السعودية تستغل ضعف بايدن

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات



تمكنت المملكة العربية السعودية من مفاجأة الولايات المتحدة و"إسرائيل" عندما أعلنت في 12 أغسطس، في تحرك منسق مع السلطة الفلسطينية، تعيين سفير للسلطة الفلسطينية سيكون أيضًا قنصلها العام في القدس.

وسلّم السفير نايف بن بندر السديري، أوراق اعتماده إلى مجدي الخالدي مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وذلك في حفل أقيم بالسفارة الفلسطينية عمان.


وقد أفادت صحيفة "الشرق الأوسط" في 14 آب / أغسطس أن السلطة الفلسطينية والسعودية ستشكلان لجنة مشتركة لتعزيز العلاقات بينهما، وأنه سيكون هناك حفل رسمي يسلم فيه السفير السعودي الجديد أوراق اعتماده إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

فيما يقول مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية إن التحرك السعودي المفاجئ يفرض واقعًا سياسيًا جديدًا على الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يثبت الحقائق على الأرض حتى قبل انتهاء المفاوضات مع الولايات المتحدة وتوقيع الاتفاق الثلاثي، وترمز خطوته إلى اعتراف السعودية بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها شرقي القدس.


وبحسبهم، فإن الخطوة السعودية تهدف إلى الضغط على الرئيس بايدن للضغط على "إسرائيل" للموافقة على هذا الواقع الجديد إذا كانت معنية باتفاق تطبيع مع السعودية.


 من جانبها، فوجئت "إسرائيل" بالخطوة السعودية وأوضح وزير الخارجية إيلي كوهين ورئيس مجلس الأمن تساحي هنغبي في مقابلات لوسائل الإعلام الإسرائيلية أن "إسرائيل" لن توافق على فتح قنصلية سعودية في شرقي القدس.


ويبدو أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحمل الأوراق القوية بين يديه في مفاوضاته مع إدارة بايدن بشأن الصفقة الثلاثية التي يجب أن تشمل "إسرائيل" أيضًا، فهو يفترض أن الرئيس بايدن يريد الوصول إلى هذه الصفقة لتعزيز موقفه السياسي في المستقبل من الانتخابات الرئاسية بالإضافة إلى تنحية الصين التي نجحت في الدخول في الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ونجحت في التوسط بين السعودية وإيران وأدت إلى اتفاق على تجديد العلاقات الدبلوماسية بينهما وأيضًا أصبحت شريكًا تجاريًا مهمًا للمملكة العربية السعودية.


كما تؤكد كلمات السفير السعودي الجديد لدى السلطة الفلسطينية على هذا الاتجاه لولي العهد السعودي، في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" نايف بن بندر السديري، في 14 آب / أغسطس، قال فيها ما يلي: " لقد حوّل زمن الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد السعودي محمد بن سلمان المملكة العربية السعودية إلى قوة إقليمية وعالمية فاعلة، وتستغل مكانتها في دعم إخواننا في فلسطين في خطوة لها معاني رمزية بتعيين سفير و القنصل العام في فلسطين. السعودية هي اكثر الدول التي تقف الى جانب الفلسطينيين ".


أخطأ الرئيس بايدن في سياسته تجاه السعودية وتجاه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فبعد انتخابه رئيساً أهان السعودية وأراد تحويلها إلى دولة "مجذومة" سياسياً ورفض لقاء محمد بن سلمان.

غيرت الحرب في أوكرانيا تمامًا ميزان القوى، وارتفعت أسعار الطاقة في العالم، كما رفعت المملكة العربية السعودية أسعار النفط.


الرئيس بايدن في أزمة سياسية وسياسية ويحتاج لاتفاق أمني مع السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقر بضعف الرئيس بايدن ويحاول عصر الليمون حتى النهاية، فهو ليس في عجلة من أمره وهو كذلك، ومن الممكن أنه يتصرف بطريقة سلامي وسيطيل المفاوضات مع إدارة بايدن حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لتعظيم إنجازاته.


تريد العائلة المالكة السعودية تحسين دفاع المملكة، وتقدر أن اتفاقها مع إيران لن يدوم طويلاً وتريد اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة وأنظمة أسلحة متطورة ومفاعل لتخصيب اليورانيوم.

أما على المستوى الإقليمي والعربي، فيبدو أن ولي العهد السعودي يطمح إلى أن يكون القائد الذي يخلق كسر الجمود في العلاقات الفلسطينية مع "إسرائيل" ويؤدي إلى انفراج نحو إقامة دولة فلسطينية. 

ويقول مسؤولون سعوديون أن محمد بن سلمان يدرك الأهمية الكبيرة التي يوليها رئيس الوزراء نتنياهو لاتفاقية التطبيع مع السعودية ويحاول استغلالها لصالحه.

المملكة العربية السعودية هي الرمز الديني للمسلمين السنة في أراضيهم أقدس الأماكن للإسلام، في مدينتي مكة والمدينة، ويمكن اعتبار اتفاقية التطبيع بينها وبين "إسرائيل" اعترافًا إسلاميًا بدولة "إسرائيل" واتباعها، وستأتي دول عربية وإسلامية أخرى لتوقيع اتفاقيات تطبيع مع "إسرائيل".

وبحسب مصادر السلطة الفلسطينية، فإن ولي العهد السعودي سيطالب إدارة بايدن بممارسة الضغط على "إسرائيل" لتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، والالتزام بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها شرقي القدس، واتخاذ خطوات واضحة بشأن الأرضية للوفاء بهذا الالتزام.

يريد محمد بن سلمان الخطوات التي ستتخذها "إسرائيل" في المنطقة لإزالة احتمال ضم الضفة الغربية لـ"إسرائيل" وضمان السيادة الفلسطينية الكاملة في شرقي القدس والمسجد الأقصى، إذا حقق هذه الأهداف، فسيمنحه ذلك أيضًا الفرصة للمطالبة بموطئ قدم في المسجد الأقصى بجانب الأردن أو مكانه.

وزعمت مصادر في حركة فتح أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قال في محادثات مغلقة إن التطبيع والاستقرار الحقيقي في الشرق الأوسط لن يأتي دون إعطاء الأمل للفلسطينيين واستعادة كرامتهم وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

في ضوء هذه الأمور يتضح أن الحكومة الإسرائيلية تواجه قرارات سياسية وأمنية صعبة.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023