السلطة الفلسطينية باقية رغم فشل اتفاق أوسلو

موقع نيوز "1"

يوني بن مناحيم



بعد مرور 30 ​​عاماً على توقيع اتفاقيات أوسلو بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية في البيت الأبيض في سبتمبر 1993، والتي اعترف فيها الطرفان ببعضهما البعض، وشرعا في عملية سياسية كان من المفترض أن تؤدي في النهاية إلى إنشاء دولة مستقلة دولة فلسطينية، أصبح واضحاً للحكومات الإسرائيلية أن ياسر عرفات ومحمود عباس قد ضللوا حكومة رابين ولم يتوقفوا أبداً عن الـ"إرهاب" ضد "إسرائيل".

لقد رأوا في اتفاق أوسلو نوعا من "حصان طروادة" الذي من شأنه أن يسمح بوصول مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية المسلحين من تونس إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

ياسر عرفات لم يحارب المقاومة واستخدم أسلوب "الباب الدوار" لإطلاق سراح المقاومين وسمح لحماس والجهاد الإسلامي بتنفيذ هجمات استشهادية ضد "إسرائيل" من أجل إضعافها.

وكانت مفاوضات التسوية الدائمة بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، والتي بلغت ذروتها في قمة كامب ديفيد في الولايات المتحدة عام 2000، قد فشلت بعد أن رفض ياسر عرفات رفضاً قاطعاً المقترحات الإسرائيلية وخطة الرئيس كلينتون، وشن الفلسطينيون انتفاضة مسلحة ضد "إسرائيل" انتهت في عام 2000 والإطاحة بهم ووفاة ياسر عرفات في ظروف غامضة.

ومنذ ذلك الحين، استمرت المقاومة في موجات مختلفة، ولم تشهد "إسرائيل" لحظة واحدة من الهدوء الأمني، وتواصل السلطة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس، دفع الرواتب للمقاومين وعائلاتهم، لكنها في الوقت نفسه مستمرة أيضًا في التنسيق الأمني ​​مع "إسرائيل".

منذ عملية "حارس الأسوار" في مايو 2021، فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها الأمنية تدريجياً في شمال الضفة الغربية، وأضعفتها ظاهرة الفساد ومعركة الخلافة ووقعت في أزمة اقتصادية حادة وموقفها من السلطة الفلسطينية لقد ضعف الشارع إلى حد كبير.

على الرغم من الفشل المشين لاتفاقيات أوسلو، فإن قادة منظمة التحرير الفلسطينية ورؤساء وزراء "إسرائيل" في السنوات الثلاثين الماضية لم يجرؤوا على إلغاءها.

الاتفاق لا يزال قائماً، ومن الناحية العملية فإن الجيش الإسرائيلي هو أكسجين السلطة الفلسطينية في يهودا والضفة الغربية الذي يحميها من الوقوع في أيدي حماس كما حدث في عام 2007 في قطاع غزة.

كما اتخذت الحكومة اليمينية في "إسرائيل" قراراً استراتيجياً بالحفاظ على حكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية رغم كل عيوبها، حيث قال رئيس الوزراء نتنياهو إنه "يعتبر السلطة الفلسطينية رصيداً استراتيجياً في الحرب على المقاومة".



ثمن باهظ

تخشى "إسرائيل" والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها مصر والأردن، من أن يؤدي انهيار السلطة الفلسطينية إلى خلق فوضى أمنية في الأراضي التي ستدخل إليها التنظيمات الفلسطينية، الأمر الذي من شأنه تقويض الاستقرار الإقليمي وتعزيز نفوذ إيران.

إن البند الأكثر أهمية في اتفاق أوسلو، من وجهة نظر "إسرائيل"، تم الحفاظ عليه بعناية، يتعلق الأمر بالتنسيق الأمني ​​بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية والذي يستفيد منه الطرفان.

وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عدة مرات في السنوات الأخيرة عن تجميد التنسيق الأمني، لكنه لم ينفذ القرار قط، وهو يفهم جيداً أن هذا "خط أحمر" بالنسبة لـ"إسرائيل" لا يجوز تجاوزه.

إن الجماعات المسلحة التي نشأت في شمال الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين بتشجيع وتمويل من إيران هي التي تشكل الآن تهديدا لحكوم السلطة الفلسطينية، وتواصل هذه الجماعات نشاطها المعادي ضد "إسرائيل" والسعي السياسي ضد حكم رئيس السلطة الفلسطينية، وتم منع هذا النشاط من قبل السلطة الفلسطينية للتعافي.

وتعاني قيادة السلطة الفلسطينية من خلافات داخلية ومعركة على الخلافة بين كبار أعضاء حركة فتح للسيطرة على السلطة الفلسطينية بعد تنحي محمود عباس (88 عاماً) عن الحكم، كما فقدت السلطة الفلسطينية حافزها لمحاربة المقاومة بينما يستمر الانقسام في المجتمع الفلسطيني، وفشل رئيس السلطة الفلسطينية في كل جهوده لتحقيق المصالحة الوطنية.

يتعين على "إسرائيل" أن تدفع ثمناً باهظاً من منظمة حماس التي تواصل تنفيذ أنشطة معادية في الضفة الغربية من قطاع غزة، وأن تقدم للفلسطينيين أفقاً سياسياً يمكن على أساسه استئناف المفاوضات بين الجانبين.

بعد انسحاب "إسرائيل" من قطاع غزة، الذي حوله الفلسطينيون إلى كيان إسلامي متطرف، فإن إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية يشكل خطراً كبيراً على دولة "إسرائيل"، كما أثبتت السنوات الثلاثين الماضية، وبالتالي فإن الحل الواقعي الوحيد هو أن نقدم للفلسطينيين ترتيباً مؤقتاً طويل الأمد يرتكز على خطة لتوسيع الحكم الذاتي مع سيطرة أمنية نهائية في أيدي "إسرائيل".

يشكل التنسيق الأمني ​​بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية طبقة مهمة جداً في العلاقات بين الطرفين، وبالتالي، وعلى الرغم من فشل اتفاق أوسلو، يجب على "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية أن تراقباه.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023