هل تقترب عقيدة بيغين إلى نهايتها؟

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات





بدأ سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط في اليوم الذي وقعت فيه الولايات المتحدة الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015، وهو يغلي ببطء في مصر والإمارات العربية المتحدة وتركيا، وقد يتصاعد الآن أكثر إذا اتفقت الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ضمن الاتفاق الثلاثي مع السعودية، للسماح لها بتخصيب اليورانيوم على أراضيها.

وأي منشأة نووية سيتم بناؤها على الأراضي السعودية يجب أن تكون تحت إشراف أمريكي صارم حتى يمكن إيقاف تشغيلها بمجرد رغبة السعودية في إنتاج أسلحة نووية.

 ولا يخفي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نيته الحصول على أسلحة نووية لموازنة معادلة الردع مع إيران، وهذا أحد الأسباب الرئيسية لرغبته في التطبيع مع "إسرائيل"، بحيث ستفتح الباب أمام واشنطن في هذا الشأن و بل يتعهدون بعدم الإضرار بالمنشأة النووية التي سيتم بناؤها على الأراضي السعودية كما ألحقت الضرر بالمفاعلات النووية في العراق وسوريا.

ولا تزال مسألة ما إذا كانت "إسرائيل" ستعارض بشدة تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية مفتوحة، فقد صرح رئيس الوزراء نتنياهو لقناة سي إن إن التلفزيونية في 22 سبتمبر أن تخصيب اليورانيوم السعودي "أمر معقد"، و"هناك مشاكل كبيرة هناك وهي قضية معقدة" وأكد نتنياهو وتجنب الإجابة المباشرة، وإذا وافق رئيس الوزراء نتنياهو على ذلك؛ فستصبح السعودية الدولة الثانية التي تقوم بتخصيب اليورانيوم في الشرق الأوسط.

اتبعت "إسرائيل" منذ 40 عاما سياسة تسمى "عقيدة بيغن"، والتي بموجبها لن تسمح لأي دولة في الشرق الأوسط بإنتاج أسلحة نووية من شأنها أن تعرض وجود دولة "إسرائيل" للخطر؛ لذلك منذ حوالي 20 عامًا قد خاضت صراعاً شرساً ضد نية إيران إنتاج أسلحة نووية، ولذلك دمرت المفاعلات النووية التي بنت العراق وسوريا.

ويجب على "إسرائيل" ألا تغير سياستها، ولا يمكنها المقامرة بأمنها في كل ما يتعلق بالملف النووي، بل وتسمح بتسريع سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط.

وإذا كانت نوايا السعودية صافية بالفعل، وهي تريد التطبيع مع "إسرائيل" فعلًا، فلا ينبغي لها أن تشترط اتفاق التطبيع مع "إسرائيل" على حصولها على التكنولوجيا الأمريكية التي ستسمح لها بتخصيب اليورانيوم في أراضيها، فقد جاءت إلى هذا الاتفاق بأيدٍ غير نظيفة وأيدي غير نظيفة، لقد حان الوقت لكي تستيقظ "إسرائيل" من هذه الأوهام وتنظر إلى الواقع القاسي مباشرة في أعينها.

فيما يعارض كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشدة إمكانية موافقة "إسرائيل" على قيام المملكة العربية السعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها والقدرة على تخصيب اليورانيوم مع مرور الوقت إلى مستوى عسكري بنسبة 90٪ من أجل إنتاج أسلحة نووية.

 ويحذر مسؤول أمني رفيع المستوى من أن "هذا خطأ تاريخي قد تدفع "إسرائيل" ثمنه غاليا جدا".

وتتمتع السعودية بعلاقات جيدة مع باكستان التي تمتلك أسلحة نووية لكنها تفضل إنتاج الأسلحة النووية بنفسها ولا تعتمد على باكستان في تزويدها بالرؤوس الحربية النووية.

كما أن لزعماء مثل الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، اعتبارات سياسية فيما يتعلق بالاتفاق الثلاثي مع السعودية، لكن يجب عليهم أن يتعالوا عنها، فلا يمكنهم أن يغمضوا أعينهم عن الخطر الكامن في منح السعودية الفرصة لإنتاج أسلحة نووية في المستقبل، ومن المرجح ألا يوافق الكونجرس الأمريكي على مثل هذه الصفقة، إذ لا يصدق معظم أعضاء الكونجرس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي حددت الاستخبارات الأمريكية بشكل لا لبس فيه أنه المسؤول عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وحتى لو حصلت المملكة العربية السعودية في النهاية على الموافقة التي طال انتظارها من الولايات المتحدة وإسرائيل لتخصيب اليورانيوم على أراضيها، فليس من الواضح كيف سترد إيران على ذلك، فمن المؤكد أنه من الممكن أن يدفع ذلك إيران فعليًا لإنتاج أسلحة نووية، ووصل اليورانيوم الذي بحوزتها إلى مستوى 90 %، وهو ما سيسمح لها بإنتاج أسلحة نووية.

ويجب على إسرائيل أن تستمر في التمسك بعقيدة "بيغن" التي أثبتت نفسها منذ سنوات طويلة، فالطلب السعودي لتخصيب اليورانيوم على أراضيها يشكل خطورة كبيرة على "إسرائيل"، ومن الممكن، ربما، من باب الاختيار، الموافقة على تسوية تحت مظلة واحدة. والتي ستكون جميع عمليات تخصيب اليورانيوم السعودية مشروطة بإشراف وموافقة الولايات المتحدة الأمريكية.

ولا يجوز لـ"إسرائيل" أن تتراجع، فالسعودية بحاجة إلى مساعدتها ومساعدة الولايات المتحدة في مواجهة الخطر الإيراني، فلا داعي للاستعجال في منحها ما تريد، وهو ما يعرض أمن "إسرائيل" للخطر كما ذكرنا.



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023