طوفان الأقصى.. الموقف في اليوم الثاني والعشرين 28/10/2023 الساعة: 01:00

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

أولاً : الموقف

وفي اليوم " الحادي والعشرون " من معركة " طوفان الأقصى " بدأ العدو مساء يوم: 27/10/2023 الساعة: 22:00 مناورته البرية ، حيث تقدمت قواته عبر المحاور التالية : 

  1. "إيرز " " القرية البدوية " "بيت حانون " شمالا ، مستخدماً في تقدمه شارع " صلاح الدين " / تشكيل مدرع مصحوب بجهد هندسي .
  2. " مفساليم " " تل الزعتر " " أبراج زايد " شرقاً / تشكيل مدرع مصحوب بجهد هندسي.
  3. " رعيم " البريج " شرقاً / تشكيل مدرع مصحوب بجهد هندسي .
  4. ساحل رفح " مدينة " رفح " غرباً / تشكيل بحري ، زوارق بحرية .



حيث تحركت تشكيلات العدو في الساعة صفر لبدء المناورة ـ 22:00 ـ ، بعد أن قام بجهد الكتروني قطع من خلاله كافة خطوط شبكة النت عن كامل قطاع غزة ، كما قطع التيار الكهربائي ، ثم تحركت تشكيلات مناورة العدو وقوات الواجب تحت غطاء ناري من الجو والبر والبحر ، طال الحافة الأمامية لجبهة القوات الصديقة على الواجهات الشرقية والشمالية و الغربية ، حيث قُصفت مناطق مخيم الشاطي " و " مناطق شمال غرب القطاع و " أبراج الكرامة " في حي " الشيخ رضوان " و " السوادنية " و " أم النصر " . 



هذا وقد تصدت قوات المقاومة المنتشرة على الحافة الأمامية لهذه الجبهة ، تصدت للعدو بنيران مضادات الدروع ، ووسائط النار المناسبة ، ودارت بين القوات المدافعة وقوات العدو عمليات كر وفر حتى يوم:28/10/2023 الساعة : 00:02 ، كما بقيت أصوات غارات العدو تُسمع حتى فجر هذا اليوم 28/ 10/ 2023 ، هذا وقد أسفر تقدم العدو عن تموضع قواته داخل المناطق الشرقية ل "بيت حانون " و" البريج " ضمن مسافات لم يتسن لنا ، وبسبب ظروف الميدان التحقق من عمقها حتى الآن ، لكن أغلب الأخبار المستقاة من المصادر المفتوحة تقول أنها مسافات ليست كبيرة . 



كما بقي العدو يُغير بالطيران المأهول والمسير، وبنيران المدفعية على كافة مدن ومخيمات القطاع ، حيث ركز قصفه على " بيت لاهيا " وشرق " جباليا " و " تل الزعتر ". 



وفي السياق ؛ بقي العدو حتى صباح هذا اليوم ـ الساعة : 07:00 ـ يقصف بالمدفعية مناطق عدة قرب السياج الأمني شرقي قطاع غزة . 



كما أعلن العدو عن استشهاد الأخ " عصام أبو ركبة / أبو صلاح " قائد المنظومة الجوية ـ الطائرات المسيرة ، المظلات الشراعية ، أنظمة الاستطلاع الجوي ، الدفاع الجوي ـ في كتائب " عز الدين القسام " . 



كما صرح الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية " جون كيربي " وأثناء توغل القوات المعادية ، صرح أن " ( إسرائيل ) ممتنة لتقديم وجهات نظرنا والدروس التي تعلمناها في العراق وأفغانستان " . 



          وفي صفحة حرب المقاومة ؛ فقد بقيت مشتبكة مع العدو على جبهة غزة بالنار ، فقصفت في الـ 24 ساعة الماضية " تل الربيع " عدة مرات ، و" عسقلان " و تجمعات حشد العدو في " رعيم " و " سدروت " و " نتيف هعسرة " ـ الساعة: 00:20 ـ وباقي مغتصبات العدو في غلاف غزة . 



أما على جبهة شمال فلسطين ؛ فقد قصفت المقاومة الإسلامية " حزب الله " مراكز العدو في مغتصبة " مسكاف عام " ـ الساعة: 16:00 ـ ومغتصبة " أفوفيم " ـ الساعة : 16:00 ـ ، كما قصفت ـ الساعة: 16:20 ـ قوات موالية لإيران قواعد للجيش الأمريكي في حقل العمر السوري ، رداً على قصف القوات الأمريكية مقرات تابعة لهذه الفصائل في صباح 27/10/2023، هذا وقد أطلقت ـ س : 23:51 ـ رشقة وصواريخ باتجاه الجولان المحتل ، كما تمت مهاجمة قاعدة " التنف " بمسيرتين انتحاريتين . 



هذا وقد بلغ عدد شهدائنا حتى كتابة هذا الموقف 7326 شهيداً ، وما يفوق الـ 18000 جريح ، وما لا يقل عن 1000 مفقود ما زالت جثثهم حت الأنقاض . 



          أما في " الضفة الغربية " ؛ فقد بقي العدو محكماً قبضته الأمنية  على كافة مدنها وقراها ، حيث اقتحم ـ الساعة: 23:30 ـ قرى " مادما " و " أودلا " في جنوب نابلس ، كما اشتبك ـ س : 23:30 ـ المقاومون مع برج عسكري للعدو قرب قرية " خرسا " في مدينة الخليل المحتلة ، كما أًطلقت النار على مغتصبة " بسغوت " في البيرة المحتلة . 



وفي مناطقنا المحتلة في الثمانية والأربعين، لا جديد يذكر أو يضاف ؛ فقد بقيت على حال سكونها جراء القبضة الأمنية الخانقة التي يفرضها العدو على أهلنا في هذه المناطق . 



          كما خرجت الجماهير الشعبية المؤيدة لفلسطين ومقاومتها في عشرات المدن والعواصم العربية والإسلامية والغربية ، خرجت في مظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة ، تؤيد وتساند المقاومة وخياراتها .

وفي الجهد السياسي ؛ لا جديد يذكر ، سوى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة غير الملزم والذي قدمته الأردن ، الداعي لوقف إطلاق نار فوري ، حيث أيدت القرار 120 دولة ، ورفضته 14 ، وامتنعت عن التصويت له 45 دولة . 



أما عن أهم سمات الموقف في الـ 24 ساعة الماضية

  1. إدامة العدو قصف كافة مدن ومخيمات قطاع غزة .
  2. قطع شبكات النت والاتصلات والكهرباء عن كامل قطاع غزة .
  3. بقاء المقاومة في جبهة غزة مشتبكة مع العدو بالنار ، في مناطق غلاف القطاع ، وفي العمق الفلسطيني .
  4. بقاء المقاومة في لبنان والعراق وسوريا ، مشتبكة مع العدو الأمريكي بالنار ، ولكن بشكل محدود ، ومسيطر عليه .
  5. الساعة 14:15 قصف " تل الربيع " بالصواريخ ، الأمر الذي عاد وتكرر أكثر من مرة .
  6. الساعة 15:00 استهداف مغتصبة " مسكاف عام " الحدودية مع لبنان بالصواريخ .
  7. الساعة 16:20 قصف أحد الفصائل العراقية لقواعد العدو الأمريكي في سوريا .
  8. الساعة 20:20 قصف عسقلان برشقة صواريخ .
  9. الساعة 22:00 بدء التوغل البري في شمال وشرق قطاع غزة .
  10. الساعة 00:20 قصف مغتصبة " نتيف هعسيرة " على غلاف غزة بالصواريخ .



ثانياً : التحليل والتقدير

         لقد أظهرت الـ 24 ساعة الماضية مدى الخلاف في وجهات النظر بين المستويين السياسي والعسكري فيما يخص المسؤولية عن اخفاق السابع من إيار ، ومن الذي يتحمله هذه (الهزيمة ) ، كما أن إعلان المستوى السياسي أنه قد وفر للقادة العسكريين كل ما يطلبونه ـ قرار سياسي ، قدرات مادية وبشرية ، غطاء وتفهم دولي خاصة أمريكي ، دعم مادي أمريكي مفتوح ـ لبدء العلم العمل البري ، والتصريحات الأمريكية التي قالت أن هدنة إنسانية لا بد من البدء بالتفكير بإقرارها ، كل هذه المعطيات ، وضعت القيادة العسكرية الـ (أمريصهيونية ) تحت ضغط تحقيق إنجاز قبل أن تقفل نافذة الفرص أمام أي عمل عسكري بري ؛ الأمر الذي نعتقد أنه أجبر القيادة العسكرية على بدء مناورتها البرية ، بعد أن عزلت قطاع غزة عن العالم عبر قطع خطوط الشبكة الدولية " الانترنيت " والكهرباء ، حيث اندفع بتشكلات مدرعة ، يرافقها جهد هندسي إلى الحواف الشمالية و الشمالية الشرقية لـ " بيت حانون " ومنطقة " البريج " في الوسط ، وعلى الساحل الغربي لمدينة " رفح " ، محاولاً تحقيق تماس مع المناطق السكنة لقطاع غزة ، حيث بدى من طبيعة القصف ونوع الاشتباكات وزخمها أن محاور الجهد الرئيسي للعدو هي المحاور الشمالية ، والشمالية الشرقة ، حيث بيت حانون ، وأما المحور الثانوي لجهد العدو العسكري فقد كان محور " رعيم " " البريج " ، مصحوباً بجهد خداعي اشغالي انطلق من الساحل الغربي لمدنية " رفح " . وفي التدقيق في مناورة العدو البرية وحركتها ، يمكن الاستنتاج أن هدف العدو كان العمل على فصل " بيت حانون " في الشمال الشرقي للقطاع ، عبر شن هجوم منسق من المحورين الشمالي والشرقي ، بحيث تلتحق القوات ببعضها البعض جنوب " بيت حانون " ليحقق العدو الأهداف التالية : 

  1. عزل " بيت حانون " عن باقي قطاع غزة .
  2. تدمير ما في المدينة من قدرات قتالية بشرية ومادية للمقاومة .
  3. جعل هذه المدينة رأس جسر ومنصة انطلاق ، لتوسيع وضعيته وتطوير موقفه القتالي ، إذا استدعى الموقف الميداني أو المتطلب السياسي مثل هذا التطوير .
  4. استخدام هذه المنطقة عبر احتلالها أو محاصرتها كورقة ضغط يمكن أن تستثمر في المفاوضات السياسية القادمة .



وحيث إن العدو وفق أغلب الأخبار والمعلومات الواردة من بعض المصادر الخاصة ، والمستقاة من المصادر المفتوحة ، تقول بأنه ـ العدو ـ لم يحقق تطويقاً للمنطقة " بيت حانون" ، ولم يستطيع عزلها عن مدن وأحياء شمال غزة ، فإننا نعتقد أن الـ 24 ساعة القادمة ستشهد التطورات التالية

  1. إدامة العدو قصفه لمدن ومخيمات قطاع غزة .
  2. بقاء المقاومة في جبهات غزة و شمال فلسطين ، والساحتين السورية والعراقية مشتبكة مع العدو بمختلف الوسائط النارية .
  3. محاولة العدو ضرب الأصول البشرية للمقاومة ، خاصة الصف الثاني من قياداتها ، وتدمير ما يصل له من قدراتها المادية وتجهيزاتها عسكرية في بقعة العمليات الحالية .
  4. محاول العدو تثبيت قواته ، وتأمين رؤوس الجسور التي تموضع عليها الآن ، وتعزيز ما فيها من قدرات ، تمهيداً لمحاولة تطوير موقفه القتالي عبر توسيع وضعيته الحالية ، بحثاً عن ( صورة ) نصر تقدم للمستوى السياسي ، لاستثماره في المفاوضات السياسية القادمة . الأمر الذي يتطلب من قوى المقاومة عدم إمهال العدو لتثبتي نفسه وتأمين رأس جسره ، وتقوية ما فيه من قدرات ، لما في هذا الأمر من خطورة وتهديد على موقف المقاومة القتالي ، لذلك لابد من :
  5. استهداف رؤوس جسور العدو في منطق العمليات بالمناسب من الوسائط النارية .
  6. ضرب مناطق حشد وإمداد العدو خلف خطوط الجبهة المعادية وفي عمقها .
  7. ضرب طرق مواصلات العدو ، والمعابر الواصلة بين مؤخرة العدو ورؤوس جسوره الحالية .
  8. مهاجمة قوات العدو في رؤوس جسورها الحالية بأعمال تعرضية مناسبة .
  9. تقوية الجهاز الدفاعي في عمق المنطقة الصديقة ، ومراجعة إجراءات دارته والسيطرة عليه .
  10. التنبه من وسائط الاتصال وأدواته ، حتى لا تكون نقطة ضعف يصل من خلالها العدو لقادة المقاومة وكوادرها .
  11. التنبه للجهد الجوي المعادي ، خاصة في بقع العمليات الساخنة ، مع عدم إغفال خطر هذا الجهد في عمق منطقة العمليات .
  12. تمييز الجهود الرئيسية عن الجهود الثانوية والخداعية للعدو ، ليبنى على الشيء مقتضاه .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . 

عبد الله أمين 

28/ 10/ 2023

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023