"إسرائيل" تعتقد أن السعودية ستكتفي بتنازلات رمزية تجاه الفلسطينيين في حين تتوقع الولايات المتحدة تنازلات حقيقية

هآرتس

أمير تيفون

ترجمة حضارات




مع التقدم المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، ظهر خلاف كبير بين الإدارة الأمريكية و"إسرائيل"، حول التنازلات التي ستُطلب لصالح الفلسطينيين.

تصرح شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى بشكل علني، عن بادرات حسن نية ضئيلة، كتلك التي لن تزعج الشركاء في ائتلاف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من اليمين المتطرف، مثل التعهد بالامتناع عن الضم الرسمي للأراضي الفلسطينية المُحتَلة عام الـ67، وسلسلة من التسهيلات الاقتصادية لرفاه الفلسطينيين.

في بداية هذا الأسبوع، قال نتنياهو في مقابلة مع "بلومبيرغ نيوز" إن "إسرائيل" على الاغلب قد تحتاج فقط أن "تسجل انتصارًا"، ونشر زير الخارجية الإسرائيلية، إيلي كوهين الاسبوع الماضي مقالاً في "وول ستريت جورنال"، اقترح فيه على الولايات المتحدة أن توقع مع السعودية على اتفاق دفاع يشبه اتفاقها مع كوريا الجنوبية، كلمة "فلسطينيين" لم يتم ذكرها في النص.




لكن في الجانب الأميركي يعرضون صورة مختلفة تمامًا، حسب الإدارة الأميركية، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، معني بالتوقيع على اتفاق مع "إسرائيل"، ليس فقط لأنه الحاكم الفعلي للسعودية، بل لأنه زعيم العالم السني كله، وحسب الإدارة الأميركية فإن الاتفاق الذي سيتضمن بادرات حسن نية رمزية فقط، يتوقع أن يتعرض للانتقاد من قبل الفلسطينيين والأردن والجزائر، وربما من قبل دول عربية أخرى، ولن يخدم هدف ابن سلمان.

أيضًا، الانتقاد المحتمل من قبل إيران، الذي بحسبه تكون السعودية تخلت عن الفلسطينيين، من شأنه أن يشكل بالنسبة للأميركيين مشكلة لولي العهد السعودي.

من السابق لأوانه تحديد أي طرف من الطرفين هو محق في هذا الجدال، لكن يجب الأخذ في الحسبان عاملا آخر وهو الرأي العام الأميركي، بالأساس في أوساط مؤيدي الحزب الديمقراطي، نتنياهو وابن سلمان مكروهان لدى "القاعدة الانتخابية" لحزب جو بايدن، وأي اتفاق سيعزز من مكانتهما يتوقع أن يتعرض للانتقاد الشديد من قبل الجناح اليساري في الحزب.

قال اثنان من السيناتورات من ذوي النفوذ الاسبوع الماضي لصحيفة "هآرتس"، بأن أي اتفاق يتجاهل الفلسطينيين سيجد صعوبة في الحصول على الأغلبية المطلوبة في مجلس الشيوخ.

هذا الواقع السياسي واضح لدى الإدارة الأميركية، لكنه ليس معروفا، تقريبا لدى الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، الذين لا يعرفون الساحة الأميركية ولا يلتقون مع كبار أعضاء الإدارة، ولا يقيمون وزنًا ليهود الولايات المتحدة.

إذا تقدمت حقًا المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق، فإن نتنياهو سيضطر إلى اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع هذه التحدي الصعب، الذي يمكن أن يقوض ائتلافه الحكومي

عنوان جريدة "وول ستريت جورنال" أمس، أفاد بأن الاتفاق بين السعودية والولايات المتحدة قد استقر بالفعل، وذلك لماذا يتوق نتنياهو بشكل شديد، على حد اليأس، إلى انفراج في العلاقات مع السعودية.

دقائق قليلة بعد ما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية لهذا الخبر، ارتفعت قيمة الشيقل الإسرائيلي بقوة أمام الدولار، وصُبغت بورصة تل أبيب باللون الأخضر.

في استوديوهات الأخبار، بدأوا بالفعل في مناقشة ما إذا كان الاتفاق سيؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة في "إسرائيل"، واحتمالات تغير الخارطة السياسية الاسرائيلية على الفور.

هذا السيناريو المُحتمل استمر لمدة ساعة تقريبًا، حتى أصدر البيت الأبيض بيانًا نافيًا، وقامت الصحيفة بتعديل عنوانها. عاد الشيقل إلى الانخفاض، وفي نشرات الأخبار المسائية، تم التركيز على جانب آخر في التقرير الأمريكي، حيث عبّر وريث العرش السعودي عن تحفظه من الاتفاق مع "إسرائيل" في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من ذلك، فقد قدمت هذه الحماسة المؤقتة لمحة عما قد يحدث في المستقبل، إذا تحقق اتفاق مع السعودية وتحول من تكهنات إلى واقع ملموس.

إلى جانب التسهيلات للفلسطينيين، تقف أمام الطرفين صعوبات أخرى، فالسعودية قدمت طلبات غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة، بدءاً باتفاق دفاعي مشترك، مروراً بمنظومات سلاح أميركية لا توجد في أي دولة من دول الشرق الأوسط باستثناء "إسرائيل"، وانتهاء بدعم أميركا لمشروع نووي سلمي في المملكة، هذه الخطوات تحتاج إلى أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ الأميركي، وهي أبعد من أن تكون مضمونة، وفي الحزب الجمهوري لن يسارعوا إلى تقديم إنجاز سياسي لبايدن قبل الانتخابات في السنة القادمة، بينما في الحزب الديمقراطي هناك عداوة حقيقية للسعودية.

بالإضافة إلى تخفيف الظروف للفلسطينيين، تواجه الجانبان عدة تحديات أخرى، وضعت السعودية شروطًا متقدمة للولايات المتحدة، بدءًا من اتفاق الدفاع المتبادل، وصولًا إلى أنظمة تسليح أمريكية، غير موجودة حاليًا في أي دولة في الشرق الأوسط بخلاف "إسرائيل"، وحتى دعمًا أمريكيًا لبرنامج الطاقة النووية المدنية في المملكة.

ستتطلب هذه الخطوات غالبًا أكثر من ثلثي أصوات مجلس الشيوخ الأمريكي، وهو بعيد عن الحصول على التأييد المطلوب.

في الجانب الجمهوري، لن يكونوا على عجلة من أمرهم في تقديم إنجازات سياسية لبايدن قبل الانتخابات القادمة في العام المقبل، بينما في الجانب الديمقراطي هناك استياء حقيقي تجاه السعودية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023