها باعتباره الشخص الذي سيترأس السلطة الفلسطينية بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي محمود عباس.
والتقت البرغوثي، من بين آخرين، بوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ونائب وزير الخارجية الروسي مايكل بوغدانوف.
ونشرت وزارة الخارجية الأردنية ومصر إعلاناً رسمياً عن الاجتماعات، وكذلك فعل مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية.
ولم تذكر الإعلانات مبادرات أو تحركات عملية للإفراج عن البرغوثي، لكن مجرد وجود الاجتماعات يشير إلى الاهتمام بالتطورات التي أدت إلى تبادل القيادة الفلسطينية.
ويذكر اسم البرغوثي في كل حديث عن هوية الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية، وأعلن في عدة مناسبات أنه ينوي الترشح في أي انتخابات لهذا المنصب.
وفي استطلاعات الرأي التي أجريت في السنوات الأخيرة، تلقى البرغوثي باستمرار دعمًا واسعًا يعبر عنه بأغلبية تزيد عن 60٪ مقارنة بأي مرشح آخر ورد اسمه، وهو يحظى بشعبية خاصة بين جيل الشباب والجيل الأوسط الفلسطيني.
ويقضي البرغوثي حكمًا بالسجن خمسة مؤبدات و 40 عاما أخرى لمشاركته في عمليات ضد "إسرائيل" خلال الانتفاضة الثانية، وتم اعتقاله في عام 2002، خلال عملية السور الواقي، وحكم وأدين بقتل أربعة أشخاص. ثم أعلن البرغوثي أنه لا يعترف بالقانون الإسرائيلي وأنه يعتبر نفسه مناضلاً من أجل الحرية لشعبه.
في الماضي، كان البرغوثي يعتبر قائد التنظيم، الذراع العسكرية لفتح، وكان أحد المطلوبين الإسرائيليين.
يذكر بأن السؤال حول من سيحل محل عباس البالغ من العمر 87 عامًا كان مطروحًا منذ سنوات في الساحة الفلسطينية والإقليمية وكذلك بين الدوائر الدولية.
وبطبيعة الحال، لـ"إسرائيل" أيضًا مصلحة واضحة في معرفة من سيأتي بعده وربما التأثير على القيادة الفلسطينية المستقبلية وتشكيلها.
عباس -الذي يشغل أيضا منصب رئيس حركة فتح ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية- ليس له نائب، وفي الضفة الغربية هناك إجماع على أن القرار الداخلي بشأن هوية من يحل محله سيكون أولا وقبل كل شيء داخل فتح.
ومع ذلك، من دون دعم - حتى ولو ضمنيًا - من الدول المؤثرة في المنطقة، فمن المشكوك فيه ما إذا كان الخليفة سيكون قادرًا على مواجهة العديد من التحديات.
في العام الماضي، بدأ أعضاء فتح في محادثات مغلقة يذكرون اسم نائب رئيس الحركة محمود العالول كمرشح مؤقت سيكون لفترة محدودة كرئيس فلسطيني بعد عباس، ولا يعتبر العالول قادرًا على شغل المنصب بشكل دائم، من بين أمور أخرى لأنه ينظر إليه من قبل الجمهور على أنه جزء من الجيل القديم لفتح، ولأن الحركة تسعى إلى تقديم قيادة جديدة.
فيما يعتقد المحيطون بالبرغوثي أنه إذا أجريت انتخابات في السلطة، فقد يؤدي ذلك إلى ضغوط دولية من أجل إطلاق سراحه حتى لو عارضته "إسرائيل".
وأوضح ناشط في فتح يدعم البرغوثي في حديث لـ "هآرتس" أن هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحاً لإطلاق سراح البرغوثي، لعدم وجود صفقة تبادل أسرى أو تحرك سياسي كبير يمكن أن يؤدي إلى إطلاق سراح مسؤولين كبار من الأسرى.
ومع ذلك، طالما أن عباس على رأس السلطة الفلسطينية، واستمر الخلاف بين فتح وحماس، فإن الانتخابات ليست في الأفق.
يحاول عباس الترويج لخطة تكون فيها جميع الفصائل تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية والاتفاقيات الموقعة مع "إسرائيل"، والتي بموجبها ستتبنى فقط سياسة النضال الشعبي السلمي.
من ناحية أخرى، ترى كل من حماس والجهاد الإسلامي أن كل نضال، بما في ذلك النضال العنيف، هو رد شرعي ومطلوب.
في المحادثات، تم تقديم اقتراح لتشكيل حكومة يتم الاتفاق عليها من قبل جميع الأطراف، لكن فرص ذلك تبدو ضئيلة، لكنهم في رام الله لا يستبعدون إمكانية إجراء تغييرات جوهرية في تشكيل الحكومة، بما في ذلك استبدال رئيس الوزراء محمد اشتيه في المستقبل القريب، من أجل تقديم اتجاه للتجديد في مؤسسات السلطة الفلسطينية.
في عام 2021، قرر عباس تأجيل انتخابات مجلس النواب الفلسطيني، وأعلن أنه لن تكون هناك انتخابات حتى توافق "إسرائيل" على إجرائها في شرقي القدس أيضًا.
ومنذ عام 2006، لم تجر انتخابات في السلطة الفلسطينية. في غضون ذلك، لا يبدي الشارع الفلسطيني اهتمامًا كبيرًا بالساحة السياسية، لكن البعض يخشى أنه بعد وفاة عباس لن يكون هناك اتفاق على من يخلفه، وأن يؤدي ذلك إلى فوضى في الضفة الغربية، حيث تملي المليشيات المسلحة جدول أعمال الجمهور الفلسطيني.
طالما أن حماس غير مستعدة للالتزام بالاتفاقات الموقعة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، فإن عباس يخشى أكثر من تقوية المنظمة في الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، يرفض الطرفان التنازل عن سيطرتهما على المنطقة، كل جانب في ساحته..
وبرزت الخلافات بين الطرفين في الأيام الأخيرة في اجتماعات عقدت في تركيا ومصر بين رؤساء الفصائل الفلسطينية بقيادة عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
التقى الاثنان الأسبوع الماضي برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتقى أمس (الأحد) في العلمين على الساحل الشمالي لمصر في محاولة للترويج لخطة للمصالحة الداخلية والتعاون، وانتهى الاجتماع دون نتائج عملية، لكن عباس أعلن عن تشكيل لجنة مشتركة ستواصل مناقشة الخطوط العريضة المتفق عليها.
وبحسب مصدر شارك في المحادثات، فإن الخلافات بين الطرفين لا تتمحور فقط حول مسألة استمرار سيطرة كل جانب على الإقليم، ولكن أيضًا على الاستراتيجية السياسية.