طوفان الأقصى.. الموقف اليوم الاثنين: 13/ 11/ 2023 الساعة: 08:00

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

لم يطرأ على الموقف القتالي في الـ 24 ساعة الماضية ما يؤثر تأثيراً جذريا على الموقف الكلي للعمليات في عموم مسرح عمليات غزة أو باقي ساحات العمل الخارجية 



أولاً : الموقف

في صفحة العدو القتالية ؛ بعد بدء العدو في يوم: 27/ 10/ 2023 س : 22:00 مناورته البرية ؛ دخلت الحرب بالأمس مرحلتها الثالثة ، حيث تنقل العدو منذ بدء معركة " طوفان الأقصى " من مرحلة إلى أخرى ، وصولاً إلى مرحلة حرب المدن وقتال الشوارع ، التي بدأها العدو في  10/ 11/ 2023 ، حيث بقي العدو منذ بدء هذه المرحلة يناور في مسرح عمليات غزة على المحاورة التالية : 

المحور الأول : المحور الشمالي الغربي ـ محور الجهد الرئيسي في منطقة العمليات الشمالية ـ : حيث تضم بقعة العمليات هذه: شمال غرب بيت لاهيا ، السلاطين ، العطاطرة ، مخيم الشاطئ ، شمال حيي الصفطاوي الشيخ رضوان منطقة الكرامة والصبرا ، حيث ما زالت عمليات الكر والفر بين المقاومين وقوات العدو تدور بين الشوارع والأبنية ، ولم تُفد المعلومات بأي تقدم مهم للعدو على محاور عمله حتى كتابة هذا الموقف ، حيث يشهد محيط مخيم الشاطئ أعنف الاشتباكات بن العدو وبين مجموعات المقاومة العاملة هناك . 

المحور الثاني : الشمالي الشرقي ـ محور جهد ثانوي في منطقة العمليات الشمالية ـ : حيث ما زال العدو يتعرض على منطقة بيت حانون من ثلاث اتجاهات فرعية : 

  1. شمالي غربي : إيرز صلاح الدين تل الزعتر ، حيث قصف العدو محيط المستشفى الاندونيسي في هذه المنطقة ، محاولاً التقدم باتجاه تل الزعتر . ما زال الموقف على حاله منذ الأمس ، بين كر وفر ، ولم تُفد المعلومات حتى كتابة هذا الموقف عن وصول العدو إلى منطقة تل الزعتر في جنوب غرب أبراج العودة .
  2. شمالي شرقي : سدروت الحافة الأمامية للمناطق السكنية في الشمال الشرقي من بيت حانون . حيث أفيد أن العدو قد دخل المدينة عبر هذا المحور ، وأن عمليات كر وفر بين المقاومين وجنود العدو في أحياء المدنية وحواريها ما زالت دائرة حتى كتابة هذا الموقف .
  3. الجنوب الشرقي : مفساليم الحافة الأمامية للمناطق السكنية في الجنوب الشرقي من بيت حانون باتجاه تل الزعتر . لم تُفد المعلومات بأي تقدم خطير على هذا المحور بالتجاه منطقة تل الزعتر .

المحور الثالث : الشرقي ـ محور جهد ثانوي في منطقة العمليات الشمالية ـ : " مفساليم " المقبرة الريس الكاشف جباليا التفاح ؛ حيث لا زال موقف العدو في هذه المحور لم يتغير عما كان عليه بالأمس ، ولم يسجل أي خرق حقيقي يهدد الحافة الأمامية الشرقية لمناطق جباليا ، التفاح ، الشجاعة ، كما لم يُسجل حتى كتابة هذا الموقف وصول قوات للعدو إلى الهيئات الحاكمة في هذه المنطقة ـ تل الزعتر ، الكاشف ، الريس ـ . 

المحور الرابع : الجنوبي الشرقي ـ محور جهد رئيسي في منطقة العمليات الشمالية ـ : كارني صلاح الدين الزيتون تل الإسلام جنوب الشيخ عجلين ؛ ما زال العدو يحاول التقدم داخل الأحياء الجنوبية ـ الشجاعية ، حي الزيتون ، تل الإسلام ، الشيخ عجلين ـ ، حيث يحرك العدو قواته بشكل متزامن وببطيء ــ تجنباً للخسائرـــ للضغط على دفاعات المقاومة المنتشرة في هذه المناطق ، مركزاً جهده على حيي "تل الإسلام / الهوا " و "الشيخ عجلين " ، حيث تفيد المعلومات بأن العدو حقق تقدماً طفيفاً داخل حي الصبرا شمال " تل الإسلام " حيث وصل إلى دوار الخور شرق شارع الرشيد البحري . 

المحور الخامس : محور الجهد الثانوي في مسرح العمليات : حيث مناطق المحافظات الوسطى والجنوبية الواقعة جنوب وادي غزة ؛ فلا زال العدو يحتك ، بالنار والمناورة ، مع تشكيلات المقاومة المنتشرة على الحافة الأمامية ـ جحر الديك ، القرارة ، البريج ، خان يونس ، عبسان ، رفح ـ للمناطق السكنية في منطقة العمليات هذه ، بهدف إشغال وتثبيت ومنع هذه المناطق من توفير التعزيزات والاسناد لتشكيلات المقاومة العاملة في منطقة الجهد الرئيسي الواقعة شمال وادي غزة . 

المحور السادس : الساحل البحري : لم تسجل بالأمس أي عمليات إبرار على سواحل غزة ، مع بقاء الجهد الناري من البحر ، كجهد إسناد وتغطية لقواته العاملة على البر. كما بقيت القطع البحرية للعدو تقصف عمق مناطق وأحياء مدنية غزة ، وباقي مدن ومخيمات قطاع غزة من المغراقة في الوسط إلى رفح جنوباً . 



كما بقي العدو في الـ 24 ساعة الماضية يحاصر المشافي والمركز الصحية في مدنية غزة ، وقد أفيد بالأمس عن إخلاء مستشفى الرنتيسي للأطفال . كما قصف منشآت ونقاط تتبع لـ " حزب الله " في الجنوب اللبناني رداً على عملياته التي قام بها بالأمس ضد مواقعه ـ مواقع العدو ـ ونقاط مراقبته على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة . 



هذا وقد أفيد عن قصف أمريكي لمقار ومستودعات تتبع للقوات العاملة مع الحرس الثوري الإيراني في سوريا ، رداً على استهداف القواعد الأمريكية في العراق والشمال السوري . وفي سياق متصل ؛ فقد بدأت تعلو الأصوات في القيادة العسكرية للعدو بضرورة تغير المقاربة الحالية فيما يخص الرد على استهداف " حزب الله " لمقاره وقواعده العسكرية في شمال فلسطين . 



وفي صفحة موقف المقاومة ؛ لا تزال المقاومة تتصدى للعدو على جميع محاور الجهد الرئيسي في منطقة شمال قطاع غزة ، وتتعرض عليه بعمليات التسلل والغارات ، و استهداف مقار تمركزه في الدور والبنايات ، والالتحام معه ـ العدو ـ من مسافات قريبة مستخدمة عبوات "العمل الفدائي " وقذائف الياسين الترادفية . 

كما بقيت المقاومة تصد محاولات تقدم العدو باتجاه المراكز الرئيسية في المحافظات الوسطى والجنوبية : دير البلح ، البريج ، خان يونس ، رفح ، حيث قصفت مناطق حشده ، وقواته التي تحاول التقدم باتجاه الحواف الأمامية للمناطق السكنية . 

كما واصلت المقاومة قصفها بالصواريخ والمدفعية مدننا المحتلة ، في الداخل الفلسطيني ومواقع حشد العدو وتجمعاته على غلاف قطاع غزة . وعلى صلة ؛ فقد استهدفت المقاومة العراقية قواعد العدو الأمريكي في الأراضي السورية بطائرتين مسيرتين . 

أما في جبهة الجنوب اللبناني ؛ فقد استهدف "حزب الله " معظم قواعد العدو ونقاط جمعه الحربي على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين ، من رأس الناقورة غرباً حتى مرتفعات العرقوب شرقاً . كما أُفيد عن قصف كتائب "عز الدين القسام " في لبنان ، مغتصبات العدو في شمال فلسطين برشقة صاروخية . 



وفي الضفة الغربية ؛ بقي العدو يبادر بعمليات الاقتحام والمداهمة في معظم مدن وقرى الضفة الغربية ، واعتقال النشطاء ، ومنع المشاركة الحقيقية والفعلية التي من شأنها أن تخفف الضغط عن أهلنا في قطاع غزة . 



وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ فقد استمرت التظاهرات الحاشدة تخرج مؤيدة للمقاومة ، وداعمة لشعبنا في معظم عواصم العالم العربي والإسلامي وبعض العواصم الغربية ، مطالبة بوقف الحرب ، وتوقف دعم آلية القتل الصهيونية . 



وفي الجهود السياسية؛ لم يسجل شيء جديد يذكر في الموقف السياسي منذ أمس ، ينعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة ؛ حيث ما زال الحديث يدور عن هدن إنسانية لتوفير ظروف مناسبة لإطلاق سراح بعض الأسرى لدواعي إنسانية ، أو إخراج مزدوجي الجنسية من قطاع غزة . وفي سياق متصل فقد صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي " جاك سولفان " بالأمس أنهم ـ الأمريكيين ـ ليسوا مع إعادة احتلال القطاع أو اقتطاع شيء من أراضيه ، أو تهجير أهله منه قصراً . كما سُجل اتصالٌ بين وزير الدفاع الأمريكي والإسرائيلي ، حث فيها الأول ، الثاني على ضبط النفس فيما يخص التعامل مع تهديد " حزب الله " في شمال فلسطين ، والحرص على عدم جر الحرب خارج قطاع غزة.


ثانيا : التحليل والتقدير :

لقد دخلت مرحلة حرب المدن التي يخوضها العدو ضد أهلنا في مدنية غزة مرحلة القتال الروتيني والمتوقع في حرب المدن ، حيث أصبحت ـ الحرب ـ عبارة عن عمليات قصف معادي وتدمير مباني وشقق بقصد التطهير أو التمهيد لتقدم قوات في حي ما أو شارع معين ، والبحث والتفتيش عن مقار وأصول مادية أو بشرية للمقاومة والعمل على تحييدها ، يقابله تعرض من قِبَل مجموعات المقاومة المنتشرة في هذه المدينة على العدو وتشكيلاته وجنوده ، بمختلف صنوف وتكتيكات حرب العصابات ـ كمائن ، عبوات ، قنص ، استهداف لتجمعات العدو وجنوده المتحصنين في نقاط حاكمة ـ بهدف إيقاع أكبر كم من الخسائر البشرية والمادية في القوات الغازية . 



وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي : 

  1. إدامة العدو عمليات قصفه وتدميره للبنى التحتية والمؤسسات الخدمية في كافة مناطق قطاع غزة ، لتوسيع هامش مناورته وناره ضد المقاومين المتحصنين في عمق مدنية غزة ، ومحافظاتها .
  2. إدامة العدو تقوية رؤوس جسوره ونقاط ارتكازه ومقار عملياته المتقدمة ، بهدف زيادة عمليات ( القضم ) الجغرافي لمناطق في شمال وجنوب مدينة غزة .
  3. بدء العدو بتقسم مدينة غزة إلى مربعات وبقع عمل ، والتعامل مع كل مربع بما يناسبه من تكتيكات وأسلحة .
  4. محاولة العدو التقدم باتجاه الهيئات الحاكمة ـ الطبيعة والصناعية ـ في شرق مدينة غزة ـ تل الزعتر ، الكاشف ، الريس ـ لما توفره له هذه المناطق من سيطرة نارية وبصرية على عمق دفاعات المقاومة في عمق المدينة .
  5. سوف يحاول العدو أن ( يقضم ) كامل منطقة الشيخ عجلين أو تل الإسلام ، عبر دفع تشكيلات قتالية من جنوب شرق هذه المناطق باتجاه رأس جسر مجمع أنصار ، أو لإحكام الإطباق على مربع مستشفى الشفاء ، وهذا ما يفسر تقدم العدو باتجاه دوار الخور في حي صبرا .
  6. سوف يحاول العدو تعميق خرقه في اتجاه العمليات الأوسط / السودانية الصفطاوي الشيخ رضوان حي النصر ، ليشكل ضغطاً على الجهاز الدفاعي للمقاومة في كامل منطقة عمليات مدينة غزة ، لشتيت قدارتها ، ومنعها من المناورة بالنار أو العديد ، تعزيزاً وإسناداً لبقع عمليات هي بحاجة للتعزيز أو إسناد ، لذلك لا بد من العمل على :
  • إدامة الاستعلام وجمع المعلومات والمعطيات عن تحركات العدو الحالية في مسرح العمليات عموماً ، وبقع الاشتباكات خصوصاً ، لتقدير خطواته المستقبلية .
  • استخدام الجهود الهندسية في صد عمليات تقدم العدو على الطرق الأفقية ـ شرق غرب أو العكس ـ الواصلة بين مناطق ساحل مدينة غزة وعمق المناطق السكنية ، كما يجب العمل عبر جهود الهندسة على منع العدو من استخدام خطوط الموصلات الرأسية ـ شمال جنوب والعكس ـ في منطقة عمليات مدينة غزة .
  • ضرب خطوط إمداد العدو الواصلة من المناطق الشرقية أو الشمالية إلى عمق مسرح عمليات قطاع غزة ، خصوصاً تلك الموصلة إلى منطقة العمليات الواقعة في شمال وادي غزة ، عبر جهود مدفعية محضرة مسبقاً ، أو هندسية آنية ، أو تعرضية ظرفية .
  • لا بد من استخدام فائض النار الموجودة في مناطق الجهد الثانوي في مسرح عمليات غزة ـ مناطق الوسطى ، خان يونس ، رفح ـ بحيث تُصب على مناطق حشد العدو ، وطرق إمداده وإدامة قواته ، في منطقة جهد العدو الرئيسي في مدينة غزة ، لما سيتركه هذا الإجراء من انعكاس إيجابي على موقف الصديق ، وسلبي على موقف العدو .
  1. سوف يبقى العدو يحاول تحقيق خرق أرضي في منطقة عمليات الجهد الثانوي جنوب وادي غزة ، الأمر الذي يجب التنبه له ، ومنع العدو من تحقيقه ، لما يمكن أن يشكله من خطر مستقبلي على تشكيلات المقاومة العاملة في هذه المنطقة ، كما يجب محاولة تحرير ما يمكن من نار وعديد من هذه المنطقة واستخدامه ـ بمختلف طرق العمل وتكتيكاته ـ للضغط على قوات العدو العاملة على محور الشجاعية الزيتون تل الإسلام الشيخ عجلين لتشتيت قدرات العدو ، وتخفيف الضغط على تشكيلات المقاومة العاملة في مدينة غزة .
  2. سوف تبقى المقاومة في شمال فلسطين ، وفي الساحات الخارجية مشتبكة مع العدو بمختلف وسائط النار المتاحة ، الأمر الذي نعتقد أن زيادة تأثيره وفاعليته وزخمه ، سوف يولد ضغطاً على صاحب قرار هذه الحرب ( الأمريصهيونية ) ؛ ( أصيلاً / الأمريكي ) كان أم ( وكيل / يهود ) .
  3. لا نعتقد أن تقدماً في الجهود السياسية في الـ 24 ساعة القادمة سوف يسجل ، ما لم يستطيع العدو تحقيق إنجاز أرضي يمثل صورة نصر يبحث عنه العدو ، قد يكون ـ النصر ـ الوصول إلى مستشفى الشفاء لما لهذا المكان من رمزية معنوية ، أُضفيت عليه خلال هذه الحرب .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . 

عبد الله أمين

13/ 11/ 2023

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023