طوفان الأقصى... الموقف اليوم الخميس: 09/ 11/ 2023 الساعة: 08:00

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

لم يطرأ على الموقف القتالي في الـ 24 ساعة الماضية ما يؤثر تأثيراً جذريا على الموقف الكلي للعمليات في عموم مسرح عمليات غزة أو باقي ساحات العمل الخارجية، مع وجود تغيرات طفيفة يمكن ملاحظتها في ثنايا التقرير


أولاً : الموقف

في صفحة العدو القتالية ؛ لم يطرأ أي تغير ميداني في الـ 24 ساعة الماضية يشكل تأثيراً حقيقياً على موقف العدو القتالي في عموم مسرح عمليات غزة ، حيث لا يزال العدو منذ بدئ مناورته البرية في ي : 27 10 2023 س : 2200 يحاول تثبيت قواته على مساحات جغرافية في منطقة الجهود الرئيسية والثانوية للعمليات من خلال العمل عبر المحاور التالية :

المحور الأول : المحور الشمالي الغربي ـ محور الجهد الرئيسي في منطقة العمليات الشمالية ـ : حيث تضم بقعة العمليات هذه: شمال غرب بيت لاهيا ، السلاطين ، العطاطرة ، مخيم الشاطئ ، شمال حيي الصفطاوي الشيخ رضوان منطقة الكرامة ، حيث شهدت هذه المناطق قصفاً عنيفاً نهار وليلة أمس ، كغطاء ناري لتقدم قوات العدو في المناطق الداخلية لبقعة العمليات في منطقة العطاطرة والسودانية وبيت لاهيا ومخيم الشاطئ وحيي الصفطاوي والشيخ رضوان والكرامة . ولتأمين اندفاعه داخل منطقة العمليات هذه فقد استخدم العدو : 

  1. من الغرب : شارع أحمد عرابي جنوباً باتجاه شارع المشتل فمخيم الشاطئ فمبنى السفينة. 
  2. من الوسط : شارع " التوام " جنوباً حتى شارع " النصر " الموصل إلى شمال حي الصفطاوي وشمال حي الشيخ رضوان ، حيث شهدت الحارات الداخلية للحيين قصفاً عنيفاً من طيران العدو ومدفعيته . وما زالت تدور هناك اشتباكات عنيفة بين دفاعات المقاومة في منطقة المسؤولية ، وقوات العدو العاملة في منطقة العمليات هذه ، حيث تصدت دفعات المقاومة للعدو بالقرب من جامع شهداء الشاطئ ، وجامع الشنطي وأبراج الفيروز ، كما ورد معلومات تفيد بأن العدو نشر قناصته على الهيئات المرتفعة في هذه الأمكنة . 

المحور الثاني : الشمالي الشرقي ـ محور جهد ثانوي في منطقة العمليات الشمالية ـ : فما زال العدو يتعرض على المنطقة من ثلاث اتجاهات فرعية : 

  1. شمالي غربي : ايرز صلاح الدين تل الزعتر .
  2. شمالي شرقي : سدروت الحافة الأمامية للمناطق السكنية في الشمال الشرقي من بيت حانون . 
  3. الجنوب الشرقي : مفساليم الحافة الأمامية للمناطق السكنية في الجنوب الشرقي من بيت حانون .

حيث ما زالت العمليات على هذا المحور دائرة بين تشكيلات العدو ودفاعات المقاومة المنتشرة هناك ، حيث يتعرض المقاومون على العدو بالغارات والكمائن ، التي أوقعت فيه خسائر بشرية ومادية . ولم يُسجل أي تطور لموقف العدو في محاور القتال هذه . 

المحور الثالث : الشرقي ـ محور جهد ثانوي في منطقة العمليات الشمالية ـ : " مفساليم " المقبرة الريس الكاشف جباليا التفاح ؛ حيث لا زال موقف العدو في هذه المحور لم يتغير عما كان عليه بالأمس ، حيث تدور اشتباكات بين تشكيلات المقاومة وقوات العدو العاملة هناك . 

المحور الرابع : الجنوبي الشرقي ـ محور جهد رئيسي في منطقة العمليات الشمالية ـ : كارني صلاح الدين الزيتون تل الإسلام جنوب الشيخ عجلين ؛ فقد سُجل بالأمس تطور لافت لموقف العدو على هذا المحور ، حيث حاول العدو ، و ما زال يحاول التقدم داخل الأحياء الجنوبية ـ الشجاعية ، حي الزيتون ، تل الإسلام ، الشيخ عجلين ـ ، حيث يحرك العدو قواته بشكل متزامن للضغط على دفاعات المقاومة المنتشرة في هذه المناطق ، مركزاً جهده على حيي "تل الإسلام / الهوا " و "الشيخ عجلين " المحاذيين لمنطقة الساحل ، حيث نقطة ارتكازه العملياتية التي أقامها على شارع الرشيد الذي تموضع عليه منذ أيام . حيث تخوض دفعات المقاومة قتالاً عنيفاً مع العدو على هذه المحاور الفرعية الموصلة إلى عمق جهازها الدفاعي في هذه المناطق. 

المحور الرابع : محور الجهد الثانوي في مسرح العمليات : حيث مناطق المحافظات الوسطى والجنوبية الواقعة جنوب وادي غزة ؛ فلا زال العدو يحتك ، بالنار والمناورة ، مع تشكيلات المقاومة المنتشرة على الحافة الأمامية ـ جحر الديك ، القرارة ، البريج ، خان يونس ، عبسان ، رفح ـ للمناطق السكنية في منطقة العمليات هذه ، بهدف إشغال وتثبيت ومنع هذه المناطق من توفير التعزيزات والاسناد لتشكيلات المقاومة العاملة في منطقة الجهد الرئيسي الواقعة شمال وادي غزة . 

المحور الخامس : الساحل البحري : لم تسجل بالأمس أي عمليات إبرار على سواحل غزة ، مع بقاء الجهد الناري من البحر ، كجهد إسناد وتغطية لقوات العدو العاملة على البر، خاصة الجناح اليسار لقوات العدو العاملة على اتجاه " زكيم " مخيم الشاطئ ، والجناح اليمين لقواته العالمة على اتجاه الشيخ عجلين فندق الديرة بالقرب من ميناء الصيادين غرب مدينة غزة ، كما بقيت القطع البحرية للعدو تقصف مناطق مخيم الشاطئ و خان يونس ورفح . 

هذا وقد بقي العدو في الـ 24 ساعة الماضية يمارس ضغطه على البيئة الحاضنة للمقاومة ، مستهدفاً المنازل والمراكز الصحية والخدمية ومراكز إيواء النازحين ، حيث طال قصفه معظم أحياء ومخيمات مدنية غزة خصوصاً ، وباقي مدن محافظات القطاع عموماً . كما أفيد عن قيام العدو بقصف ـ س : 2235 ـ مناطق جنوب دمشق رداً على قصف طال بعض مناطق تمركزه في الجولان المحتل ، كما قصف منشآت ونقاط تتبع " حزب الله " في الجنوب اللبناني . 

أما اللافت يوم أمس فهو اعتراف العدو الأمريكي بأنه يشارك في طلعات غير مسلحة بطائرات مسيرة في سماء قطاع غزة ، كما أفادت بذلك " دانا سترول " نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي . 

كما صرحت القيادة المركزية الأمريكية أن القاذفة الإستراتيجية من نوع B1 لانسر ، قد قامت وخلال اليومين الماضيين بثالث مهمة لها في منطقة مسؤولية هذه القيادة . 

وفي صفحة موقف المقاومة ؛ لم يطرأ أي تغير ميداني في الـ 24 ساعة الماضية يشكل تأثيراً حقيقياً على حالة القتال الروتيني بين دفاعات المقاومة وقوات العدو المتوغلة في عموم قطاع غزة ؛ حيث لا تزال المقاومة تتصدى للعدو على جميع محاور الجهد الرئيسي في منطقة شمال قطاع غزة ، وتتعرض عليه بعمليات التسلل والغارات ، والالتحام من مسافات قريبة مستخدمة عبوات "العمل الفدائي " وقذائف الياسين الترادفية ، حيث أفيد عن تدمير المقاومة عدة آليات للعدو بالقرب من مخيم الشاطئ في شمال غرب مدينة غزة ومنطقة التوام ؛ كما تصدت له على محور بيت لاهيا ، ومتفرعاته في التوام والعطاطرة وأبراج الكرامة ودوار النابلسي . 

هذا وقد بقيت المقاومة مشتبكة مع العدو على المحاور الثلاثة التي يحاول من خلالها التقدم لاحتلال بيت حانون في الشمال الشرقي لقطاع غزة ، ملحقة به خسائر في الأرواح والآليات . 

كما منعت المقاومة العدو حتى الآن من التقدم على محور المقبرة الكاشف . 

أما في المحور الجنوبي الشرقي / حي الزيتون تل الإسلام الشيخ عجلين ؛ فإن المقاومة تتصدى لقوات العدو وتتعرض عليه بالنار وبغارات المشاة وأسلحة م . د ، حيث منعته من إحراز أي تقدم مهم في عمق هذه المناطق . 

كما بقيت المقاومة تصد محاولات تقدم العدو باتجاه المراكز الرئيسية في المحافظات الوسطى والجنوبية : دير البلح ، البريج ، خان يونس ، رفح ، حيث قصفت مناطق حشده ، وقواته المتقدمة على بعض المعابر في " جحر الديك " و " معبر صوفا " و " حوليت " و " نير إسحاق " . كما واصلت المقاومة قصفها بالصواريخ والمدفعية مدننا المحتلة في الداخل الفلسطيني ومواقع حشد العدو وتجمعه على غلاف غزة : " مفتاحيم " و " كفار عزة " و " عولويم " و محيط فندق المشتل . 

وفي السياق ؛ فقد استهدفت المقاومة العراقية قواعد العدو الأمريكي في كل من : " الحرير / أربيل " و حقل العمر النفطي والشدادي السوريين بالطائرات المسيرة وصواريخ أرض ـ أرض . كما اعترف العدو الأمريكي بإسقاط الدفاعات الجوية اليمنية طائرة مسيرة من نوع MQ9 في أجواء اليمن . أما في جبهة الجنوب اللبناني ؛ فقد استهدف " حزب الله " قواعد العدو في كل من : بياض بليدا و يفتاح وثكنة دوفيف . وفي سياق متصل ؛ فقد خرج الناطق الرسمي باسم كتائب " عز الدين القسام " بالأمس في تسجيل مصور ذكر فيه أن دفاعات المقاومة قد دمرت للعدو منذ بدء عمليته البرية ما يقارب من 136 آلية ، بين تدمير كامل أو إعطاب جزئي ، كما أعاد التذكير بشروط المقاومة فيما يخص الافراج عن أسرى العدو عبر صفقة تبادل الكل مقابل الكل ، أو بشكل مرحلي يتضمن فآت مقابل فآت ، وهو ما عاد وذكّر به نائب رئيس حركة حماس الشيخ " صالح العاروري " في مقابلة تلفزيونية ـ س : 20:00 ـ بُثت بالأمس ؛ شاكراً قوى المقاومة التي تساند وتدعم المقاومين فعلاً وقولاً ، طالباً منهم مزيداً من المشاركة والتصعيد ، تخفيفاً عن أهلنا ومقاومتنا في غزة . 

وفي الضفة الغربية ؛ بقي العدو يبادر بعمليات الاقتحام والمداهمة ، واعتقال النشطاء ، ومنع المشاركة الحقيقية والفعلية التي من شأنها أن تخفف الضغط عن أهلنا في قطاع غزة ، حيث دارت مواجهات بين العدو والمواطنين في مدينة بيت لحم سقط على اثرها ما لا يقل عن 60 جريحاً ، كما اقتحم العدو جنين ومخيمها ، وعقربا ، وبيت فوريك / نابلس ، وطوباس ، كما أفيد عن إصابة مستوطنين بالقرب من مغتصبة " ايتامار " جنوب نابلس ، وإطلاق نار على حاجز " نتساني عوز " غرب طولكرم . 

وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ فقد استمرت التظاهرات الحاشدة تخرج مؤيدة للمقاومة ، وداعمة لشعبنا في معظم عواصم العالم العربي والإسلامي وبعض العواصم الغربية ، مطالبة بوقف الحرب ، وتوقف دعم آلية القتل الصهيونية . 

وفي الجهود السياسية؛ لم يسجل شيء جديد يذكر في الموقف السياسي منذ أمس ، ينعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة ؛ حيث ما زال الحديث يدور عن هدن إنسانية لتوفير ظروف مناسبة لإطلاق سراح بعض الأسرى لدواعي إنسانية ، أو إخراج مزدوجي الجنسية من قطاع غزة ، حيث تدفع الإدارة الأمريكية وبالتنسيق مع مصر وقطر باتجاه وقف إطلاق نار مؤقت يستمر لمدة ثلاثة أيام ، كما كثر الحديث عن اليوم التالي للحرب وعن طبيعة الحكم والإدارة في غزة ، على قاعدة أنه لا يجب أن تعود حركة " حماس " لتدير القطاع على النحو الذي كان قبل معركة "طوفان الأقصى " حيث رفضت الخارجية الأردنية وعلى لسان وزيرها أن تدير غزة قوات عربية أو غير عربية . كما بقيت الإدارة الأمريكية ـ جون كيربي ـ على رأيها المعارض لوقف إطلاق نار دائم في هذه المرحلة . 


ثانيا : التقدير والتحليل : 

ذكرنا بالأمس أن عمليات القتال الميداني قد أخذت طابع القتل الروتيني لأي حرب تطول أيامها ؛ فقد تحولت العمليات اليومية وعلى كافة محاور القتال إلى عمليات كر وفر ، الأمر الذي لم يطرأ عليه أي تغير في الـ 24 ساعة الماضية ، بحيث بقي نمط العمل على النحو الآتي

  1. محاولة العدو تحقيق خرقاً حقيقياً على محاور عمله الشمالي الغربي والجنوبي الغربي والجنوبي الشرقي . 
  2. محاولة العدو عمل رؤوس جسور في منطقة الجهد الثانوي ـ جنوب وادي غزة ـ تُستخدم كمقرات عمليات متقدمة ، يمكن أن يتم تطويرها في المستقبل . 
  3. قصف بحري مصاحب لعمليات التوغل وحركات القوات على الحافة الغربية لمدينة غزة خصوصاً ، وباقي مناطق القطاع عموماً. 
  4. محاولة توسيع نطاق دفاعه عن رؤوس جسوره ومناطق حشده المتقدمة في بقع العمليات شمال و شمال غرب مدينة غزة ، عبر نشر القناصة على المباني المرتفعة ، والهيئات الأرضية الحاكمة . 
  5. تصدي دفاعات المقاومة في عمليات كر وفر لقوات العدو العاملة على محاور القتال ومعابر الوصول البرية أو البحرية باتجاه عمق دفاعاتها ، وبمختف تكتيكات عمل العصابات .


وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي : 

  1. إدامة العدو عمليات قصفه وتدميره للبنى التحتية والمؤسسات الخدمية في كافة مناطق قطاع غزة ، خاصة تلك التي تقع في مدينة غزة . 
  2. محاولة العدو الوصول إلى مناطق ساحلية غرب مجمع الشفاء بعمل الحاق لقواته العاملة على اتجاه العمليات الشمالي الجنوب ، والجنوبي الشمالي بالقرب من ميناء الصادين غرب حي الرمال . الأمر الذي يتطلب منع العدو من تحقيق هذا الالحاق عبر الجهود النار الفردية والمدفعية والتحضيرات الهندسية . كما يجب العمل على
  • منع العدو من أي عمليات إبرار بحري بهدف احتلال ميناء الصيادين غرب مدينة غزة ، أو النزول في المناطق القريبة منه ، باستخدام نار المدفعية والعمليات التعرضية . 
  • استخدام الجهود الهندسية في صد عمليات تقدم العدو على الطرق الأفقية ـ شرق غرب أو العكس ـ الواصلة بين مناطق ساحل مدينة غزة وعمق المناطق السكنية ، كما يجب العمل عبر جهود الهندسة على منع العدو من استخدام خطوط الموصلات الرأسية ـ شمال جنوب والعكس ـ في منطقة عمليات مدينة غزة . 
  • ضرب خطوط إمداد العدو الواصلة من المناطق الشرقية أو الشمالية إلى عمق مسرح عمليات قطاع غزة ، خصوصاً تلك الموصلة إلى منطقة العمليات الواقعة في شمال وادي غزة ، عبر جهود مدفعية محضرة مسبقاً ، أو هندسية آنية ، أو تعرضية ظرفية. 


  1. سوف يبقى العدو يحاول تحقيق خرقاً أرضياً في منطقة عمليات الجهد الثانوي جنوب وادي غزة ، الأمر الذي يجب التنبه له ، ومنع العدو من تحقيقه ، لما يمكن أن يشكله من خطر مستقبلي على تشكيلات المقاومة العاملة في هذه المنطقة . 
  2. في حال أقرت هدنة إنسانية غير متفق على شروطها ؛ قد يعمد العدو إلى استغلالها في تحييد بعض كوادر المقاومة في حال خرجهم إلى العلن ، أو تحركهم في الأماكن الخطرة ، عبر نار القناصة أو نار المسيرات الجوية ، الأمر الذي يجب التحوط له ، والرد على أي خرق في هذا المجال ، لتثبيت معادلة : عدم استغلال فترات الهدوء في تحقيق أهداف لا يمكن تحقيقها أثناء القتال
  3. سوف تبقى المقاومة في شمال فلسطين ، وفي الساحات الخارجية مشتبكة مع العدو بمختلف وسائط النار المتاحة ، الأمر الذي نعتقد أن زيادة تأثيره وفاعليته ، سوف يولد ضغطاً على صاحب قرار هذه الحرب ( الأمريصهيونية ) ؛ ( أصيلاً / الأمريكي ) كان أم ( وكيل / يهود ) . 


والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . 

عبد الله أمين 

09/ 11/ 2023 




جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023