مقالة التحرير في هآرتس . ترجمة حضارات / سليم أبو عمر

مقالة التحرير في هآرتس

ترجمة حضارات سليم أبو عمر

قطف الجثث

الشريط الذي وثق جرافة عسكرية تابعة للجيش الصهيوني تجر جثة فلسطيني قتل بنيران الجيش في قطاع غزة ، يتوجب ان يُقلق إسرائيل ،فليس هكذا يتصرف جيش يحافظ على طهارة السلاح ويتباهى بأن يكون قدوة في أخلاق ومهنية القتال .

حسب الجيش النار أُطلقت بعد أن تم وضع عبوة ناسفة من شخص آخر على الجدار في إطار أنشطة الجهاد الإسلامي ، لكن قرار الجيش استخدام الجرافة كان بسبب تخوف ان يكون اعضاء خلية ( الشهيد ) حملوا على اجسامهم عبوات ناسفة إضافية ، والتي يمكن أن يتم تفعيلها ضد الجنود الاسرائيلين عن بعد أثناء إخلاء الجثة .

سمو هدف إخلاء الجثة يبرر تدنيسها ،لم يقل ذلك الا نفتالي بيبنت وزير الدفاع ،الذي كشف هذا المنطق العليل والمرفوض من وراء تصرف الجنود ونشر بشكل واضح الدافعية لعمل الجرافة قائلا : "سأكون الأكثر وضوحا في العالم" ،سياستي الخاصة ان اجمع جثث "المخربين" و"أجمع مخربين احياء باستمرار.

ان النقص العقيم الذي أظهره نفتالي بيبنت في مواجهة ما أطلق عليه ( الانتقاد المنافق ) من قبل اليسار ضد انعدام الإنسانية في استخدام الجرافة ، لم يترك محلا للظنون ، فعملية الجيش والغطاء الكامل الذي منحه وزير الدفاع بينت لهم هي استمرار او امتداد مباشر لما قاله بينت هذا الشهر في المقابلات ( نحن نقطف نشطاء حماس كأوراق مساومة ) (وتخزين جثث المخربين من اجل أن تؤلم الطرف الآخر ) ، من أجل أن نسرع إعادة المواطنين وجثث الجنود المحتجزين في غزة ،هذه السياسات إلى جانب التعليمات التي اعطاها نفتالي بيبنت للجيش والمؤسسة الأمنية بعد أسابيع من تعيينه وزيرا للدفاع ، قائلا : لنتجهز بوقف كامل لتسليم الجثث ( صغار المخربين بغض النظر عن انتماءهم التنظيمي ) ،استمرار هذه السياسة وإصراره عليها نجح نفتالي بيبنت في إفساد وتخريب المعايير الإسرائيلية ومعايير الجيش والتي هي أيضا تتراجع . بالطبع فإن نفتالي بيبنت لم يخترع شيء فسياسة احتجاز جثث الفلسطينين كأوراق مساومة هي سياسة قديمة وممتدة منذ سنوات طويلة ، وان ما قام به بينت يتناسب مع رؤيته ويوقف إبداء الاسف عن ذلك ،  المنطق السائد انه ( ان كان الإرهاب لا يحترم قوانين الحرب فيتوجب ان نلائم قوانين الحرب في الحرب على الإرهاب) فما الذي يفرّق بين دولة وجيش وتنظيم إرهابي اذاً ، وقد ساهم في هذا قرار القضاء الذي يقضي انه ليس للدولة صلاحيات احتجاز جثث وسمح بأن لا يعيد جثث ( مخربين ) في حالات يساعد بها هذا الشي باعادة إسرائيليين من قطاع غزة ، حينها خرج الجيش في مهمات خاصة لجمع الجثث بغطاء من وزير الدفاع .

ان الشريط الذي تم بثه هذا الاسبوع على حدود قطاع غزة يزود الجميع بلمحة نادرة للنمط الجديد للجيش الإسرائيلي ، والمنزلق شديد الانحدار الذي تتحدث به دولة إسرائيل .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023