بايدن ينصب فخ العسل لإسرائيل

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات



قال الجنرال حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، في 1 أغسطس/ آب، إن الولايات المتحدة فقدت مكانتها كقوة عظمى في العالم ولم تستطع تحقيق أي شيء.

وعلى الرغم من أن الكلمات تأتي من فم عدو للولايات المتحدة، إلا أنها تعكس بالتأكيد شعور دول أخرى في الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة قد فقدت مكانتها في الشرق الأوسط بعد الانسحاب المتسرع من أفغانستان، السياسة المتساهلة للرئيس بايدن تجاه إيران وحقيقة أن روسيا والصين استغلتا ضعف الولايات المتحدة، وتعمقا تدخلهما في الشرق الأوسط، وخير دليل على ذلك هو وساطة الصين الناجحة بين السعودية وإيران والتي نتج عنها تجديد العلاقات الدبلوماسية بينهما.

ويبحث الرئيس الأمريكي عن إنجازات في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو إنجاز يمكن أن يلوح به أمام الناخبين ويظهر أن فشله في الشرق الأوسط لم يكتمل وأنه يمكنه في أي لحظة أن يغير موقفه وعودة الولايات المتحدة بقوة كبيرة إلى الشرق الأوسط كلاعب رئيسي.


وبعد أن أهان بايدن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل عامين، رفض مقابلته ومصافحته وأراد تحويل السعودية إلى دولة "مجذومة"، على خلفية اتهامات المخابرات الأمريكية لولي العهد السعودي بمسؤوليته عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فقد أدرك أنه بسبب مأزقه السياسي في الشرق الأوسط وفي الولايات المتحدة لم يكن أمامه خيار سوى المصالحة مع السعودية من أجل تحقيق أهدافه، فقد أرسل مبعوثين كبارًا من الإدارة الأمريكية الى المملكة العربية السعودية وعرضت على الأمير محمد بن سلمان صفقة سياسية ثلاثية تشمل أيضًا اتفاقية تطبيع مع "إسرائيل".


والواضح حاليًا بأن بايدن ينصب مصيدة عسل لـ"إسرائيل"، فهو يدرك جيدًا رغبة رئيس الوزراء نتنياهو القوية في التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية، زعيمة العالم السني، ويريد استخدام هذا الإغراء الذي يقدمه لنتنياهو؛ لإجباره على أن يفكك الائتلاف اليميني ويدخل يائير لابيد وبيني غانتس في الائتلاف الجديد بحيث يكون من الممكن تنفيذ الاتفاق مع السعودية وفي نفس الوقت إجبار نتنياهو على قبول حل الدولتين والالتزام بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.


وبحسب جميع المنشورات في وسائل الإعلام، يبدو أن هناك العديد من المخاطر على أمن "إسرائيل" في عدة أقسام يفترض أن تكون جزءًا من الصفقة الثلاثية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية و"إسرائيل":


* إن توريد أسلحة متطورة من الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية مثل طائرات AP-35 يضر بميزة "إسرائيل" النوعية على الدول العربية.


* إن توريد مفاعل نووي من الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية "للأغراض السلمية"، والذي سيكون قادرًا بمرور الوقت أيضًا على تخصيب اليورانيوم إلى المستوى العسكري أمر خطير للغاية بالنسبة لـ"إسرائيل"، وهذا يعني أنه في غضون سنوات قليلة ستكون المملكة العربية السعودية قادرة على إنتاج أسلحة نووية وهذا سيؤدي إلى تسريع سباق التسلح في الشرق الأوسط، كما أن دولًا أخرى مثل مصر وتركيا سترغب أيضًا في إنتاج أسلحة نووية.


* قبول حل الدولتين وتجميد المستوطنات والالتزام بإقامة دولة فلسطينية مستقلة أمر خطير للغاية بالنسبة لـ""إسرائيل"، فأراضي الضفة الغربية هي العمق الاستراتيجي لـ"إسرائيل"، والموافقة الإسرائيلية على قيام دولة فلسطينية مستقلة سابقة خطيرة للغاية، إن إقامة دولة فلسطينية في أراضي الضفة الغربية هو انتحار أمني وتحقيق خطوة أخرى في "خطة منظمة التحرير الفلسطينية لتدمير دولة "إسرائيل".


يبني الرئيس بايدن استراتيجيته في الإقناع على الأزمة الداخلية في "إسرائيل" بسبب الإصلاح القانوني، وعلى المحنة الشخصية لنتنياهو وعلى رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي القوية في تحقيق اتفاقية تطبيع مع السعودية وخلق إرث باعتباره الشخص الذي قفز من فوق السد وجلب اتفاقيات تطبيع بين "إسرائيل" والعالم العربي رغم المقاطعة الفلسطينية.


ويقدر معلقون كبار في الخليج أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لن يمنح الرئيس بايدن الهدية العظيمة ويوافق على هذه الصفقة بعد أن أهانه الرئيس الأمريكي شخصيًا وشرف السعودية وسينتظر الرئيس الأمريكي القادم، وهو أمر منطقي للغاية، يجب على "إسرائيل" أيضًا أن تتصرف بهذه الطريقة، فلا توجد مشكلة أسرع ويجب أن تنتظر إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، ربما يتم انتخاب رئيس جديد يكون من الأسهل على "إسرائيل" العمل معه في الصفقة الثلاثية مع السعودية، يمكن أن تنتظر اتفاقية التطبيع مع السعودية، حتى مع وجود تطبيع سري بالفعل بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية وعلاقات وثيقة للغاية في مجال الأمن والاستخبارات.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهتم جدًا باتفاقية تطبيع مع "إسرائيل"، فقد غير قواعد اللعبة في المنطقة وداخل السعودية نفسها حيث أجرى العديد من الإصلاحات. تتناسب هذه الاتفاقية مع رؤية ولي العهد السعودي، المسماة رؤية 2030، والتي تقوم على بناء شراكات اقتصادية ومصالح مشتركة دون فرض شروط سياسية وحوار إقليمي

 المثل العربي المعروف "العجلة من الشيطان" مناسب جدًا في هذه الحالة، "إسرائيل" ليس لديها اندفاع، يمكنها الانتظار والوصول في النهاية إلى اتفاقية التطبيع مع المملكة العربية السعودية بشروط أفضل بكثير مما يعرضه الرئيس بايدن الآن وأقل بكثير من المخاطر الأمنية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023