الديمقراطية لن تكون هنا

هآرتس

كوبي ينيف

ترجمة حضارات


في بداية حرب يوم الغفران، تم إلحاق فريق الهاون الخاص بي بكتيبة مظليين احتياطية، كانت متمركزة في بلوزا في شمال سيناء، والتي كان من المفترض أن ترفع الحصار المصري عن معقل بودابست.

وها هو، أثناء الاستعدادات للمعركة، اقترب مني فجأة جندي احتياطي غير معروف لي، والذي ربما تعرف علي من خلال أنشطتي الكتابية السياسية في حرم جفعات رام بالجامعة العبرية، وسألني "كوبي، ماذا تفعل هنا؟".

قلت له "ماذا تقصد؟ هناك حرب"، قال: "نعم، لكنك ظللت تقول إنه إذا لم نستجيب لدعوات السادات لإجراء محادثات سلام معه، فستكون هناك حرب"، قلت له: "حسنًا، فماذا تريد مني أن أفعل الآن؟".

وأنا لا أقول لكم هذا لأظهر لهم كيف كنت نبيًا، أقول لكم هذا لكي أقول إن حرب يوم الغفران لم تكن "مفاجأة".

ربما كانت المفاجأة على المستوى العسكري، في الوقت والطريقة التي بدأت بها الحرب، ولكن ليس على المستوى السياسي، حيث أدرك شاب عادي مثلي في ذلك الوقت أن الطريقة التي كان يتصرف بها المستوى السياسي في مواجهة مصر، فإن الحرب القادمة ستكون حتمية، وكانت بالفعل كذلك.

إن تمسك حكومات "إسرائيل" والمعارضة والمواطنين برمال سيناء المقدسة، دون ترك ولو فتحة صغيرة لخطاب الحل السياسي، يؤدي حتماً، وأعين مفتوحة في عماها، إلى الحرب الرهيبة.

والآن، بعد مرور خمسين عاماً، ما الذي يفعله المستوى السياسي وحكومات "إسرائيل" والأحزاب اليهودية، بدعم من الشعب كله، في مواجهة الفلسطينيين وصمودهم تحت حكم احتلال غاشم في الضفة الغربية وغزة منذ عام 1967، يقودون، ومرة ​​أخرى بعيون مفتوحة في عميهم إلى إنشاء دولة شريعة دكتاتورية في "إسرائيل"، وهذه المرة، ليس كما هو الحال حتى الآن، وليس فقط بالنسبة للعرب.

إن الانقلاب الذي يحدث أمام أعيننا المندهشة فجأة، مع تأخير طفيف لمدة 50 عامًا، لا ينبع من فضول بيبي والصعود المفاجئ إلى السلطة لليمين الديني المتعصب، الذي ثار ضدنا اليساريين والليبراليين والعلمانيون والأشكناز مثلنا لينقلونا، حرفيًا، إلى خارج البلاد.

والعكس هو الصحيح، فهذه الحكومة وهذا الحكم وهذا النظام هم نتيجة حتمية لـ56 عاماً من الاحتلال وقمع فرصة السلام.

وكما أدى رفض "إسرائيل" التفاوض مع مصر حتماً إلى حرب يوم الغفران، فإن رفض "إسرائيل" رفع نير الاحتلال عن الفلسطينيين يؤدي حتماً إلى دكتاتورية يهودية.

إن الصراع حول شخصية المحكمة العليا هو، سامحني، مزحة. لأنه لا المحكمة العليا ولا حركة الاحتجاج ستوقف إقامة الدكتاتورية اليهودية في أرض "إسرائيل".

قد يبطئون ويؤخرون نموها قليلاً، خلال عام ونصف أو نحو ذلك، لكن دولة الهالاخاه الديكتاتورية في أرض "إسرائيل"، بدأت بالفعل في الصعود والازدهار دون أي عائق أو توقف، إلا هنا وهناك مع بعض التأخير.

وحتى لو سقطت هذه الحكومة فجأة، بمعجزة ما، وإذا قامت، ولو للحظة وجيزة، حكومة احتجاجية معارضة "ليبرالية" في ظلها، فإنها لن تكون قادرة، لا في تفكيرها ولا في صلاحياتها، على قيادة نظام القمع المطلوب (وغير الديمقراطي بشكل واضح)، للمستوطنون الذين يمتلكهم المسيَّاني، من أجل إنقاذ "إسرائيل" مما يلتهمهم.

وستعود السلطة بعد ذلك إلى أيديهم، وبذلك تنتهي مسألة الديمقراطية السخيفة وغير الضرورية.

وهذا سوف يقودنا، عاجلاً أم آجلاً، إلى نهايتنا المريرة، كيف بالضبط؟ إذا عشنا، فسنرى.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023