القناة الـ 12
تظهر علامة استفهام كبيرة حول آفاق اتفاق التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية، خاصة بعد تقرير صحيفة نيويورك تايمز أمس (الثلاثاء)، بأن الولايات المتحدة عرضت على السعوديين اتفاقية دفاعية مقابل موافقتهم على الخطوة.
وبحسب التقرير، عرضت واشنطن على الرياض اتفاقية دفاعية، مماثلة لتلك التي أبرمتها الولايات المتحدة مع اليابان وكوريا الجنوبية.
في مثل هذه الحالة، سيُطلب من الجيش الأمريكي التصرف بنشاط وحماية المملكة السعودية في حالة تعرضها لهجوم من قبل إيران أو كيان آخر تديره في المنطقة.
وكتبت صحيفة نيويورك تايمز أن موضوع التحالف الدفاعي هو أحد الأسس المركزية لأي اتفاق مستقبلي بين البلدين، وأفاد مسؤولون أميركيون أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يرى أن التحالف الدفاعي المشترك هو العنصر الأكثر أهمية في المحادثات مع إدارة بايدن بشأن التطبيع مع "إسرائيل".
وفي الوقت نفسه، هناك تحدٍ كبير وكبير للترويج للاتفاق في الكونغرس الأميركي، ومن المشكوك فيه أن يوافق مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه فعلياً الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن، على الترويج لمثل هذا الاتفاق.
وفي الآونة الأخيرة، ترددت أنباء عن أن إدارة بايدن تجري محادثات مع إيران في مجالات مختلفة، ويُزعم أنه توصل معها إلى «تفاهمات غير مكتوبة» حتى لا يُطلب منه تمرير اتفاق في الكونغرس، خشية ألا يتمكن من تمريره.
ومن ناحية أخرى، فإن أي اتفاق مع السعودية يتطلب تنازلات أميركية، وبالتأكيد تحالفاً دفاعياً، يتطلب موافقة كاملة من ممثلي مجلسي الشيوخ والنواب.
ومن أجل تمرير اتفاقيات التحالف الدفاعي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بنجاح في مجلس الشيوخ، هناك حاجة إلى موافقة 67 من أصل 100 عضو، أو ثلثي عدد أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين في التصويت.
وبينما يدعم الحزب الجمهوري، الذي يعارض بايدن، على نطاق واسع الترويج لاتفاقيات التطبيع الإسرائيلية مع دول أخرى في المنطقة، فإنهم في حزب الرئيس يرفضون بشدة منح مثل هذه المزايا الباهظة للسعودية.
ويعارض العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الجانب الأيسر من الخريطة السياسية في الولايات المتحدة، مساعدة ولي العهد الأمير بن سلمان.
لا يزال الكثيرون يتذكرون مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، ويعارضون بشكل خاص أنشطته على خلفية الحرب الأهلية في اليمن والقتل الجماعي الذي تسبب فيه التحالف العربي بقيادة الجيش السعودي.
بالإضافة إلى ذلك، ينتقد الكثيرون تعاون إدارة بايدن مع المملكة، على خلفية تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في أغسطس/آب، والذي ذكر أن مقاتلي حرس الحدود السعودي قتلوا مئات المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا عبر البحر الأحمر.
حجة أخرى تطرح في أروقة الكونغرس الأميركي ضد إمكانية توقيع تحالف دفاعي مع السعودية، هي أن ذلك سيؤدي فعلياً إلى زيادة الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، في أيام يكون التوجه فيها هو تقليص النشاط في هذه المنطقة.
وتنفي إدارة بايدن نفسها أنها تنوي سحب قواتها العسكرية من المنطقة، لكن من الصعب أن نرى كيف ستوافق واشنطن على تدفق العديد من القوات إلى المنطقة الآن.
بينما يُنظر إلى التحالف الدفاعي مع الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية على أنه قيمة مركزية لتعزيز اتفاق التطبيع مع "إسرائيل"، فقد رفضوا في الماضي الأفكار والإمكانيات لتعزيز مثل هذا التحالف الدفاعي مع الولايات المتحدة.
الحجة الرئيسية للمعارضين هي أن مثل هذا الاتفاق سيحد بشكل كبير من حرية عمل قوات الأمن الإسرائيلية في جميع أنحاء المنطقة، وسيتطلب تنسيقًا كاملاً ومركزيًا مع الأمريكيين.
تحالفات دفاعية مع اليابان وكوريا الجنوبية
وقعت الولايات المتحدة أول تحالف دفاعي مع الحكومة اليابانية في عام 1951، بعد سنوات قليلة من هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، حيث تم توقيع الاتفاقية أثناء الاحتلال الأمريكي لليابان، وتم تحديثها عام 1960 للأيام التي تلت الاحتلال، كما تم التوقيع على اتفاقية مماثلة مع كوريا الجنوبية في عام 1953، بعد أيام من انتهاء الحرب الكورية ضد الشمال.
وكان الدافع الأساسي الذي أدى إلى توقيع الاتفاق مع الاثنين هو حمايتهما، في وقت كانا فيه ضعيفين جداً من الناحية الأمنية، من النفوذ السوفييتي.
وتعتبر التحالفات الدفاعية مع اليابان وكوريا الجنوبية جزءاً مهماً ومركزياً من الحرب الباردة، وفي عام 1957، تم إنشاء قيادة الجيش الأمريكي في اليابان، تحت قيادة الجيش الأمريكي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتضم قيادة اليابان ما يقرب من 52 ألف جندي و8000 مدني منتشرين في 85 منشأة في اليابان.
وفي عام 1957، تم إنشاء قيادة الجيش الأميركي في كوريا أيضاً، حيث يخدم فيها ما يقرب من 28500 جندي، وتضم القيادات في اليابان وكوريا الجنوبية العديد من القوات، بما في ذلك القوات الجوية والبحرية، وتدير أسلحة متقدمة للغاية.