"نمر" ناقلة الجند الأكثر أماناً في العالم التي فجرتها قوات القسام

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مقتل 9 جنود من كتيبة جولاني شمال قطاع غزة. وقُتل هؤلاء الجنود بعد إصابة مدرعتهم من طراز نمر بصاروخ مضاد للدبابات يعتقد جيش الاحتلال أنه "ياسين 105" محلي الصنع الذي أدخلته كتائب القسام للخدمة في هذه الحرب. 

ويحدث ذلك على الرغم من أن هذه المدرعة كان من المفترض أن تكون ناقلة الجنود القتالية المتقدمة التي تنتظرها إسرائيل منذ عقود. وقد أثارت هذه الضربات شكوكاً واستدعت أسئلة لدى الجيش الإسرائيلي عن الخطأ الذي حدث وأسفر عن هذه المقتلة للجنود الإسرائيليين التي وصفتها الحكومة الإسرائيلية بالصعبة والقاسية، كما يقول تقرير موقع والا العبري.



قذيفة الياسين 105 محلية الصنع التي استطاعت تدمير مدرعة نمر NAMER/ القسام


بُنيت على هيكل دبابات "ميركافا 4".. ما هي مدرعة نمر التي تلقت ضربات موجعة في غزة؟

لكي نفهم تاريخ هذه المدرعة ومدى استثمار جيش الاحتلال الإسرائيلي فيها، علينا العودة إلى يوم  12 مايو/أيار 2004، والذي يوصف بأحد أصعب الأيام في تاريخ جولات قتال الاحتلال مع المقاومة في قطاع غزة. 

ففي ذلك اليوم، وبينما كان جنود الاحتلال لا يزالون يبحثون عن رفات 6 من مقاتلي جفعاتي الذين قُتلوا في انفجار ناقلة جنود مدرعة من طراز "إم 113" في اليوم السابق، تمكن مقاتلو "حماس" من ضرب ناقلة جنود مدرعة أخرى من طراز "كيو إم 113" تنتمي إلى وحدة الأنفاق التابعة لفرقة غزة في جيش الاحتلال، وقتل جميع أفراد طاقمها الخمسة.

مدرعة نامر الإسرائيلية الناقلة للجند بأحدث نسخها، 2018/ Wikimedia Commons

مدرعة نمر الإسرائيلية الناقلة للجند في عام 2018/ Wikimedia Commons

زاد من وطأة تلك الكارثة لدى الإسرائيليين صور الجنود وهم يزحفون بحثاً عن رفات زملائهم. وهو ما دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى المسارعة بالاعتماد على ناقلة جنود جديدة وهي "نمر" التي بُنيت بالأساس على هيكل دباباته من نوع "ميركافا 4″، لتأمين جنوده، ومن أجل التوحيد اللوجيستي للمركبات المدرعة العاملة بالجيش. 

وبعد مرور عام على كارثة استهداف المدرعات في حرب 2014، كان جيش الاحتلال قد بدأ في تجربة نموذج أوَّلي جديد لناقلة جنوده المصفحة المعروفة باسم "نمر".


مدرعة نمر صُممت خصيصاً لغزة بكلفة 3 مليون دولار لكنها أصبحت عبئاً على الاحتلال الآن

بُنيت "نمر" بتصميمٍ يتجنَّب العيوب التي تسببت في كارثة استهداف المدرعات في 2014، وحظيت بالتدريع ذاته الذي تتمتع به دبابات الميركافا الإسرائيلية، بحيث يُفترض أنها مقاومة لاختراق الصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ من نوع "آر بي جي"،  وتتوافر على نظام دفاع نشِط لاعتراض هذه الصواريخ، وزُوِّدت بمحرك تبلغ قوته 900 حصان، ومدفع رشاش "كيلر"، ومدفع هاون ميكانيكي، وقاذفة هاون ميكانيكية عيار 60 ملليمتراً. وكان لواء غولاني أول فرقة عسكرية استخدمته.

مدرعة نامر

الباب الخلفي لناقلة الجند المدرعة نمر، صمم بعناية كي يكون الأكثر أماناً للجنود/ الجيش الإسرائيلي

ومع ذلك تباطأ جيش الاحتلال في الاستعانة بمدرعات نمر بعد أن تبين أنها باهظة الثمن، إذ تبلغ قيمة المدرعة نحو 3 ملايين دولار. ومن ثم فضَّل جيش الاحتلال تحويل الميزانية المخصصة لتطوير هذه المدرعات إلى برامج مشتريات أخرى.

ولهذا السبب، قاتل جيش الاحتلال مرة أخرى في غزة بناقلات الجنود المدرعة من طراز "إم 113" وتحمل مرة أخرى فاتورة باهظة من الخسائر في أرواح جنوده.

يمتلك جيش الاحتلال اليوم المئات من ناقلات "نمر" المدرعة في الخدمة، ويتكون طاقمها من 3 أفراد وتستطيع حمل 8 جنود. وقد بدأت شركات التصنيع العسكري الإسرائيلية العام الماضي في إنتاج "نمر 2″، التي تتمتع بمحرك بقوة 1500 حصان، وشاشات تعمل باللمس وميزات أخرى.


كيف نجحت صواريخ "ياسين 105" المضادة للدروع بسحق "مدرعة نمر"؟

المعروف حتى الآن أنَّ صاروخاً مضاداً للدبابات من طراز ياسين "105" قد استهدف ناقلات مدرعة من طراز "نمر" واخترق تدريعها. 

وقد وقع ذلك على الرغم من المزاعم الإسرائيلية بأن هذه الناقلة قد تمكنت في حرب 2014 من التصدي لصاروخ مضاد للدبابات وقذائف "آر بي جي"، وحتى من سقوط مبنى عليها بعد أن فجَّرته المقاومة. وفي جميع هذه الحوادث تمكنت المدرعة من حماية حياة الجنود، ولم تقع إصابات، كما يقول جيش الاحتلال.

مدرعة النمر الإسرائيلية مصممة كانت تعد المدرعة الناقلة للجند الأكثر أماناً في العالم/ Israeliweapons

من الداخل.. مدرعة نمر صممت كي تكون ناقلة الجند الأكثر أماناً في العالم

علاوة على ذلك، فإن هذه الناقلات مزوَّدة بنظام السواتر الواقية المثبت في دبابات "ميركافا 4″، والذي يقال إنه برهن عن فاعليته في اكتشاف الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف "آر بي جي" واعترضها قبل إصابة المدرعة. 


إلا أن إنتاج ناقلات "نمر" كان قد بدأ بالفعل في عام 2008، ومن ثمَّ كان من المفترض تركيب نظام السواتر في المستقبل، وتعهّد جيش الاحتلال بإنجاز الأمر.


من الواضح أن جيش الاحتلال قد أهمل حماية مركباته المدرعة في السنوات الأخيرة، وأن الخطط التي أعلن عنها بشأن تزويد المدرعات بنظام السواتر الواقية لم تُنفذ بعدُ.


خطط تطوير فاشلة أو مؤجلة

كانت وزارة دفاع الاحتلال قد أعلنت عام 2019 أنها ستشتري من شركة "إلبيط" الإسرائيلية أنظمة "السهم" (آرو)، التي تعمل كذلك عملَ السترات الواقية، لتركيبها في ناقلات الجنود المدرعة "إيتان" التابعة للجيش الإسرائيلي، وجرافات "كاتربيلر دي 9″، وقُدرت قيمة الصفقة بنحو 100 مليون شيكل (25 مليون دولار حالياً) في ذلك الوقت. لكن دمج النظام في هاتين المركبتين لم يتم أيضاً بعد.


في السنوات الأخيرة، قدمت وزارة الدفاع الإسرائيلية كذلك نموذجاً أوَّلياً لناقلة جنود مدرعة معزَّزة ومزودة بمدافع من عيار 30 ملم، وهو ما يتيح للمقاتلين الاعتماد عليها في القتال إذا لم يجدوا دبابة أو مروحية قتالية في منطقة الاشتباك. 


وهذا المدفع ليس بقوة مدفع دبابات الميركافا، لكنه قادر على تدمير مواقع إطلاق النار.


جديرٌ بالذكر أن الجيش الأمريكي شرع في تجهيز ناقلات الجنود المدرعة بمدفع خفيف. ولكن حتى هذه الخطة الرامية إلى تزويد ناقلات الجنود المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي بهذه المدافع لم تصل بعد إلى مرحلة الشراء.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023