لم يطرأ على الموقف القتالي في الـ 24 ساعة الماضية ما يؤثر تأثيراً جذريا على الموقف الكلي للعمليات في عموم مسرح عمليات غزة أو باقي ساحات العمل الخارجية ، مع وجود تغيرات طفيفة يمكن ملاحظتها في ثنايا التقرير
أولاً : الموقف :
بقيت الحرب في يومها 39 على رتابتها اليومية لأي حرب مدن تخاض في مساحات معزولة ومحاصرة :
ففي صفحة العدو القتالية في الـ 24 ساعة الماضية كان الموقف على الشكل الآتي :
- تعرض للعدو في مسرح العمليات عبر الجهود التالية :
- شمال وادي غزة : جهد رئيسي / شمالي غرب و جنوبي غربي . جهد ثانوي / شمالي شرقي ، و شرقي ، وجنوبي شرقي.
- وسط وجنوب وادي غزة : جهود ثانوية وتثبيت قدرات المقاومة ، ومنعها من المناورة فيها وبها.
- جهد بحري وجوي : إسناد للجهود البرية وداعمة لها .
- قتال في مدينة غزة تضمن الأنماط والتكتيكات الآتية :
- حصار كامل المدنية .
- تثبيت اتجاهات عمل على حساب التعامل مع اتجاهات أخرى ، فقد بدأ بالأمس تخصيص قدرات نار ومناورة في مناطق الوسطى لقطاع غزة ، أكثر مما كانت عليه في الأيام السباقة ، كما بدأ بالتعامل مع مناطق شمال شرق مدينة غزة ـ بت لاهيا ، جباليا ـ قادماً رأس الجسر الذي أقامه في شمال غرب المدينة . كما أطبق حصاره على كامل المدينة من الغرب وبدأ في تضيق الخناق على المقاومين ، بالضغط على الجهاز الدفاعي للمقاومة من الشمال والجنوب والغرب ، ناقلاً ناره ومناورته للتعامل مع مناطق بعينها ، بعد أن يكون خصص جهداً إشغالياً أو مثبتاً لمنطقة يمكن أن تكون هي جهة التعزيز أو الدعم لبقعة العمل التي يعمل عليها حالياً .
- توغل داخل الأحياء عبر الشوارع الرئيسية .
- قتال على القشرة الخارجية للأحياء ، دون التوغل فيها لإجراء عمليات تطهير للبنايات والشقق السكنية .
- عمليات تفتيش وبحث عن أصول المقاومة البشرية والمادية ، ومراكز ثقلها ، والتعامل مع كل هدف بما يقتضيه من إجراءات تعبوية ونارية .
- تثبيت القدرات القتالية في وسط وجنوب قطاع غزة ، ومنعها من التدخل الفعلي والفاعل والمؤثر في معركة مدينة غزة .
- الضغط على الجبهة الداخلية للمقاومة ، عبر استهداف المدنيين ، والمراكز الخدمية والاجتماعية.
أما في صفحة موقف المقاومةفلم تتغير في الـ 24 ساعة الماضية وبقيت على النحو الآتي :
- عمليات استطلاع وجمع معلومات عن الأهداف المعادية التي تتحرك في مناطق المسؤولية .
- التعرض للأهداف المعادية بمختلف صنوف وتكتيكات رجال العصابات في المدن .
- الدفاع المرن والمتحرك من بقعة عمليات إلى أخرى ، دون خوض اشتباكات حاسمة مع العدو .
- الاشتباك بالنار مع العدو في عمق مناطق حشده ، ومراكز ثقله السياسية ، بواسطة سلاحي المدفعية والصواريخ .
- أما في الجبهات الخارجية ؛ فاقتصر نمط العمليات على الاحتكاك مع العدو على كامل خط جبهة جنوب لبنان ، ومحاولة إبقاء الجبهة في حالة من التوتر والاستنفار ، لمنع العدو من نقل قوات باتجاه جبهة غزة . وفي جبهات الخط الثالث ـ سوريا ، العراق ، اليمن ـ أيضاً بقي نمط العمليات يقتصر على عمليات إيذائية للعدو الأمريكي عبر استهداف قواعده ومقار عمله ، أو محاولة إيصال النار إلى فلسطين المحتلة عبر المسيرات والصواريخ البالستية . وما استجد بالأمس هو محاول استهداف " أنصار الله " للعدو ( الأمريصهيوني ) في البحر الأحمر بواسطة الطائرات المسيرة .
وفي الضفة الغربية ، عمليات اقتحام للمدن والقرى تتضمن :
- الدفع بقوات إلى داخل هذه المدن بناء على معلومات استخبارية .
- جهود هندسية مصاحبة لعمليات الاقتحام لتوقى خطر العبوات الشعبية ، وكياً لوعي الحاضنة الشعبية عبر تخريب الشوارع والبنى التحتية .
- جهود جوية للسيطرة على بقعة العمليات ؛ بصرياً ونارياً .
- عمليات تفتيش عن مطلوبين أو مطاردين مطلوباً القبض عليها ، ثم يتم تحيدهم ؛ قتلاً أو اعتقالاً.
- البحث والتفتيش عن مقرات وورش تصنيع ، بغض النظر أكانت الورشة حقيقة تستعمل كساتر، أو كانت مخفية ضمن المباني والشقق السكنية .
- اشتباك المقاومين مع قوات العدو التي تحاول الدخول إلى بعض مدن وقرى الضفة ، والتعامل معها بما تيسر من أسلحة فردية ، وعبوات شعبية .
وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل :
- مظاهرات ومسيرات .
- اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات .
- ندوات وخطب ولقاءات .
وفي الجهود السياسية ؛ لم يسجل شيء جديد يذكر في الموقف السياسي منذ أمس ، ينعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة ، وتنصب الجهود على تحرير الأسرى المدنيين وأصحاب الجنسيات المزدوجة ، ومنع تمدد الحرب إلى خارج فلسطين المحتلة . وفي السياق فقد صوت مجلس الأمن بالأمس بالموافقة على مشروع قرار مقدم من " مالطا " يدعو إلى هدن إنسانية ، بعد رفض تعديل عليه اقترحته روسيا بحيث يصبح مشروع القرار " الدعوة إلى هدن إنسانية تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية ".
ثانيا : التحليل والتقدير :
سيبقى الموقف الميداني على رتابته ما لم يحدث تغير دراماتيكي في إدارة نار المقاومة ـ الداخلية ، والخارجية ـ وتشغيل ما لديها من قدرات بشرية ونارية ؛ خاصة في جنوب وادي غزة ، بحيث تجبر العدو على إعادة تموضعه في منطقة الجهد الرئيسي عبر :
- استهداف مناطق حشده وتجمع قواته الرئيسية في مناطق عملياته شمالاً وجنوباً وشرقا .
- تزخيم وتكثيف عمليات الاطلاق الثقيلة على العمق المعادي حيث مركز القرار السياسي .
- تغير في نمط ووتيرة وزخم وأثر عمليات المقاومة من خارج فلسطين المحتلة .
- تسارع الحراك السياسي المفضي إلى هدنة إنسانية مؤقتة ، أو وقف إطلاقا نار دائم بقرارات دولية أو محلية ، أو توقف الأعمال العدائية الذاتية من كلا طرفي الحرب .
وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي :
- بقاء نمط عمليات العدو على ما هو عليه في كافة مناطق العمليات في مسرح عمليات غزة .
- بدء العدو بنقل جهود قتالية لعزل مناطق جغرافية داخل مدينة غزة ، والتعامل مع مجموعات المقاومة العاملة فيها ، مع عدم اعتقدانا بأن العدو سيعمد إلى اقتحام هذه المناطق والتفتيش فيها بيت بيبت ، وبناية بناية ، وإنما سيبقى يعمل على القشرة الخارجية لهذه المناطق .
- بدء نقل جزء من جهود النار والمناورة المعادية ومن مختلف الوسائط للتركيزعلى مناطق وسط وجنوب قطاع غزة .
- بقاء العدو يستخدم مختلف وسائل الضغط على المواطنين في غزة ، كورقة قوة في يده يستثمرها في الضغط على قيادة المقاومة ؛ العسكرية في الداخل ، والسياسية في الخارج .
- بقاء نمط عمل جبهة شمال فلسطين على رتابتها القتالية اليومية.
- بقاء نمط عمليات الجبهات الخارجية على ما هو عليه من رتابة العمل ونوع الاشتباك.
- لا نعتقد أن الجهود السياسية في الـ 24 ساعة القدمة ستفضي إلى نوع حل مؤقت أو دائم للحرب كون العدو لم يحقق في الميدان صورة انتصار ـ تحرير رهائن ، الوصول إلى مقرات قيادية حقيقية للمقاومة ، تحييد قيادات من العيار الثقيل في المقاومة ـ الأمر الذي سيطيل عمر عملياته الميدانية .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
عبد الله أمين
16/ 11/ 2023