الحكومة تنثر أعواد الثقاب المشتعلة وتنتظر من الأجهزة الأمنية إخماد الحرائق .. هذا يجب أن يتوقف

القناة الـ12

العقيد احتياط يسرائيل زيف



إن "إسرائيل" واقعة في الفخ الأمني ​​الأكثر تعقيداً على الإطلاق، ومن مكانتها كقوة إقليمية، أصبحت "إسرائيل" مجذامة إقليمية، وهو وضع أسوأ عدة مرات من العزلة التي كانت تعيشها حتى أثناء الحصار عشية حرب الأيام الستة.

إن الحكومة الأكثر إرباكاً في تاريخنا تعبر عن مجموعة من الأجندات السياسية المتناقضة تماماً، دون أي رؤية أمنية وطنية موحدة، وتتصرف بانعدام مسؤولية فادح، ويقودها متطرفون ليس لديهم أي فكرة عن حجم الكارثة التي يقودون إليها البلاد بأكملها.

عود الثقاب لبن غفير الأخير، الذي يمكن أن يشعل السجون ومن هناك يشعل النار في غزة والضفة الغربية، بل ويشعل المنطقة بأكملها، أثار قلق نتنياهو بحق، الذي أوضح على الفور أن هذه أخبار كاذبة.


لكن هذه الحادثة هي مجرد مثال آخر على الخطورة غير المسؤولة لأعضاء هذه الحكومة، سبقه البيان الفاشي حول تفوق اليهود على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، والبيان حول ضرورة محو حوارة، والدعوة إلى "السور الواقي 2" في القدس، ومحاولة حجب أموال الدولة عن السكان المحليين السلطات العربية، محاولة تجفيف الوضع الأكاديمي لعرب شرقي القدس، ودعوة ميليشيات التلال إلى "الركض إلى التلال"، مع غض الطرف عن الأذى المستمر للفلسطينيين غير المتورطين، وكل هذا على جانب من الهجمات بهدف إضعاف الجيش الإسرائيلي وقادته وجهاز الأمن العام بشكل متعمد.


هذه هي الحكومة الأكثر غير مسؤولة والأخطر في تاريخ دولة "إسرائيل"

سموتريتش، الذي يقع مقره في طابق فوق مكتب وزير الجيش، يتحدى وينافس وزير الجيش، وتولى إدارة الإدارة المدنية ونقل الميزانيات من وزارة المالية لتعزيز سياسته التخريبية والمستقلة المتمثلة في احتلال المنطقة (ج) من خلال بناء وشرعنة 155 مستوطنة جديدة.

وهي خطوة تتناقض تماماً مع السياسة الأمنية التي تنتهجها "إسرائيل" منذ سنوات، ومع حكومة نتنياهو نفسها التي أعلنت الحفاظ على السلطة الفلسطينية كمصلحة أمنية إسرائيلية، لكن سموتريش يرى أن سحق السلطة الفلسطينية وخلق الفوضى هو الطريق الضروري لتوطين مليون مستوطن في الأراضي الفلسطينية، والثمن ليس في الاعتبار.

ليس الثمن المعبر عنه بتكثيف العمليات إلى مستوى حرب يومية بمئات الهجمات، ولا الضرر المباشر بأمن المستوطنين والمستوطنات، وارتفاع ثمن الدم الذي وصل بالفعل إلى 34 قتيلاً في صفوفنا، ونحو 200 على الجانب الفلسطيني، وليس ثمن الأضرار التي لحقت بالقدرة القتالية للجيش الإسرائيلي، الذي لا يتدرب، وسوف نتآكل بشكل كبير بسبب نطاق المهام.

الجيش الإسرائيلي يعمل ليلة بعد ليلة، ويداهم عشرات القرى في الأسبوع، وهذا مستوى من الاحتكاك يزيد من المخاطر في الميدان ويزيد من عدد الأشخاص الذين ينضمون إلى دائرة المقاومة.

من المفهوم أن سموتريش وشركائه في «الخطة المليونية» يتجاهلون، قبل كل شيء، حقيقة أن ضم أراضي ملايين الفلسطينيين إلى "إسرائيل" سينهي الفصل الصهيوني اليهودي من البلاد.

سياسة المليون التي ينتهجها سموتريش تضر بشدة بعلاقة الثقة مع الأميركيين وتؤدي إلى تآكل الثقة الدولية المتبقية في "إسرائيل"، كما أن سلوك هذه الحكومة الافتراضية يقوض أهم إنجازات نتنياهو: "اتفاقيات إبراهيم".

إن فرصة التوصل إلى اتفاق تطبيع تاريخي مع السعودية أصبحت موضع شك، وربما يؤدي سوء نشر اللقاء مع وزير الخارجية الليبي إلى محو فرصة تحقيق انفراج سياسي معهم في المستقبل المنظور.

صالح العاروري، الذي دخل اسمه مؤخراً إلى الوعي الإسرائيلي، هو نجم حماس الجديد. ما يميزه هو أنه فهم أن غزة تدفع الثمن وأنها ليست مهمة بما يكفي لإشعال المنطقة؛ لذلك، بالنسبة له، يجب تصدير القتال من غزة إلى الضفة الغربية، ومن أجل هزيمة "إسرائيل"، مطلوب توحيد الجبهات مع حزب الله.

ومن أجل جلب حزب الله، عليه أن يشعل ناراً صغيرة من لبنان، والتي بعد رد إسرائيلي ستشعل ناراً كبيرة مع حزب الله، لكن ما لم يأخذه العاروري في الاعتبار هو أن الحكومة الإسرائيلية نفسها ستصبح الشريك السري الأكثر فعالية في خططه.

وكانت التلميحات الإسرائيلية إلى اغتياله كافية لكي يقبل حسن نصر الله المسؤولية العلنية عن الحادث ويحذر "إسرائيل" من التحرك. وهذا دليل آخر على أن أعداء "إسرائيل" يدركون ضعفها ويقاومونها علنا.

الاحتجاج الداخلي، والتهديد بوقف التطوع في الاحتياط، وتدهور الوضع الاقتصادي والدولي لـ"إسرائيل" - كل هذا هو مصدر التشجيع والأمل لنصر الله وإبراهيم رئيسي في تفكك "إسرائيل"، ولعل هذه هي الميزة الكبرى الوحيدة للأزمة الداخلية التي تمر بها "إسرائيل".

إن الأزمة تبقي الحرب بعيدة، فلماذا يتسخ أعداءها بما تفعله "إسرائيل" بشكل جيد من تلقاء نفسها؟ أما الخبر السيئ فهو أن "إسرائيل" تفقد قوة الردع الهائلة التي تمتعت بها على مر السنين، وتفقد قدرتها على المناورة، وهي في وضع غير مؤات في اتخاذ القرار الاستراتيجي.

كلما تعاظمت محنة عزلة "إسرائيل"، كلما أصبحت الساحة ضدنا أكثر وحدة وجرأة وتحدياً، وفي الوقت نفسه، فإن حرية العمل لـ"إسرائيل" أصبحت أصغر، ومعها تستمر قدرة الردع في التآكل.

كل ما سبق هو مجرد معاينة لما قد يحدث في الأسابيع المقبلة، إن عدم مسؤولية رئيس الوزراء وشركائه في الاستمرار في الثورة القانونية وفي إقرار قانون التهرب للحريديم، من المتوقع أن يسبب أزمة أكبر بكثير في قوة الجيش الإسرائيلي.

إن احتمال حدوث أزمة دستورية، قد يضع المؤسسة الأمنية في موقف يفرض عليها الانصياع للحكومة الملتزمة بالقانون أو الانصياع للقانون كما تمثلها المحكمة العليا ضد توجيهات الحكومة، قد يؤدي إلى انهيار داخلي كامل، وبعبارة أخرى - كارثة وطنية.

حتى اليوم، لا يوجد قانون يسمح للمحكمة العليا بإعلان عزل حكومة تعمل عمدا ضد الأمن القومي للبلاد وتعرض وجودها للخطر.

إذا لم ترجع الحكومة إلى رشدها ولم تظهر المسؤولية الوطنية من جانبها، فإن ذلك قد يضع رؤوس الأجهزة الأمنية في وضع كابوسي لم يحلموا به من قبل، فيما يتعلق بالتداعيات المترتبة على مثل هذا الوضع.

عشية الأعياد الإسرائيلية وقبل صدور قرارات محكمة العدل العليا وعقد الجلسة الشتوية، لنأمل أن تنكشف المسؤولية التي ستمنع وقوع هذه الكارثة الكبرى.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023