نقاط مكثَّفة حول المنـاوَرات البريَّة الأخيرة في قطاع غزة
مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي

▪︎ محاولات الاختراق من شرق البريج وشرق الشجاعية وشرق خانيونس، إضافةً إلى محاولة الإبرار على شواطئ رفح واختبار جاهزية وفعالية المقاومة، حيث قوبلت هذه المحاولات بتصدٍّي قوي، حاول فيه الاحتلال التكتم على خسائره حتى اضطُّر إلى الاعتراف بعد نشر المقاومة تصويرًا يُظهِر استهدافَ ناقلة جند شرق غزة وإصابتها إصابة مباشرة.



▪︎ تحت غطاء ناري كثيف جدًّا عماده الأحزمة النارية وقذائف المدفعية وحرق الحقول والأراضي الزراعية بكمية كبيرة من قذائف الفسفور، وبعد أن حيَّد الاحتلالُ كل العمارات السكنية في أبراج تيكا بجحر الديك، ومبنى جامعة الأزهر بالمغراقة واستهداف كثيف للمستشفى التركي، تحركت الآليات بمناورة استطلاعية واسعة تَحمل أبعادًا استعراضيةً لفحص تجهيزات المقاومة في محور "محررة نيتساريم" لقطع شارع صلاح الدين، الأمر الذي نجح في تحقيقه والانسحاب مرَّةً أخرى للشريط الحدودي دُون أن يتمكن من خرق تكتيكات المقاومة الدفاعية وكمائنها في المنطقة وذلك مرتبط غالبًا بتقدير المقاومة الغرضَ من الخطوة وتفضيل عدم القتال في المناطق المفتوحة. 

لم يحصل الاحتلال من المناورة على هذا المحور إلا على الصورة بأنه تمكَّنَ من قطْعِ الطريق الشرقي الواصل بين جنوبي القطاع وشماليه، وعملياتيًّا لا يساهم هذا التقدم حتى لو لم ينسحب الاحتلال في أي إنجاز عملياتي للاحتلال، كون سيناريو التحرك متوقعًا وسبق أن ناوَرَ الاحتلالُ عبْرَهُ في عدوان العام ٢٠٠٨، كما أن قطع الطريق لا يُشكِّل أيَّ تأثير يُذكَر على قطْعِ إمدادات المقاومة أو تحركات مفترَضة لعناصرها، كون استراتيجية عمل المقاومة قد أَخذَت منذ سنوات طويلة العملَ وفق تشكيلات وتجهيزات كافية لكل موقع جغرافي بمعزل عن الانتقال ما بين المحافظات.



▪︎ التحرك البري في محور الشمال الغربي (غرب بيت لاهيا)، حيث تجري تحركات جيش الاحتلال في مساحة من الأرض المكشوفة الممتدة من السياج الفاصل وبعمق نحو ٢-٣ كيلومترات، عبارة عن أراضٍ مفتوحة وبعض المنشآت السياحية الصغيرة على شاطئ البحر.

سبق للاحتلال التمهيد بغطاء ناري كثيف من الجو في خلال الأيام السابقة، لضرب أي تحصينات وكمائن للمقاومة في المنطقة، وعلى الرغم من صعوبة المنطقة (فهي "محروقة" أمنيًّا وعملياتيًّا)، إلا أن المقاومة نجحت في تنفيذ عملية تسلُّل خلف خطوط الآليات المتقدمة وخوض اشتباك كبير معها، ثم استهدفت عبر أكثر من محور هذه الآليات بوابل كبير من قذائف الهاون، ما يعطي دلالة على أن المقاومة قد انتظرت وصول الآليات إلى نقطة محدَّدة أعدَّت فيها كمينًا نجحت فيه في ضرب خطوط التقدم على هذا المحور.



▪︎ التحرك البري في محور بيت حانون، حيث إنه على الرغم من كون التحرك ما يزال في الأمتار الأُولى في محيط موقع "إيرز"، وقد سبقته اشتباكات على أكثر من نقطة في شرق بيت حانون، فقد وجَّهَت المقاومةُ ضربةً نوعيةً للقوات المحتشدة في "إيرز" ومحيطها على حدود بيت حانون، عبر عملية إنزال خلف الخطوط واشتبـ.اك من داخل حدود الموقع مع القوات المتمركزة، شمل استخدامًا متنوعًا للأسلحة المضـ.ادة للدروع والرشاشة، تبعه غطاء كثيف جدًا من قذائف المدفعية.

يدَّعي الاحتلال أن المقاومِين الذين خاضوا الاشتباك داخل موقع "إيرز" قد نجحوا في الوصول إلى داخل الموقع المستهدَف عبر "نفق" للمقاومة في المكان، وهي نقطة مهمة، إذ من المهم الإشارة إلى أن مدينة بيت حانون قد تعرضت لقصف شديد جدًّا مسح الشقَّ الأبرزَ من ملامحها العمرانية، على مدار أكثر من عشرين يومًا لم تتوقف فيها الغارات من الطائرات وبطاريات المدفعية على المدينة، وحظي المربع المحيط بمـ.وقع "إيرز" بحصة الأسد من هذه الاستهدافات التي استهدفت بكثافة حتى أبراج الندى المُطلَّة على الموقع، في تمهيدٍ ناري واسع للتحرك البري، يهدف إلى خلق ممر آمن للقوات البرية والآليات والإجهاز المسبَق من الجو على كل تجهيزات وأنفاق وكمائن وأماكن تمركُز المقاومين، إضافةً إلى تحييد منظومات الاتصال والقيادة والسيطرة.



إنَّ نجاحَ المقاوِمين في استخدام نفق للوصول إلى قلب موقع "إيرز"، وتمكُّن مجموعة أُخرى من التسلل خلف خطوط القوات المقتحمة في غرب بيت لاهيا، والإدارة والتناسق في كلا الحدثين ما بين تحرُّك المقـ.اوِمين على الأرض، وانطلاق مفارز الهاون في تأمين التغطية النارية للمقاومين في تحركهم الميداني، يؤشِّر إلى عدة نقاط:

- أولًا: متانة التحصينات والكمائن والتجهيزات التي أعدَّتها المقاومة، وصمودها في وجه القصـ.ف الصهـ.يوني الكثيف في خلال الأيام السابقة.



- ثانيًا: تماسُك منظومات الاتصال والقيادة والسيطرة لدى المقاومة، وقدرة إدارة العمليات والتكامل بين محور العمليات المختلفة والوحدات الميدانية، وخصوصًا تحرُّك المقاتلين والغطاء الناري، وحتى استخدام المسيَّرات في مهاجَمة القوات الغازية.

- ثالثًا: تُرسِل المقاومةُ رسائل ضمنية إلى الاحتلال حول شكل ومجرى عمليات التصدي المُنتظَرة للغزو البري الذي يتحدث عنه الاحتلال، وتُحمِّل المقاومةُ طلائعَ جيشِ الاحتلالِ الاستطلاعيةَ التي تحاول التقدم رسائلَ بالنار حول مدى فاعلية الغطاء الجوي الناري في الحد من قدرات المقاومة، علمًا بأن كل هذا التحرك حتى الآن في المناطق الحدودية المكشوفة والمحروقة عملياتيًّا.

تَشمل العملياتُ الحاليةُ صورةً مصغَّرةً لهيئة الأركان في جيش الاحتلال ومجلس الحرب حول المستنقع الذي ستدخله القوات البرية في القطاع، خصوصًا في ضَوء تصاعُد التحذيرات والأصوات التي تدعو إلى الإحجام عن تنفيذ خطوة الاجتياح الواسع سعيًا إلى تفادي هذا السيناريو، إذ تَعكس العمـ.لياتُ الحاليةُ عدم نجاح الغارات الكثيفة على مدار أيام الحـ.رب في الإضرار المباشر بالقدرات العملياتية للمقـ.اومة، إضافةً إلى فشل سياسة الأرض المحروقة في تأمين مساراتِ تحرُّكٍ آمنةٍ للآليـ.ات، حتى لتنفيذ عمليات برية استعراضية على الحدود.


برنامج الرصد والتوثيق- مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023