العقد الدفاعي الإسرائيلي الأمريكي.. تعزيز العلاقة طويلة الأمد والرد الاستراتيجي على تحديات المستقبل

معهد بحوث الأمن القومي

ترجمة حضارات

التوصية: على "إسرائيل" أن تسعى جاهدة إلى إبرام عقد دفاعي مع الولايات المتحدة، يقتصر على التهديدات المتطرفة والوجودية، ويقتصر على منطقة الشرق الأوسط، في ظل الظروف الاستراتيجية المتغيرة والتهديدات التي يتعرض لها مستقبل العلاقات.


الحقائق..

في الآونة الأخيرة، تزايدت قوة التقارير حول التقدم نحو تطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل"، وذلك كجزء من اتفاقيات أوسع بين السعودية والولايات المتحدة.


وفي المحادثات بين هذه الدول، هناك حتى إمكانية لإبرام عقد دفاعي بينهما، استجابة لمطالب المملكة العربية السعودية.


كما أعادت هذه المناقشة طرح إمكانية إبرام عقد دفاع بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، على افتراض أن الولايات المتحدة ستجد صعوبة في تقديم ضمانة أمنية للمملكة العربية السعودية وحدها.


يعبر عقد الدفاع بين دولتين أو أكثر عن الالتزام المتبادل بأمنهم. وقد وقعت اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا والفلبين و31 دولة عضو في حلف شمال الأطلسي عقودًا دفاعية مع الولايات المتحدة، على الرغم من وجود تباين كبير بين الإصدارات المختلفة للعقود.


 آخر معاهدة ثنائية وقعتها الولايات المتحدة -بخلاف توسيع حلف الناتو- كانت مع اليابان في عام 1960، ومنذ ذلك الحين، تجنبت الولايات المتحدة تحمل هذا الالتزام الاستراتيجي الأسمى واكتفت بتقديم ضمانات أمنية أكثر محدودية خارج الإطار التعاقدي.


كان رئيس الوزراء بن غوريون يطمح إلى إبرام عقد دفاعي مع الولايات المتحدة في الخمسينيات من القرن الماضي. ومنذ ذلك الحين اعتبر رؤساء الوزراء اسحق رابين وشمعون بيريز وإيهود باراك ذلك بمثابة تبادل أمني وسياسي هدفه تعويض "إسرائيل" عن التنازلات التي تنطوي عليها المستوطنات مع الفلسطينيين وسوريا وتخفيف ثمن هذه التنازلات لدى الرأي العام الإسرائيلي.


كما طرح رئيس الوزراء نتنياهو الفكرة خلال الحملة الانتخابية للكنيست الثانية والعشرين في سبتمبر 2019. ومع ذلك، اعترضت المؤسسة الأمنية تقليديًا على عقد الدفاع لأسباب مختلفة مفصلة أدناه.


المعاني..


إن عقد الدفاع بين "إسرائيل" والولايات المتحدة سيكون التعبير النهائي عن "العلاقة الخاصة" بينهما، وسيؤسسها رسميًا كجزء من السياسة الوطنية لكلا البلدين، علاوة على ذلك، سيعزز العلاقة طويلة الأمد.


 وبالإضافة إلى ذلك، فإن عقد الدفاع مع الولايات المتحدة سيعزز قوة الردع الإسرائيلية ضد منافسيها، ويثبت في أذهانهم الالتزام الأميركي طويل الأمد بأمن "إسرائيل"، الأمر الذي قد يحتاج إلى دعم أمريكي في حالة قيام إيران بنزع سلاحها النووي، بل وأكثر من ذلك إذا ظهر شرق أوسط يضم لاعبين نوويين متعددين.


إن معارضة عقد الدفاع مع الولايات المتحدة ترتكز أولاً وقبل كل شيء على خوف "إسرائيل" من فقدان حريتها في العمل ومطالبتها بالمثل، أي المساعدة في الدفاع عن الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم ودعم سياستها العالمية.


 ومع ذلك، من الناحية العملية، فإن التعاون بين "إسرائيل" والولايات المتحدة عميق جدًا على أي حال، لدرجة أن "إسرائيل" لا تتخذ أبدًا أي إجراء عسكري أو سياسي مهم دون استشارة الولايات المتحدة والحصول فعليًا على موافقتها.


واليوم بالفعل، مطلوب من "إسرائيل" دعم السياسة العالمية للولايات المتحدة. وباعتبارها حليفاً رسمياً مرتبطاً بعقد دفاعي، سيتم ضمان حصول "إسرائيل" على المعدات العسكرية الأمريكية المتقدمة والتقنيات الفريدة، مما سيحافظ على تفوقها العسكري النوعي.


التوصيات..


إن مسألة التطبيع مع السعودية، التي تتطلب عقد دفاع مع الولايات المتحدة، تخلق نافذة فرصة لـ"إسرائيل" أيضًا.


 يتعين على "إسرائيل" أن تسعى جاهدة لإبرام عقد دفاعي مع الولايات المتحدة كجزء من صياغة استراتيجية منظمة ضد تحديات المستقبل، وخاصة إيران النووية والتسلح النووي الإقليمي المتعدد الأطراف.


 ومن شأن عقد الدفاع أن يعزز "العلاقة الخاصة" مع الولايات المتحدة على المدى الطويل، والتي تشكل ركيزة أساسية لسياسة الأمن القومي الإسرائيلي.


واليوم بالفعل، يهدد التأثير السلبي التراكمي لسياسة "إسرائيل" تجاه القضية الفلسطينية والاتجاهات الديموغرافية والسياسية العميقة في الولايات المتحدة مستقبل العلاقات.


ومن شأن عقد الدفاع أن يسهل على "إسرائيل" تعزيز الدعم الحزبي بمرور الوقت والتزام الإدارات المستقبلية بأمن "إسرائيل".


 وفي ظل الظروف الاستراتيجية المتغيرة بسرعة في الشرق الأوسط، يتعين على "إسرائيل" أن تستفيد من عقد الدفاع لتعزيز البنية الأميركية الإقليمية.


إن بناء نظام استراتيجي متعدد الأطراف من شأنه أن يخفف من مخاوف حلفاء الولايات المتحدة بشأن تقليص التدخل الأمريكي في المنطقة.


إن "إسرائيل" لا تحتاج إلى عقد دفاعي مع الولايات المتحدة حتى تتمكن من التعامل مع تهديدات مثل الـ"إرهاب" وحزب الله وحماس، والولايات المتحدة من جانبها لن ترغب في تحمل أي التزام بالتعامل مع هذه التهديدات.


لذلك، لكي تحافظ "إسرائيل" على حريتها في العمل وحتى لا يُطلب منها خوض حروب الولايات المتحدة العالمية، يجب أن يقتصر محتوى العقد على التهديدات الوجودية والمتطرفة، وعلى منطقة الشرق الأوسط فقط، على غرار العقود التي أبرمتها الولايات المتحدة مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، والتي تقتصر على ساحاتها.


ويجب أن يرسخ العقد الالتزام الأمريكي بالميزة النوعية لـ"إسرائيل" (QME) وينظم مسألة المساعدة الأمنية في المستقبل.


ويجب على "إسرائيل" أن تتأكد من عدم المساس بحقوق الأطراف في الدفاع عن النفس والتصرف وفق إجراءاتهم القانونية، كما هو معتاد في هذه العقود، بطريقة تترك مجالاً معينًا للعمل المستقل في حالات استثنائية.


وكباقي حلفاء الولايات المتحدة، ستكون "إسرائيل" مستقلة في تقرير طبيعة ومدى مساهمتها العسكرية في جهود الولايات المتحدة في العالم، إذا لزم الأمر.


 المساعدة في مجالات مثل الهيئة الطبية وقيادة الجبهة الداخلية والدفاع الجوي ستوفر الإجابة على هذا السؤال. إن التفاوض على عقد الدفاع سيخلق فرصة لإثارة قضية التعاون الصناعي والدفاعي لضمان مكانة "إسرائيل" في التحالفات التكنولوجية التي تروج لها الولايات المتحدة في العالم.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023