بقلم/ مهند شريم
عشنا نحن الأسرى سبع سنوات عجاف امتدت منذ عام 2004، حين كُسر الإضراب الكبير الذي خاضه الأسرى بسبب ظروفٍ، كان أهمها الفرقة والتمزق الذي ميّز ذلك الإضراب، حيث دخل كل سجنٍ تحت قيادةٍ خاصةٍ به، وبتاريخ مغاير عن السجون الأخرى مما أدى إلى سقوط القلاع تباعاً دون أي إنجاز يُذكر، والأهم أنه مع سقوط الإضراب سقط العمل الوطني المشترك داخل السجون، وبقي هذا الحال حتى عام 2012، حين انتفض عدد كبير من الأسرى وانتظموا في إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام، ولعل أكثر ما يميز هذا الإضراب أنه انطلق بمن حضر وأنه اجتمع على مصالح مشتركة بين الفصائل المشاركة، حيث شارك أسرى حماس جميعهم، وكذلك الجهاد الإسلامي لاتفاقهم على مطلبَيّ خروج المعزولين وإعادة زيارات أسرى غزة، وأما الجبهة الشعبية فكان أمينهم العام القائد سعدات في العزل ومصلحتهم كانت بخروجه، وأما شباب غزة الذين ينتمون لحركة فتح فكانوا ممنوعين من الزيارات ومطلبهم الزيارة، ولذلك كانت مشاركتهم قوية وفعالة، وبالتالي فان كل هؤلاء ومعهم الجبهة الديمقراطية كان القاسم المشترك بينهم مصالح واضحة، دفعتهم للتوحد والسير بإضراب امتد ثمانية وعشرون يوماً وشارك فيه قرابة ألف وخمسمائة أسير، قوامهم من كل الفئات الذين ذكرناهم آنفاً، بالإضافة إلى عدد قليل من أسرى فتح الضفة الغربية.
وهنا يجب أن نوضح أننا عندما ذكرنا أن الإضراب خرج الي حيز التنفيذ بمن حضر ذلك، لأن المشاركين فيه هم ربع الأسرى فقط وثلاثة الأرباع الباقية هم أسرى فتح الضفة، لم يشاركوا حينها في الإضراب وذلك لأسباب كثيرة أهمها :
1. أن هزيمة 2004 لاتزال حاضرة عندهم.
2. لم يكن لدى الأسرى أي لجان وطنية عامة تشمل الجميع يمكنها اتخاذ قرار عام.
3. لم يكن لديهم اي مصالح فهم لا يهمهم لا أمر المعزولين ولا زيارات غزة.
4. كان الإنقسام السياسي في الخارج له بالغ الأثر على ضرب العمل الوطني المشترك.
5.كانت هناك فئات تحرض على الإضراب وتتهمه بالمسيس والأهداف الخبيثة، رغم أنّ أهدافه كانت واضحة وجلية.
ولكن ورغم ذلك انتصر الإضراب وحقق كل أهدافه الأساسية حيث عادت زيارات غزة بعد خمس سنوات من المنع، وخرج جميع المعزولين الذين كان بعضهم أنهى أكثر من 10 سنوات متتالية في مقابر العزل الإنفرادي.
كان الأمل بعد هذا الإضراب أن يعود التنسيق بين الأسرى، وتشكّل اللجان الوطنية العامة لقيادة الحركة الأسيرة إلى بر الأمان، إلا أن الأمر لم يتم وبقي يراوح مكانه، وكل تنظيم يعمل منفرداً وكأننا نعيش في جزر متباعدة رغم أننا نعيش معاً، ونتألم معاً، ونفرح معاً، ويبقى هذا الأمر حتى تم الإعلان عن تشكيل لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، وهي نتاج جهدٍ عظيم قام به جمع غفير من الأسرى ومن كافة الفصائل، وعلى رأسهم الأسير القائد "سلامة قطاوي" ممثلا لأسرى حماس، والأسير القائد "عماد مرضي" ممثلاً لأسرى فتح، وهما العمود الفقري لهذه اللجنة ويقومان بجهد مبارك في خدمة الأسرى، وبالتأكيد بمشاركة الأخ ممثل الجهاد الإسلامي الأسير القائد سامح الشوبكي، وقد تمكنت لجنة الطوارئ من قيادة عدة خطوات توجت جميعها بالنصر، فهي المرة الأولى منذ حوالي 20 عاماً ينتظم غالبية الأسرى تحت قيادة وطنية موحدة، تسمى لجنة الطوارئ حيث يميز هذه اللجنة أنها:
1. تعمل بالتنسيق وبشكل رسمي مع كافة فصائل العمل الوطني.
2. يجمعها الشراكة بالقرار قبل وأثناء وبعد إنهاء أي خطوة تصعيدية.
3. تتقاسم الأهداف وهي في الحقيقة هدف واحد، وهو تحسين شروط حياة الأسرى والحفاظ على كرامتهم.
4. تمضي بمن حضر حيث أن هناك كثيراً من الفئات التي تعارض أو تعادي، لأسباب كثيرة عمل اللجنة وتطورها.
وهنا يجب أن نسجل أن العمل الوطني وتشكيل القيادة الموحدة أمر صعب وتحفه المخاطر وترافقه الصعاب والعقبات، ولكنه عمل مثمر ولابد منه، بل ويجب دعمه وتأييده رغم العديد من أصوات النشاز التي تخرج من هنا وهناك، وتحاول المساس بعمل اللجنة او بشخوص قادتها وذلك لأسباب أهمها:
1- بعضهم يكون وللأسف ضابط استخبارات العدو أقرب إليه من إخوانه الأسرى.
2- وبعضهم حسداً لعدم تمكنه من الحصول على مكانةٍ مساويةٍ لمن سبقه في القيادة والعمل الوطني المشترك.
3- وآخرين يريدون الحفاظ على منجزات شخصية حازوها بطرق غير شرعية.
ولكن وبالرغم من تلك العقبات وغيرها إلا أنّ اللجنة الوطنية تعمل وتحقق الإنجاز تلو الإنجاز، وتمضي إلى الأمام، وهنا يأتي التساؤل أما آن للحركة الوطنية الفلسطينية أن تجمع شتاتها، وتمضي بمن حضر وتحفر في وجدان الشعب الفلسطيني رؤية جديدة تسعى بها إلى حرية هذا الشعب وتقرير مصيره ومقاومةِ محتله، فالأمر صعب ولكنه ليس مستحيلاً ونموذج لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة خير مثال.