نتنياهو يحطم رقمه القياسي بالتحريض ضد معارضيه

هآرتس

عاموس هرائيل

ترجمة حضارات


إن مغادرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإلقاء كلمة أمام الأمم المتحدة وزيارة الولايات المتحدة، جمعت كل خصائص ولايته الحالية، منذ تشكيل الحكومة في نهاية كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.

ويمارس نتنياهو ضغوطا كبيرة، ويبالغ في التحريض ضد خصومه السياسيين وحركة الاحتجاج، وينشر كلاما فارغا عن إيران، ويظهر إسرافا وجشعا، دون أي مبرر موضوعي.

وكل هذه الأمور تحدث الآن بشكل أسرع وأقوى، تماما مثل معدل تشغيل أجهزة الطرد المركزي في المواقع النووية الإيرانية، والتي ساعد هو نفسه بشكل غير مباشر في تقدمها عندما أقنع صديقه الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران.

والأسوأ من كل التحريض، وبدا منزعجا بشكل واضح، بعد مظاهرة وداع في "إسرائيل"، وتحسبا لاحتجاج إسرائيلي غير مسبوق ينتظره في الولايات المتحدة، تحدث نتنياهو إلى الصحفيين قبل ركوب الطائرة إلى سان فرانسيسكو، الليلة الماضية (الأحد).

وزعم أن المتظاهرين ضد الانقلاب "يشوهون "إسرائيل" أمام الأمم"، واتهمهم بالتواطؤ "مع منظمة التحرير الفلسطينية وإيران وآخرين".

وحتى في سجل رئيس الوزراء الخاص، يبدو أن رقما قياسيا جديدا من التحريض ضد معارضيه قد تم تحطيمه هنا.

نتنياهو، الذي من الواضح أنه لم يتعلم أي درس من مقتل اسحق رابين (باستثناء الشفقة على الذات)، ييستيح ببساطة دماء المتظاهرين.

ولن تكون مفاجأة كبيرة إذا اعتبر بعض أنصاره الأكثر تطرفاً، الأمور أمراً مفروغاً منه.

أصدر مكتبه هذا الصباح، رسالة متعرجة تحاول التقليل من تأثير كلماته والادعاء بأنها أخرجت من سياقها، كان الأمر غير مقنع للغاية.

وحتى قبل وصوله إلى نيويورك، توقف نتنياهو في سان فرانسيسكو، لعقد اجتماع رفيع المستوى مع أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك، ليست هذه هي المرة الأولى التي يغازل فيها نتنياهو حكاما أو رجال أعمال يغازلون هم أنفسهم معاداة السامية.

لكن الأمور تصبح أكثر خطورة بسبب التوقيت، ماسك في وسط مواجهة رفيعة المستوى مع منظمة يهودية أمريكية مؤثرة، رابطة مكافحة التشهير، التي اتهمته بتشجيع العنصرية ومعاداة السامية على الشبكة الاجتماعية التي اشتراها، تويتر.

إنه في حاجة ماسة إلى كل إعادة التأهيل التي يمكنه الحصول عليها، وقد تطوع رئيس وزراء "إسرائيل" بمنحه إياها، مقابل صورة تذكارية ومحادثة مدروسة حول الذكاء الاصطناعي.

مسؤولون كبار آخرون، في "إسرائيل" والعالم اليهودي، رفضوا مؤخراً مقترحات من ماسك حتى لا يقعوا في نفس الفخ، لكن نتنياهو مشغول بنفسه فقط.

وفي سان فرانسيسكو، كما في نيويورك، سترافقه في كل مكان حركة الاحتجاج الإسرائيلية، التي بدأت ترفع شعارات ضده في أماكن استراتيجية، بما في ذلك مبنى الأمم المتحدة وسجن الكاتراز.

ومن الكلمات الموجزة التي ألقاها رئيس الوزراء عند أسفل الطائرة، كان من الممكن أن نفهم مدى تأثير هذه المظاهرات على جلده.

ومن المؤكد أن حقيقة أن مئات من اليهود الأمريكيين، وعدد ليس بقليل من منظماتهم يعتزمون هذه المرة، على نحو غير عادي، المشاركة في الاحتجاج، تجعله مستيقظًا بالتأكيد.

إن الآلية المتشعبة لنشر الأكاذيب التي تعمل لصالح نتنياهو، تختلق الآن أعذارًا حول مشاكل في المواعيد، والتي يُزعم أنها ساهمت في حقيقة أنه لن يتم استقباله كالمعتاد من قبل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في اجتماع في البيت الأبيض، الحقيقة هي أن القرار كان بيد بايدن وحده.

وسيتعين على نتنياهو الاكتفاء بالوقت المخصص له على هامش مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وقد يتضمن هذا الاجتماع أيضا خطبة من الرئيس حول ضرورة الحفاظ على "إسرائيل" ديمقراطية.

في الخلفية، بجانب الأزمة الداخلية في "إسرائيل"، ستكون هناك ثلاث قضايا مترابطة: الجهود المبذولة لكبح البرنامج النووي الإيراني، والمحاولة الأمريكية للتوصل إلى اتفاق تطبيع بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية، والادعاء السعودي بأن مثل هذا الاتفاق وسيتضمن خطوات إسرائيلية مهمة لصالح الفلسطينيين.

وكانت إيران أبلغت الأسبوع الماضي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنها ستمنع ثلث مفتشي الوكالة المكلفين بمواقعها النووية من زيارة المواقع.

وجاء هذا الإعلان بالتحديد بعد التوصل إلى التفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تم بموجبها إطلاق سراح الأصول الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية، وتقرر إطلاق سراح السجناء والرهائن بشكل متبادل بين إيران والولايات المتحدة، مقابل التزام النظام في عدم تخصيب طهران لليورانيوم فوق مستوى 60%، وتم اليوم تبادل الأسرى رغم تقييد زيارات المفتشين.

وتشير هذه الأمور إلى أن النظام يشعر بالقوة الكافية للتحكم في العلاقات مع الولايات المتحدة، وتشير التقديرات إلى أن إدارة بايدن لن تخاطر بخرق الأدوات رداً على ذلك.

ومن المرجح أن يخصص نتنياهو، كعادته، جزءاً كبيراً من خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع للأخطار التي تشكلها إيران.

ومشكلته هي أن أصدقاء "إسرائيل" أصبحوا أيضاً أقل اهتماماً بهذه المخاطر الملموسة، مما كانوا عليه في الماضي.

على هذه الخلفية، وعلى خلفية آمال نتنياهو في أن يحقق بايدن الاتفاق، الذي طال انتظاره مع المملكة العربية السعودية نيابة عنه، لا يستطيع رئيس الوزراء تحمل صدام مدوي للغاية مع الرئيس، والأرجح أن انتقاد التفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران سيكون مجرد كلام.

تهديد متجدد

في هذه الأثناء، تقترب الساحة الفلسطينية من نقطة غليان جديدة، يوم الجمعة، كتب هنا عن القلق الرئيسي للمؤسسة الأمنية، فيما يتعلق بتهريب العبوات الناسفة القياسية من الأردن، والتي يمكن أن تنتهي في أيدي الجماعات الفلسطينية في الضفة الغربية، وفي أيدي المنظمات الإجرامية العربية في مناطق الخط الأخضر.

وبعد ساعات قليلة، انفجرت عبوة ناسفة قوية في حديقة ياركون في تل أبيب، دون وقوع إصابات.

بعد وقت قصير، في نهاية مطاردة بالقرب من الرملة، أوقف الشاباك والجيش الإسرائيلي سيارة كان بداخلها فلسطينيان مشتبه بهما لوضع العبوة، ولم يذكر ما إذا كانت شحنة عادية أم إنتاج محلي مرتجل.

إن العبوات القياسية، التي تستخدمها الجيوش عادة، هي أكثر فتكا بكثير من العبوات الناسفة التي استخدمتها عادة المنظمات في الانتفاضة الثانية.

وهناك شك مبرر في أن إيران تقف وراء بعض عمليات تهريب هذه الشحنات على الأقل، في محاولة لإشعال النار في المنطقة.

وفي الخلفية هناك ارتفاع مستمر في عدد عمليات إطلاق النار والطعن والدهس، في الضفة الغربية والقدس.

وفي الأسابيع الأخيرة، أضيف إلى ذلك تهديد متجدد، المظاهرات العنيفة التي تشجعها حماس على طول السياج على حدود قطاع غزة، والتي توقفت بعدها بشكل شبه كامل في السنوات الثلاث الأخيرة.

ويبدو أن حماس تفحص "إسرائيل" وتفترض أنها ستمتنع عن القيام برد فعل حاد، حتى لا تنجر إلى تصعيد عسكري في وقت داخلي غير مناسب.

اختار نتنياهو، تحت ضغط من الداخل، الذهاب في زيارة ستستمر سبعة أيام ونصف على الأقل، ولن تنتهي إلا عشية يوم الغفران.

وفي الوقت الحالي، فهو منزعج بشكل رئيسي من الاحتجاج ضده وجلسات الاستماع المقبلة، في الالتماسات المقدمة إلى المحكمة العليا ضد الانقلاب.

لكن كان عليه أن يأخذ في الاعتبار أن حدثا غير عادي على الساحة الفلسطينية، سيجبره على قطع زيارته والعودة بشكل عاجل إلى "إسرائيل" ليهتم بإطفاء النيران.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023