إرهاب المستوطنين خطر مباشر على الشعب الفلسطيني

منتدى التفكير الإقليمي
مصطفى البرغوثي
ترجمة حضارات



الخطيئة الأصلية كانت توقيع الفلسطينيين على اتفاقية أوسلو دون شرط تجميد الاستيطان، منذ ذلك الحين، ارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس من 122 ألفًا إلى أكثر من 750 ألفًا.

 لقد أصبحوا قوة سياسية حاسمة، تضم 15 عضوًا في الكنيست وعدد من الوزراء، أبرزهم الإرهابيان بتسلئيل سموتريش وإيتامار بن غفير، كلاهما يسيطر على ما يحدث في الضفة الغربية، بما في ذلك التعجيل الخطير والأكبر لمشروع الاستيطان وتخصيص موارد مالية غير محدودة لهذا الغرض، وهم يسيطرون على الشرطة وحرس الحدود والسجون التي يقبع فيها الأسرى الفلسطينيون؛ بينما يقوم الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة بتوفير حماية للمستوطنين وتزويدهم بالسلاح ودعم اعتداءاتهم على الفلسطينيين.


الظاهرة الأكثر خطورة في هذا السياق هي تصرفات عصابات المستوطنين المسلحين الذين يهاجمون بشكل منظم ومنهجي سكان الضفة الغربية بهدف طردهم من منازلهم وتدمير محاصيلهم الزراعية والإضرار بمعيشتهم، وبالتالي تسهيل سيطرة المستوطنين على الأراضي الفلسطينية.

 وتأتي تصرفات المستوطنين، بمن فيهم أولئك المعروفون باسم "شباب التلال"، استمرارًا لأعمال العصابات الإرهابية الصهيونية مثل الهاغانا والإيتسل والليحي التي عملت في 1947-1948.

التطهير العرقي الذي قاموا به بحق الفلسطينيين شمل محو 520 بلدة وقرية فلسطينية و 52 مجزرة مروعة مثل مجزرة دير ياسين وطنطورة وترحيل حوالي 70٪ من السكان الفلسطينيين.

إن قائمة الجرائم التي ارتكبتها عصابات المستوطنين طويلة وتتخللها أعمال إرهابية، بدءاً من اقتلاع أشجار الزيتون وإتلاف المحاصيل الزراعية، مروراً بإطلاق النار على مدنيين فلسطينيين عزل، ومهاجمة سيارات فلسطينية بالحجارة، وانتهاءً بمحاولات إشعال النار وإطلاق النار على بلدات بأكملها مثل حوارة جنوب نابلس.

وانتهت الاعتداءات الإرهابية المتكررة ضد التمركز الفلسطيني في عين سامية بحدث غير مسبوق لم يشهده منذ عام 1967، عندما اضطر السكان المحليون إلى مغادرة منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى.

لا يمر يوم دون أن تتعرض البلدات والقرى الفلسطينية، وخاصة المحاذية للأراضي التي صودرت لصالح المستوطنين، لاعتداءات إرهابية.

وشهدنا أمثلة مروعة مثل حرق عائلة دوابشة في قرية دوما بنابلس وخطف وحرق الصبي محمد أبو خضير وهو لا يزال على قيد الحياة.

وفي نيسان الماضي وحده هاجمت عصابات المستوطنين الارهابية قرى دير جرير ودير دبوان ورأس كركر وترمسعيا وسنجيل والمغير واللبن الشرقية ومخماس والمزرعة القبلية، كفر قدوم، حوارة، مسافر يطا، حمصة في الأغوار، برقة، القادسية والقائمة تطول.

كل هذا بالإضافة إلى العنف المتواصل في البلدة القديمة في الخليل، حيث يتعرض سكانها البالغ عددهم 25 ألف نسمة لقمع وحصار متواصل؛ بسبب 500 مستوطن يقيمون في المدينة بشكل غير قانوني.

في القدس وما حولها، هناك عنف من قبل المستوطنين بدعم من جيش الاحتلال، بما في ذلك اقتحام المسجد الأقصى ومحاولات إقامة صلاة يهودية داخله وتقسيمه في زمانيًا ومكانيًا، ولم تجد المحكمة العليا أي خطأ في قرار إخلاء آلاف الفلسطينيين من مسافر يطا لتخصيص أراضيهم للمستوطنين.

موقع "بيتسلم" مليء بالفيديوهات والصور التي توثق اعتداءات المستوطنين على السكان الفلسطينيين.

توسع المشروع الاستيطاني الاستعماري إلى جانب مصادرة الأراضي وهدم المنازل وإنكار حق الفلسطينيين في العيش بسلام وبناء منزل لهم في القدس وفي المنطقة ج، والتي تضم حوالي 62 % في الضفة الغربية، استراتيجية صهيونية شاملة تهدف إلى تكرار نكبة 1948 في الضفة الغربية.

قادة "إسرائيل"  -من نتنياهو إلى الفاشيين سموتريتش وبن غفير- لا يخفون نواياهم لتهويد الضفة الغربية وضمها لـ"إسرائيل".

 يمتلك المستوطنون قرابة 400 ألف قطعة سلاح، وينظمون أنفسهم في مجموعات إرهابية مسلحة ويتلقون تعاونًا وتشجيعًا من جيش الاحتلال لمهاجمة المدن والقرى الفلسطينية.

 هذا منعطف حاد وخطير للغاية لأنه يعني أن خطة التطهير العرقي.

ويعتبر هذا التصعيد من أكبر التحديات التي تواجه الحركة الوطنية الفلسطينية بكافة أجزائها في مواجهة الصمت الدولي وازدواجية المعايير المخزية وفشل الدول العربية في اتخاذ إجراءات فعالة ضد جرائم "إسرائيل".

المطلوب استراتيجية فلسطينية منظمة ومتماسكة على أساس فهم أننا في خضم صراع متصاعد بشكل متزايد مع الحركة الصهيونية، وأنه لم يعد هناك أي جدوى من تقديم تنازلات معها بعد أن نفت الاتفاقات السابقة وألقتها في سلة المهملات، العملية المسماة "السلام والمفاوضات" ليست سوى مسرح للعبث.

السلطة الفلسطينية ترزح تحت الاحتلال، وستنتهي بالتفكك تحت اعتداءات المستوطنين وجيشهم، وبدلاً من استمرار المشاحنات والقتال والمنافسة البائسة على المناصب، حان الوقت للاتحاد حول صراع مشترك ضد خطر التطهير العرقي الجديد.

 إن الاحتلال وقادة "إسرائيل" والمستوطنين يبثون باستمرار نفس الرسالة للشعب الفلسطيني والعالم أجمع: إنهم يفهمون لغة القوة فقط.

فقط المعارضة والنضال ضد مخططاتهم هي التي ستردعهم، والنضال الأكثر فاعلية سيكون الوحدة الكاملة للشعب الفلسطيني للمقاومة الشعبية ضد المستوطنين وجيش الاحتلال.

لن يرحم التاريخ من لم يفهم الخطر الكامن وراء الباب، ووقف على الهامش، ولم يبذل قصارى جهده للاستعداد له.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023