بقلم:
الأسير الكاتب:
إسلام حامد
تظاهرات مستمرة في داخل الكيان الصهيوني وامتدادات لها خارجيًا، أصبحت السمة اليومية للسياق الاجتماعي والسياسي داخل الجماعة اليهودية، لا يمكن إخفاء التشققات الجوهرية الحاصلة بين مركبات الجماعة اليهودية ومشروعها الاستعماري في فلسطين.
ينطلق من هذه المشهدية الكاتب الصهيوني الليبرالي ناحوم برناع، مقدمًا مقارنة ليست بالهينة حول الاستقبال المهيب عام 1976 في الذكرى الـ200 لولادة الولايات المتحدة الأمريكية، لرئيس حكومة الكيان الصهيوني في حينه يتسحاق رابين، والاستقبال اليتيم اليوم لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
حيث بدأ رابين في حين زيارته لمدينة فيلارافيا، مهد الاستقلال الأمريكي، مع وجود طائرة عسكرية تنتظره لنقله إلى المحطات التالية، لاحقًا وصل إلى البيت الأبيض ليلتقي مع الرئيس الأمريكي فورد وقيادات الحزبين، ومن ثم إلى المحطة الثالثة، زيارة مدينة لوس انجلوس، على شرف نجوم هليوود، اليهود وغير اليهود، ويرافقه في هذه الرحلة وزير الخارجية الأمريكي الشهير هنري كيسنجر.
بدون كل ما سبق لن يكون هناك من ينتظر زيارة نتنياهو سوى مزيد من التظاهرات على الأرض الأمريكية، لتضيف مزيدًا من الإحراج للرجل المتمسك بالسلطة عبر تحالف من التطرف والعنصرية، ومسارات تعيد للأذهان عصور الظلام، وفي احتقار للصورة فإن قيادات من دول العالم الثالث والرابع سيكون لهم الترحاب في الاجتماع السنوي للأمم المتحدة أكثر من نتنياهو، مع دعوة التأكيد بعدم وجود أي أفضلية لنتنياهو في هذه الزيارة، كون كل من يمتلك دعوة الأمم المتحدة سيكون في نفس الزمان والمكان، كحضور سابق للرئيس الإيراني أحمدي نجاد ورئيس منظمة التحرير ياسر عرفات.
مع عدم إغفال الأوقات الجيدة جدًا لنتنياهو في أمريكا، حيث امتلك الكثير من الدعم والإسناد، وخصوصًا فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق ترامب، في هذه الزيارة اختلف الأمر، ففي كل محطة هناك المئات وقد يكون الآلاف من المتظاهرين ضد حكم نتنياهو للكيان الصهيوني.
كما أننا لا يمكن إغفال حراكات أخرى داعمة للفلسطينيين كتجمع BDS وأيضًا اليهود الحسديم من طائفة ساتمر غير الصهيونية.
في كل القراءات يتم الأخذ بالاعتبار للمشاهد والقصص المهمة التي تنطلق من قلب التظاهرات المعارضة للائتلاف القائم.
لكن ما يهم أمريكا أن خلال 75 عام من قيام دولة الكيان الصهيوني اعتبر الكيان نيتها خط المواجهة المتقدم عن أمريكا وسياستها في المنطقة المشتعلة دومًا، الشرق الأوسط، لذلك كان واجبًا على أمريكا مساعدتها دائمًا.
إلا أن التظاهرات اليوم تغير المعادلة إلى السؤال عن المعركة التي تخوضها دولة الكيان الصهيوني مع أعداء أمريكا الخارجيين بل مع المستجمع الصهيوني من الداخل، وكيف يمكن علاج ذلك؟
بمعنى هل ستدعم أمريكا حكومة الكيان في مواجهة الداخل كما دعمتها في مواجهتها مع العدو الخارجي؟
وبمن تؤمن أمريكا اليوم؟ هل بنتنياهو وزوجته سارة، أم بعموم الصهاينة الذين يقفون في مواجهة حكومة اليمين المتطرف.
تساؤلات عدة، تُطرح لها الكثير من الاحتمالات.
والأهم أن الكيان بما يمثله نتنياهو أصبح أكثر بعدًا من الحضور المفترض أن يكون عليه، فهو كيان يتيم.