الصدمة والحيّرة في الكيان إثر التكتيك العسكري لطوفان الأقصى
حضارات

‏‏قال المحلل السياسي الإسرائيلي المخضرم "ميرون رابوبورت" في  حوار مهم لـ"MEE" تعقيبًا على المفاجئة الصادمة لعملية طوفان الأقصى بأن هذا المستوى من المعارك داخل الأراضي الإسرائيلية لم تشهدها المنطقة منذ عام 1948، مشيرًا بأن هذا المستوى من المباغتة لم يحصل؛ ولا حتى في حرب 1973".

وكشف بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في حالة من الذهول، والثقة الإسرائيلية بالجيش اهتزت حتى النخاع. 

وتابع، في عام 1973 قاتلنا جيشا مدربا، أما هنا فنحن نتكلم عن أناس ليس بأيديهم سوى بنادق الكلاشنكوف، إنه أمر لا يتُصوّر، إنه فشل استخباراتي لا شكّ أن "إسرائيل" سوف تحتاج إلى وقت طويل كي تتعافى منه، من حيث ثقتها بذاتها.

وأضاف أنه من المفروض وجود أجهزة تصوير هناك، وانتشار طائرات مسيّرة في الأجواء، اختراق ذلك السياج بذلك الشكل أمر غير مُتصوّر، إنها ضربة لا يمكن تصوّرها تلقاها التدريب الإسرائيلي نفسه. 

وقال بأن وحدة الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي، والتي تعرف باسم الوحدة 8200، لديها القدرة على معرفة أدق التفاصيل في حياة الفلسطينيين، ومع ذلك لم تكن قادرة على معرفة أن بضع مئات، أو ربما بضع آلاف، من المقاتلين كانوا يستعدون للقيام بهجوم معقّد وعلى نطاق واسع.

وكشف بأن الصور التي أفرزها الهجوم الفلسطيني بما في ذلك للمقاتلين وهم يتمشون داخل البلدات الإسرائيلية، وكذلك وهم يقودون النساء والأطفال والعجائز نحو الأسر داخل غزة سوف يكون لها تأثير عميق على الجمهور الإسرائيلي".

وتابع بأن الصور التي بثّها التلفزيون لفتيات وهنّ يهمسن عبر الهاتف لوسائل الإعلام، ويتساءلن طوال النهار أين الجيش، ويقلن "نحن هنا وحيدات، وهم يطلقون النار في الخارج والجيش لم يظهر بعد".. هذه سوف يكون التعافي منها أمرا في غاية الصعوبة".

وأضاف، ليس واضحاً بعد كيف سيكون رد حكومة "إسرائيل" على ما جرى".

‏وكشف بأنه لو دخلت القوات الإسرائيلية إلى غزة، فإنها ستدخل وهي تعاني من منسوب منخفض جدا من الثقة بالذات، ولا يوجد ما يضمن أنها تتسمكّن من قهر غزة عسكريا".

وتابع بأنه ما يزيد الأمر تعقيدا هو أنه لو دفعت "إسرائيل" بالجيش إلى الداخل وحاولت احتلال غزة، فهذا يعني مقتل عشرات الآلاف من سكانها وحدوث أزمة لاجئين تنجم عن فرار الناس من ديارهم، ناهيك عن أن مئات الإسرائيليين سوف يُقتلون كذلك، وهذا سينجم عنه انقسام حاد داخل المجتمع الإسرائيلي الذي سوف يجد صعوبة بالغة، في تقبل وفاة أعداد ضخمة من الإسرائيليين".

وقال بأنه من شأن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، ناهيك عن أزمة اللاجئين التي سوف تنجم عن ذلك، أن يهدّد بإشعال حرب إقليمية على نطاق كبير".

وبين بأن أحد الخيارات أمام "إسرائيل" هو الأخذ بنصيحة وزير المالية المتطرف فيها، سموتريتش، الذي قال في شهر مايو (أيار) إنه يتوجب على بلده إعادة احتلال غزة (..)، أعتقد بأن اللحظة سوف تأتي حينما لا يكون أمامنا خيار سوى إعادة احتلال غزة".

وتوقع بأن الخيار الآخر هو الدخول في مفاوضات، تماما كما حدث في عام 1973. يومها قال الإسرائيليون لماذا توجّب علينا خوض تلك الحرب ولماذا توجّب علينا تكّبد 3000 قتيل؟".

وكشف المحلل السياسي الإسرائيلي المخضرم "ميرون رابوبورت" بأن إسرائيل دخلت "إسرائيل" مرحلة لم تعد فيها هي المتحكّمة بمصيرها، لقد تكبّدت خسارة كبيرة من حيث الثقة بالذات، وكذلك هو الأمر فيما يتعلق بأبعاد الإخفاق العسكري، لقد فقد الجيش ثقته بنفسه وفقد الجمهور ثقته بالجيش، ولسوف يؤثر ذلك بشكل كبير على أيّ قرار يتخذ إزاء مسألة التوجه نحو غزة".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023