هآرتس - تسيفي بارئيل
احتدمت لعبة قمار محيرة في الأسابيع الأخيرة، وبلغت ذروتها قبيل افتتاح "محاكمة القرن" أمس في المحكمة العليا.
ماذا يمكن أن يكون موقف كل قاضٍ؟ ماذا سيحدث إذا قبلت محكمة العدل العليا الالتماس ضد إلغاء سبب المعقولية؟ من من أعضاء الكنيست من الائتلاف سيتبنى الحكم بالكامل ومن منهم يعد بالفعل كل أنواع الوقود لإشعال احتجاج اليمين والحكومة؟
ورغم أن هذه أسئلة مهمة ومشروعة، إلا أنها لا تشير فقط إلى أن الانفجار متوقع بالتأكيد، بل تشير بشكل أساسي إلى انهيار المبدأ الحديدي في الديمقراطية: قرارات المحاكم هي قدس الأقداس، ويجب ألا تكون هناك طريقة للتحايل عليها أو حتى سوى اعتماد الأجزاء الصالحة للأكل ورمي الباقي.
"ماذا سيحدث لو" هو سؤال تمت الإجابة عليه بشكل كامل من قبل أعضاء العصابة الشريرة، الذين أوضح معظمهم أن "الكنيست لن يكون قادراً على قبول دوسه بكل تواضع"، وبعبارة أخرى، فإن المحكمة سوف تاس، وليس هم.
هذا هو السلاح الذي أصبح الآن أمام 15 قاضياً في محكمة العدل العليا ويهدد حياة السلطة القضائية، ولكن من الخطأ الفادح الاعتقاد بأن هذا مجرد صراع شديد بين الكنيست والمحكمة حول جوهر مبدأ الفصل بين السلطات.
والآن تُطرح معضلة صعبة إلى حد لا يطاق أمام محكمة العدل العليا؛ فإذا رفض قضاتها الالتماس وأجازوا إلغاء سبب المعقولية، فقد يجد هذا القانون نفسه بلا دولة يمكن تطبيقه فيها.
لا يمكننا إلا أن نتخيل الآثار التي سيحدثها مثل هذا القرار: حجم الاحتجاج العام، والضرر الهائل الذي سيلحق بالاقتصاد، والمكانة الدولية للبلاد ومواطنيها، وشلل نظام التعليم والنظام الصحي وسحق الخدمة العسكرية.
وفي مقابل تهديدات أعضاء الكنيست بأنهم لن يوافقوا على أن يكونوا مداس للمحكمة العليا، سيكون هناك تهديد للجمهور، الذي سيوضح لهم أنهم لم يعودوا يمثلونه.
مصادقة المحكمة العليا على القانون ستحوله إلى ممارسة نظرية من المفترض أن تحفظ شرف الكنيست، وتمنح المحكمة حياة أخرى من أيدي الكائنات في موتها - لكنها في الوقت نفسه ستثبت أن وما قاله منتقدوه كان صحيحاً: النظام القضائي منفصل عن الوضع الراهن.
والآن لم يعد مجرد خطر نظري؛ لأنه عندما يسقط جدار الحماية الذي يقيمه الجمهور ضد الأخطار الموجودة في الكنيست والحكومة، وعندما ينهار الأمن الاقتصادي والشخصي للمواطن -الذي تلتزم به الدولة- لم يعد المواطن ملزماً بواجبه تجاهها، احترام العقد الذي تم انتهاكه بشكل صارخ.
ليس وضع الكنيست وسلطتها في تحديد بنود العقد الوطني الجديد هو ما يتم مناقشته في المحكمة العليا؛ بل استعداد الجمهور لمناقشة تغيير شروط العقد.
إن موافقة الكنيست على التقاضي أمام المحكمة العليا أمر مضلل، فمن الممكن أن يظن الإنسان أنه لا تزال هناك فرصة عادلة لاستمرار وجود العقد القديم الذي خدم البلاد على مدى 75 عاماً.
ولكن عندما يتحدى الطرف "أ"، مجرمي الانقلاب، سلطة محكمة العدل العليا ذاتها للعمل كمحكم، يفهم الطرف "ب" أنه حتى لو رفضت المحكمة العليا إلغاء سبب المعقولية، فلن يكون أمامها سوى خيار قطعة من الورق يمكن عمل قطع جميلة منها، وستصبح الدولة غير قادرة على العمل كإطار آمن لمواطنيها.
ومن هنا فإن محكمة العدل العليا ليست في مأزق حقيقي، فلا يمكنها ولا يجوز لها تربيع الدائرة، وعليها أن تقرر، بشكل لا لبس فيه، أنها ترفض إلغاء سبب المعقولية، وأنها لا تقوم بالتجاوز والتحليل في محاولة لإرضاء جميع الأطراف.
وليس هذا هو المقصود من الدور المنوط بها في هذا الوقت الخطير. كل الالتواءات و"الاتفاقات" والتنازلات التي كان بمقدور مجرمي الانقلاب تقديمها قبل الجلسة القانونية وسيتمكنون من تقديمها بعدها أيضاً.
المسؤولية الكاملة تقع على عاتق القضاة، ولا يجوز للمحكمة العليا، لا بنية حسنة ولا للحفاظ على وجودها، أن تكون متواطئة في الجريمة التي ينوي الكنيست ارتكابها ضد مواطني الدولة.