القناة 12
محمد مجادلة
ترجمة حضارات
"كان أسبوعاً ناجحاً لجميع الأطراف"، هكذا وصف مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية، التطورات منذ المقابلة التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع شبكة فوكس نيوز الأميركية.
وفي المقابلة نفسها، اعترف الأمير، لأول مرة بصوته، بأن تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية يقترب، وأن المملكة التي تقود العالم العربي والإسلامي مهتمة "بجعل "إسرائيل" لاعبا في المنطقة".
ورغم محاولة الفلسطينيين خلق الانطباع بأنهم يتحكمون في تسلسل الأحداث، إلا أن كلام بن سلمان في المقابلة فاجأ القيادة الفلسطينية إلى حد ما.
من جهتها، توقعت أن تسمع، ولو ضمنياً، إشارة إلى إنشاء دولة، أو إشارة إلى مبادرة السلام السعودية.
وكان على الفلسطينيين أن يكتفوا بطموح بن سلمان، في "جعل حياتهم أسهل".
لذلك، لم تتأخر التوضيحات من السعوديين، ترأس سفير المملكة نايف السديري الوفد السعودي الذي استقبل هذا الأسبوع في رام الله، وهو الوفد الأرفع خلال العقود الثلاثة الماضية.
وسبق للسديري أن قدم للفلسطينيين لدى وصوله، ما يريدون في تصريح لوسائل الإعلام: "نعمل على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها شرقي القدس.
لدينا اهتمام كبير بالقضية الفلسطينية، وحلها على أساس قرارات الشرعية الدولية".
على الرغم من تقرير رويترز بأن السعودية ستوافق على التطبيع مع "إسرائيل"، حتى من دون "تنازلات كبيرة" للفلسطينيين، إلا أن الأمور بدت مختلفة قليلا في الغرف المغلقة.
وأوضح السفير لأبو مازن وأعضاء القيادة الفلسطينية، أن المملكة ملتزمة بالحفاظ في إطار أي اتفاق مستقبلي على إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية، حتى لو لم يكن على المدى القصير.
وأوضح مصدر كان حاضرا في لقاءات السديري المختلفة أن الجملة نفسها تكررت بهدف إقناع القيادة الفلسطينية بأن مصلحتها هي الحفاظ على جدوى حل الدولتين، من أجل خلق تحركات مستقبلية من شأنها وضع حد للصراع والضغط على "إسرائيل" في هذا الاتجاه.
قضية تخصيب اليورانيوم
أما على الجانب الإسرائيلي، فيركز الخطاب بالكامل على صعوبات أخرى غير تلك الموجودة على الجانب الفلسطيني، ويشعر زعماء المعارضة بالقلق من أن الاتفاق مع السعودية سيشمل برنامجا نوويا مدنيا على أراضيها.
وحتى أولئك الذين يرغبون في قبول مثل هذه الخطة دون الموافقة على تخصيب اليورانيوم داخل أراضي المملكة، يحتاجون إلى موافقة صريحة من المستوى الأمني على صفقة من هذا النوع.
وتحظى التطورات في "إسرائيل" بهذا الشأن باهتمام كبير لدى السعوديين، الذين ظلوا يتحققون منذ الأسبوع الماضي، في وسائل الإعلام وفي الساحات الأخرى، من مدى جدية المعارضة الإسرائيلية الداخلية لمثل هذه الخطوة.
وتحول بن سلمان من رجل محرم، بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، إلى أكثر القادة العرب المطلوبين في الغرب، ويترك انطباعا واضحا لدى كافة الأطراف بأنه يستمتع بكل لحظة في منصبه الجديد.
الرجل الذي يصنع الثورات في كل المجالات الممكنة تقريبًا داخل المملكة، والذي تمكن من كسر الأعراف التي أرستها أجيال من مؤسسي آل سعود المحافظين، يتخذ خطوة في خطة تثبيت مكانته قبل أن يخلف والده الملك سلمان، الذي حتى هذه اللحظة لم يحسم أمره بشأن المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، وبشكل غير مباشر مع "إسرائيل".
محور الاهتمام السعودي: الأقصى
المملكة العربية السعودية، على عكس دول الخليج الأخرى التي وقعت على اتفاقيات إبراهيم، هي دولة يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة ولها رأي عام لا ينعكس بالضرورة في وسائل الإعلام الرسمية، ولكن بشكل رئيسي في المساجد والخطاب المجتمعي الذي يسيطر عليه الزعماء الدينيون المحليون، في المناطق التي لا يحظى فيها بن سلمان باحترام كبير.
لا يتعلق الأمر ببضع مئات الآلاف من الأشخاص الذين يمكن الاستهانة بهم، لكنه لا يتعلق أيضًا بمراكز القوة التي يمكن أن تطيح بحكمه.
وبهذا يُنظر إلى اتفاق السلام مع "إسرائيل" في السعودية، على أنه اتفاق سلام مع الكيان الذي يسيطر على المركز الثالث في حرمتها (بعد الاثنين في المملكة) المسجد الأقصى، وكان السفير السعودي يعتزم الزيارة والصلاة هناك، لكنه غير رأيه في اللحظة الأخيرة.
وبحسب تقديرات مسؤولين فلسطينيين رافقوا الوفد السعودي في رام الله، فقد خشي السفير من استقبال سلبي أعد له من قبل المصلين، غير الراضين على الإطلاق عن الاتفاق الجاري تشكيله مع "إسرائيل".
وكان يمكن لصور سفير المملكة وهو يطرد من المسجد، بسبب معارضة الاتفاق مع "إسرائيل" أن تلحق ضررا كبيرا بصورة جهود بن سلمان أمام شعبه، وهو ما جعل السفير يتخلى عن هذه الزيارة في اللحظة الأخيرة، بعد تقييم متجدد للوضع.
متطلبات السلطة في الاجتماع
وأيًا كان الأمر، فإن العقبة الرئيسية أمام السلام الإسرائيلي السعودي ليست القضية الفلسطينية، ولا المعارضة في "إسرائيل"، التي لا تتعجل لمنح نتنياهو أي إنجازات، وبالتأكيد ليس البرنامج النووي السعودي، مهما كان معقدًا.
والعائق الرئيسي هو حكومة نتنياهو نفسها، التي كانت على وشك الحل مؤخرًا فقط، بسبب معارضة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لنقل بعض المركبات المدرعة إلى السلطة الفلسطينية.
نفس سموتريتش وبن غفير كانا سيحاولان تفكيك الحكومة، لو كانا حاضرين في لقاء أبو مازن مع السفير السعودي، الذي تلقى قائمة المطالب الفلسطينية الفورية من "إسرائيل"، تجميد البناء في المستوطنات، دمج قوات الأمن الفلسطينية في المعابر الحدودية، ونقل أموال السلطة الفلسطينية، وفتح اتفاقيات باريس وهذه مجرد قائمة جزئية، يجب أن يكون نتنياهو سعيدا لأنهم لم يكونوا حاضرين.