(وضربت عليهم الذلّة والمسكنة)
عندما يمتلك القوّة عزيزا فإن جمال روحه العزيزة تأبى عليه أن يستخدم هذه القوّةفي البطش والظلم والطغيان، كلّ الخطر عندما يمتلك الذليل الخسيس قوّة، عندئذ لن يراعي حرمة ولا قيما ولا أخلاقا، وعندما يتحوّل هذا الذليل الخسيس من حالة الضحيّة التي يجيد فيها لعب دور الذلّة والمسكنة إلى حالة القوّة والتمكين دون أن يتحرّر من ذلّته ومسكنته فإنه يتحوّل إلى وحش مفترس، هذه هي طبائع الاستبداد التي تحدّث عنها الكواكبي، وعندما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلّم مكة صفح وعفى وقال اذهبوا فأنتم الطلقاء، وكان بذلك يعالج أصحابه الذين كانوا مستضعفين خشية من أن يتحوّلوا إلى مستكبرين.
هؤلاء القوم الاذلّاء تحوّلوا بسرعة عجيبة من ضحايا للهولوكوست إلى صانعي الهولوكوست ذلك بأنهم لم يتحرّروا من طبائع الذلّة والمسكنة .
الله سبحانه جلّ في علاه وصفهم لنا جيّدا: ( وضربت عليهم الذلّة والمسكنة) لاحظ كلمة ضربت أي جبلت عليها نفوسهم فهو طبع متأصل لا انفكاك عنه، لذلك كل الحقارة والنذالة والخسّة تتجسّد فيهم إذا ملكوا قوّة ، والواقع في هذه المعركة يجسّد هذا الحال الشنيع، هل هناك من يستهدف المشافي والمساجد والكنائس والمدارس، وأبشعها عندما يقصفون المشافي فتنهار على رؤوس المرضى؟ ماذا أبقوا للشرّ والشرّيرين من بعدهم؟
وسيكون مصيرهم مصير النازيّة وعندما يكون الاجرام كبيرا يكون الانهيار سريعا بإذن الله، سيبعث الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، هذا وعد الله وهذه سنته الجارية في كلّ الذين أكثروا فيها الفساد.