بعد أربعين يوما، بميزان عسكري لا مقارنة بين كفتيه على الإطلاق، وصل الجيش المدجج المدعوم دوليا إلى "مستشفى"!!

محمد إلهامي

مؤرخ وكاتب

كتب الأستاذ والمؤرخ محمد إلهامي :



موقفٌ يستحق التوقف طويلا.. لكن السؤال الذي يلحّ على رأسي هو:



حين تظهر هذه البطولات المبهرة، بماذا يشعر العسكريون العرب؟!



هل يشعرون بالفرح مثل بقية الأمة الإسلامية وأحرار الناس عبر العالم؟ أم يشعرون بالعار والخزي؟!



وهل يا تُرى يشعرون بالعار لأن تاريخهم المخزي يشهد بأن إسرائيل كانت تخترقهم وتكتسحهم وتلتهمهم مثل قطعة الجبن؟!



أم يشعرون بالخزي والعار لأنهم يعرفون تماما ويقينا أنهم لو واجهوا إسرائيل الآن لكانت فضيحتهم مدوية مجلجلة تجعل منهم أضحوكة في العالمين؟!



أم لعلهم يشعرون بالخزي والعار لأنهم -لا سيما الجيش المصري- قد تحول إلى مجموعة من الملاهي والمتاجر وقاعات الأفراح وخطوط الأسماك؟!! في مشهدٍ أسوأ من أن يكون مضحكا، وأسخف من أن يكون حقيقة!!



وبعد تأمل وتفكر، رجَّحتُ أنهم يشعرون بشيء آخر تماما..



يشعرون بالغيظ والغضب!!



نعم، الغيظ والغضب لأن إسرائيل لم تنجح حتى الآن في سحق المقاومة..  



إن العاهرات يؤذيهن بقاء امرأة شريفة لم تفرط في نفسها؟!  



وهؤلاء الفاسدون المتخمون من المال الحرام والدم الحرام في بلادهم يتعرضون الآن لمقارنات حارقة كاوية مع فصائل مقاومة لا تملك شيئا من أسلحتهم وطائراتهم وسفنهم وصواريخهم!!



إن كل متحدث عسكري في جيش عربي لا شك يشعر في قرارة نفسه، أكثر من كل الناس، بحجم العظمة والالتفاف حول أبي عبيدة.. فهل مثل هذا يتمنى انتصار أبي عبيدة لتستمر هذه المقارنات القاهرة الغائظة النافذة إلى صميم شرفه وشرف جيشه؟!



فكيف بمن وراء ذلك من القادة في المراتب العليا والوسطى؟!.. هل يمكن أن يشعروا فعلا بالفخر والحب لفصائل المقاومة التي تفضحهم وتذكرهم دائما بالوسخ الذي يلطخهم والانحطاط الذي يترسبون فيه؟!



لو كانت هذه الجيوش جزءا من الأمة لكانت الآن تفور وتمور تريد أن تشارك في المعركة.. ولكنها جزء من الأنظمة!



وما دامت جزءا من الأنظمة، فهي كما قال نتنياهو -وقد صدق وهو كذوب- "إن هزيمة إسرائيل في هذه المعركة سيجعل الدور قادما على الأنظمة العربية"!



جيوشنا ليست منا.. حقيقة واقعة مهما كرهناها، ومهما كانت مُكَلِّفة وصادمة!

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023