عشرات المنظمات وحكومتان وحرب واحدة: هذه هي الدولة التي تسعى "إسرائيل" لضمها إلى اتفاقيات إبراهيم

يسرائيل هيوم

نيتع بار

ترجمة حضارات


تحول الإعلان المثير عن اللقاء الأول بين وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش إلى خيبة أمل مريرة في "إسرائيل"، عندما اقتحم آلاف المتظاهرين الغاضبين مباني وزارة الخارجية في ليبيا، رافعين الأعلام الفلسطينية وهتفوا ضد التطبيع في "إسرائيل" وضد الحكومة الحالية.

لكن الاحتجاج على التطبيع لا يشكل المشكلة الأكبر للحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، وللعاصمة الليبية نفسها.

وقبل أقل من أسبوع، اندلعت معارك في الشوارع في العاصمة، قُتل فيها 55 شخصًا وجُرح المئات.

ويشير سبب اندلاع القتال بوضوح إلى ضعف الحكومة المدعومة من الدول الغربية، والوضع الفوضوي في ليبيا ككل.

واندلع القتال بين وحدة مكافحة الإرهاب واللواء 444 التابع لقوات الجيش الحكومي، وهما جسمان من المفترض أن تكونا على الجانب نفسه في الحرب الأهلية المشتعلة في البلاد منذ عام 2011.

الحدث، وهو ليس المرة الأولى التي تندلع فيها معارك بين مختلف التنظيمات الموالية لحكومة طرابلس، انتهى دون عواقب وخيمة، لكن الشعور السائد هو أن الحكومة تقف على حافة الهاوية.

في السنوات العشر الماضية، انقسمت ليبيا بين معسكرين متنافسين، يضم كل منهما تحالفًا معقدًا من المنظمات والقبائل وقواعد الدعم الأجنبية المختلفة.

وتتمتع الحكومة المتمركزة في طرابلس، بدعم شعبي واسع نسبياً في غرب البلاد واعتراف دولي.

كما أن تركيا، المرتبطة بالعناصر الأكثر إسلامية في الحكومة، تقدم مساعدات عسكرية واقتصادية مهمة، والتي بدونها ربما كانت حكومة طرابلس ستنهار.

وتسمى الحكومة الموجودة في طرابلس "حكومة الوحدة الوطنية"، وهي ليست الحكومة الوحيدة في البلد المقسم.

وفي مدينة صرات تتمركز "حكومة الاستقرار الوطني" المدعومة من الجيش الوطني الليبي، القوة العسكرية التابعة للجنرال خليفة حفتر، أحد كبار مسؤولي نظام القذافي الذي أعاد تقديم نفسه كأمير حرب وملك الملوك في ليبيا، بعد الإطاحة بنظام القذافي عام 2011.

ويحظى حفتر، الذي أعرب هو نفسه عن اهتمامه بإقامة علاقات سرية مع "إسرائيل"، بدعم من روسيا، وقد تم توثيق مرتزقة قوة فاغنر وهم يقاتلون إلى جانب رجاله ويحمون المنشآت الحيوية في البلاد.

وفي يوليو/تموز 2020، تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة دولية بين الحكومتين، وذلك بعد فشل قوات حفتر في الاستيلاء على العاصمة طرابلس ونشوء حالة من الجمود على الجبهة.

ومنذ ذلك الحين، لم يقم الجانبان بأي تحركات عسكرية كبيرة، لكن الصراعات المسلحة المحلية إلى جانب الهجمات الـ"إرهابية" والمضايقات، أصبحت جزءًا من روتين الحياة اليومية للسكان الليبيين.

وفي تطور مأساوي آخر، تم اختراق حدود البلاد بالكامل وتدفقت أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين على البلاد، مما أدى إلى مزيد من زعزعة استقرار العلاقات بين الطوائف، وجلب ظواهر الاتجار بالبشر القبيحة إلى عمق المجتمع الليبي.

تاريخ من عدم العلاقات

لم تكن لـ"إسرائيل" وليبيا، علاقات دبلوماسية مفتوحة على الإطلاق.

أيدت "إسرائيل" انضمام ليبيا إلى الأمم المتحدة عام 1951، وكان التصويت الحاسم في التصويت، لكن الحكومة في ليبيا اختارت أن تنأى بنفسها عن "إسرائيل" وانضمت بدلاً من ذلك إلى جامعة الدول العربية وأصبحت صوتًا متطرفًا معارضًا للاتصالات مع الدولة اليهودية.

ومع صعود معمر القذافي إلى السلطة في عام 1969، تحولت العلاقات بين البلدين من سيئة إلى عدائية حيث عمل الدكتاتور الليبي بنشاط لمحاربة "إسرائيل".

وشاركت قوات الجيش الليبي، بما في ذلك الطائرات المقاتلة التي زودتها بها فرنسا، إلى جانب الجيش المصري في حرب يوم الغفران، لكنها لم تشهد أي نشاط عملياتي كبير أثناء القتال.

بعد الحرب، ظل القذافي معارضًا تامًا للتطبيع مع "إسرائيل"، وانتقد بشدة الرئيس المصري أنور السادات بسبب زيارته للقدس عام 1977.

وظل القذافي معاديا لـ"إسرائيل" لعقود من الزمن، لكنه خفف من مواقفه تجاه "إسرائيل" في نهاية عهده.

وأعرب القذافي عن تأييده المتحفظ لاتفاقات أوسلو، بل إنه قدم، بعد الانتفاضة الثانية، خطته للسلام التي تتضمن إقامة دولة واحدة بين نهر الأردن والبحر تسمى "إسراطين".

وفي الأيام الأخيرة من حكمه، عندما بدأ الثوار يقتربون من معاقله وانقطع تماما عن أي اتصال دولي، اقترح القذافي أن تفتح "إسرائيل" سفارة في البلاد وتحافظ على علاقات دبلوماسية معها، وقد رفضت "إسرائيل" العرض.

وفي السنوات التي مرت منذ سقوط نظام القذافي، حاولت الحكومتان، سواء حكومة طرابلس أو حكومة خليفة حفتر، الحصول على دعم إسرائيلي سري، وأبدى مسؤولون كبار في كلتا الحكومتين استعدادا مؤكدا للحفاظ على التطبيع مع "إسرائيل".

ومع ذلك، فإن التقلبات الداخلية التي تعيشها ليبيا تؤثر على قدرة أي من الحكومات على الصمود في وجه الغضب الشعبي في حال إجراء اتصالات مباشرة مع "إسرائيل"، وعلى الرغم من رغبة رؤساء الحكومات في كسب دعم "إسرائيل" وحلفائها، إلا أن أيا من هذه الحكومات إن الجهود المبذولة لإقامة العلاقات لم تنضج بعد لتصبح إنجازا دبلوماسيا لـ"إسرائيل".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023