موقع نيوز 1
يوني بن مناحيم
يبدو أن "إسرائيل" لم تتعلم الدروس الأمنية اللازمة من اتفاقيات أوسلو، وأحداث نفق الجدار عام 1996، والانتفاضة الثانية عام 2000.
وفي هذين الحادثين، استخدمت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية الأسلحة التي كانت بحوزتها، بموافقة إسرائيلية، لإطلاق النار على المستوطنين الإسرائيليين والجيش الإسرائيلي.
وافق المستوى السياسي في "إسرائيل" -هذا الأسبوع- على إدخال مركبات مدرعة وأسلحة متطورة ومعدات تنصت وحرب إلكترونية من الأراضي الأردنية إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وقد تم نقل الأسلحة من قبل إدارة بايدن إلى السلطة الفلسطينية لغرض "الحرب ضد الجماعات الفلسطينية المسلحة".
وتقول مصادر سياسية في تل أبيب إن إدارة بايدن مارست ضغوطاً كبيرة على "إسرائيل" للموافقة على هذه الخطوة، وكان على "إسرائيل" الموافقة نظراً للقاء رئيس الوزراء نتنياهو المرتقب مع الرئيس بايدن في نيويورك وحتى لا تتهمها الإدارة الأمريكية بإضعاف السلطة الفلسطينية.
وقال مسؤولون في منظمة التحرير الفلسطينية إن حسين الشيخ، الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تمكن في الأسابيع الأخيرة من إقناع إدارة بايدن بأن منظمة التحرير الفلسطينية بحاجة إلى هذه المعدات العسكرية والاستخباراتية لهزيمة الجماعات المسلحة في جنين ونابلس وطولكرم، ومن أجل استعادة سيطرتها في شمال الضفة الغربية.
وأدانت حركة حماس هذه الخطوة، ودعت أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية إلى دعم "مقاتلي المقاومة وحماية الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي".
ويبدو أن السلطة الفلسطينية تمكنت مرة أخرى من الصمود في الولايات المتحدة و"إسرائيل" وتجنب الحرب ضد الجماعات المسلحة في شمال الضفة الغربية، ومشكلة السلطة الفلسطينية لا تكمن في الافتقار إلى المعدات العسكرية اللازمة للحرب ضد المقاومة، بل في الافتقار إلى الرغبة والدافع لدى رئيس السلطة الفلسطينية في محاربة المسلحين.
ويخشى محمود عباس من أن تؤدي حرب السلطة الفلسطينية ضد الجماعات المسلحة في الضفة الغربية إلى إثارة غضب الشارع الفلسطيني وتؤدي إلى حرب أهلية من شأنها زعزعة استقرار حكمه، وبالتالي فإن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تقاتل فقط المجرمين أو نشطاء المعارضة الذين ينتقدون السلطة الفلسطينية وقيادتها علناً.
وفي فبراير 2023، رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الخطة الأمنية التي وضعتها إدارة بايدن لمحاربة المقاومة في الضفة الغربية.
يشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن، عرض على محمود عباس الخطة الأمنية التي وضعها الجنرال مايك بينزيل والتي سيتم في إطارها إنشاء قوة فلسطينية خاصة لمحاربة المقاومة، سيتدرب أفراد القوة في الأردن بتمويل أميركي ومن ثم سيتم تمركزهم في المدن الفلسطينية شمالي الضفة الغربية.
ورفض محمود عباس الخطة الأميركية على أساس أنها تقدمه كمقاول دفاعي لـ"إسرائيل"، وأنها قد تؤدي إلى حرب أهلية في الضفة الغربية.
يذكر أن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تمتلك عشرات الآلاف من الأسلحة وكذلك بعض المركبات المدرعة التي تلقتها بالفعل من الولايات المتحدة في الماضي بموافقة إسرائيلية، كما تمتلك حركة فتح، برئاسة محمود عباس، عشرات الآلاف من الأسلحة، ما هو المفقود هو قرار حازم من رئيس السلطة لعناصره بالقضاء على الجماعات المسلحة.
وبالطبع فإن السؤال الذي يطرح نفسه أيضًا هو: لماذا يتم توفير الوسائل التكنولوجية المتقدمة ومعدات الحرب السيبرانية للسلطة الفلسطينية؟، من الواضح أنها ستستخدم هذه الوسائل للتجسس ومراقبة قوات الأمن الإسرائيلية وجمع المعلومات الاستخبارية.
لن تستخدم السلطة الفلسطينية المعدات السيبرانية لمكافحة التحريض على الشبكات الاجتماعية، فهي نفسها تحرض ضد "إسرائيل" من خلال وسائل الاتصال ونظام التعليم والشبكات الاجتماعية، وتواصل دفع رواتب شهرية للمقاومين وعائلاتهم.
لقد تمكنت السلطة الفلسطينية مرة أخرى من التلاعب بالإدارة الأمريكية و"إسرائيل" وتقديم صورة كاذبة بأنها تريد محاربة المقاومة ولكن أيديها مقيدة، والحقيقة أن محمود عباس مهتم بشيء واحد فقط وهو الحفاظ على حكمه في الضفة الغربية وتلقي مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية.
"إسرائيل" لم تتعلم دروس الماضي ولم تستخلص الاستنتاجات اللازمة وقد تدفع ثمناً باهظاً لذلك في المستقبل".