الفهم السياسي ليس بالابيض والاسود وإنما بتبيّن الخيط الابيض من الخيط الاسود

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني


العمل والفهم السياسي حسب خبراتنا المتواضعة يقوم على معادلات وحسابات في غاية الدقّة والمسئولية ولا يخضع لردّات فعل عاطفية ولا يخضع لحسابات مذهبية وطائفية ولا حتى مفاصلات عقائدئة ودينية رغم أن لها اعتبارات هامة في حياة الناس ولكن للسياسة شان آخر. السياسة لها تقاطعاتها، صحيح أنّ الاخلاق والمبادئ هي جوهر العمل السياسي الاسلامي ولكنها أيضا يجب أن تحقّق المصالح وأن توازن بينها وبين ما هو ممكن أو لا يوجد له امكانيات لتحقيقه، وقد تجد نفسك قد تقاطعت في من يخالفك عقائديا في مربّعات معيّنة بينما تتنافر وتختلف كليّا فيمن يوافقك في المبادئ والعقائد، ماذا تفعل حينها؟ مثلا هناك دول نعرفها جيدا عقائدها المعلنة عقيدة أهل السنة والجماعة ولكن سياستها أمريكية مائة بالمائة، ماذا نفعل حينها؟  

والسياسة رحمنا ورحكم الله ليست أبيض أو أسود إمّا معنا كما يحلو لنا ونريد أو ضدّنا بالمطلق، هناك من بالامكان أن نؤيد في سياستهم أمور ونعارضهم في أمور أخرى ، هناك من هو معنا نسبيّا ونرضى منه ذلك، وهناك من ضرره أقل من ضرر غيره وهناك وهناك ... وفي الاصول درء المفاسد خير من جلب المصالح، وقالوا يجب ان نميّز بين أفضل المصلحتين وأقل المفسدتين ضررا وهكذا نقارب ونوازن حتى نحقق الممكن الافضل والسياسة فن الممكن .

وهذه لست أعنيها على إطلاقها "فن الممكن على حساب المبادئ مثلا" لا فنّ الممكن وفق المعطيات الواقعية وبشكل موضوعي، فالشعار الذي لا يمكن تطبيقه واقعيا قد يكون ضرره أكثر من نفعه. لانه إذا لم تسخّر كلّ ما هو ممكن بطريقة ناجحة وفعّالة وطرحت شعارا كبيرا ففشلت فإن شعارك يحبط الناس.  

هناك تفكير سياسي شعاراتي وعاطفي ومن خلال خطاب يتقن مهارة البلاغة اللغوية فهذا يعمي عن رؤية الواقع وإمكانيات التغيير الموضوعية الناجحة. (ماجد الكيلاني)

أقول أن للسياسة فقه وعلم وفن وخبرة ودخول عميق لمعترك العمل لذلك جعله الله سبحانه لمن نفروا :" فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم" فالفقه هنا لمن خرج جهادا في سبيل الله أما من جلسوا على أرائكهم وصاروا يتفلسفون في السياسة بشكل عاطفي وارتجالي وهذا أبيض وهذا أسود ومن لم يكن كما نحب ونريد فهو عدو لله ورسوله، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا ، القول السديد يأتي بعد تقوى الله ولا تتحقق تقوى الله إلا  بالعلم والعمل .  

كنا بعد سنوات نرى أنفسنا  (في منتدى سياسي في السجن مع قامات عالية في العلم والعمل) نحبو في الفهم السياسي. اليوم على الفيس كثير من العباقرة السياسيين ليس لهم إلا إصدار الاحكام وتصنيف الناس بين مسلم وكافر ووطني وخائن وأبيض وأسود وصالح وفاسد ... الخ  

#فلسطين_مركز_الرأي_العام_العالمي_واسرا_ئيل_مركز_الشرّ_العالمي

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023