طوفان الأقصى... الموقف اليوم الأحد: 19/ 11/ 2023  الساعة: 08:00

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

أولاً : الموقف

لم يتحرك الموقف الميداني للحرب في يومها 43 على بدئها ، وبدء مناورة العدو البرية في ي : 27/ 10/ 2023 الساعة: 22:30 

ففي صفحة العدو القتالية في الـ 24 ساعة الماضية كان الموقف على الشكل الآتي : 

  1. تحول ضغط العدو باتجاه المناطق الشمالية الشرقية ـ بيت حانون ، جباليا ، بيت لاهيا ـ لمدينة غزة ، في محاولة لكسر حدة المقاومة التي ما زالت تشهدها تلك المناطق . 
  2. زيادة الضغط على الأحياء الداخلية لمدينة غزة ـ الصفطاوي ، الشيخ رضوان ، الزيتون ـ في محاولة لإشغال هذه المناطق ، والحد من قدرتها على التدخل الفاعل في معارك الشمال الشرقي للمدينة . 
  3. تثبيت المناطق الشرقية لمدنية غزة ـ جباليا ، التفاح ، الشجاعة ـ وعدم تقدم العدو لاحتلال الهيئات الأرضية الحاكمة في هذه المناطق ـ تل الزعتر ، الكشاف ، الريس ـ حتى الآن ، مع زيادة الضغط على منطقة تل الزعتر في الشمال الشرقي لمخيم جباليا . 
  4. قتال على القشرة الخارجية لأحياء وحارات مدينة غزة ، وعدم التوغل فيها ، تخوفاً من حجم الخسائر المتوقعة . 
  5. عمليات تماس وقطع تماس مع تشكيلات المقاومة العاملة في هذه المناطق ، يتبعه ـ قطع التماس ـ استدعاء نار من مختلف الوسائط للتعامل مع العُقد الدفاعية فيها ، بعد كشف استعدادها وطبيعة انتشارها . 
  6. التَحضُر لنقل منطقة الجهد الرئيسي المعادي باتجاه جنوب وادي غزة ، بعد تأكد العدو من تثبيت دفاعات المقاومة في الشمال ، وخفض منسوب التهديد الذي تشكله هذه المنطقة على الموقف العام في مسرح عمليات غزة . 


أما في صفحة موقف المقاومةفلم تتغير في الـ 24 ساعة الماضية وبقيت على النحو الآتي : 

  1. عمليات استطلاع وجمع معلومات عن الأهداف المعادية التي تتحرك في مناطق المسؤولية . 
  2. الكر والفر والتعرض للأهداف المعادية بمختلف صنوف وتكتيكات حرب العصابات في المدن . 
  3. الدفاع المرن والمتحرك من بقعة عمليات إلى أخرى ، دون خوض اشتباكات حاسمة مع العدو . 
  4. الاشتباك بالنار مع العدو في عمق مناطق حشده ، ومراكز ثقله السياسية ، بواسطة سلاحي المدفعية والصواريخ . 


أما في الجبهات الخارجية ؛ فاقتصر نمط العمليات على الاحتكاك مع العدو على كامل خط جبهة جنوب لبنان ومحاولة إبقاء الجبهة في حالة من التوتر والاستنفار ، لمنع العدو من نقل قوات باتجاه جبهة غزة . وفي جبهات الخط الثالث ـ سوريا ، العراق ، اليمن ـ أيضاً بقي نمط العمليات يقتصر على عمليات إيذائية للعدو الأمريكي عبر استهداف قواعده ومقار عمله ، أو محاولة إيصال النار إلى فلسطين المحتلة عبر المسيرات والصواريخ البالستية . 


وفي الضفة الغربية ؛ ما زال العدو يكرر عمليات اقتحامه اليومي ــ وبنفس طرق العمل والتكتيكات الميدانية ــ لمدن وقرى الضفة الغربية في عمليات أمن جاري ساخن ، يُحيّد فيه مقاومين ، ويدمر بناً تحتيه وخدمية ، ويُثّبتُ قدرات للمقاومة ، يمكن أن تساعد في اشغاله ، وتشتيت جهوده ، وتجميد جزء من قدراته ، أو تعيق تحركه السلسل بالتجاه جبهات قتاله في الشمال أو الجنوب . 


وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل : 

  1. مظاهرات ومسيرات . 
  2. اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات . 
  3. ندوات وخطب ولقاءات . 


وفي الجهود السياسية ؛ لم يسجل شيء جديد يذكر في الموقف السياسي منذ أمس ، ينعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة ، وتنصب الجهود على تحرير الأسرى المدنيين ، ومنع تمدد الحرب إلى خارج فلسطين المحتلة ، مع ارتفاع منسوب الحديث عن غزة بعد الحرب ، وطبيعة إدارتها ، والجهة التي ستديرها . 


ثانيا : التحليل والتقدير :

بقي الموقف الميداني في الـ 24 ساعة الماضية على رتابته من حيث الفعل الميداني المعادي ، أو الجهد العسكري المقاوم ، أو الحراك السياسي الإقليمي والدولي ؛ فما زال العدو يظهر تعنتاً وصلابة في مواجهة الضغوط السياسية التي تطالبه بوقف نار مؤقت ، وفتح ممرات مستدامة لإدخال المعونات إلى أهلنا في قطاع غزة ، كما يظهر إصراراً لافتاً على تحقيق ما أعلنه من أهداف لهذه المعركة . كما تُظهر المقاومة صلابة وقدرة كبيرة على إشغال العدو وتدفعيه أثمان بشرية ومادية في مناطق الجهد الرئيسي في منطقة عمليات شمال قطاع غزة . وعلى صلة يتزايد منسوب التوتر في جبهة شمال فلسطين ، حيث تنفذ المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " عمليات اشتباك بالنار مع العدو بشكل يومي ، وعلى طول خط الجبهة ؛ من رأس الناقورة غرباً وحتى العرقوب شرقاً . كما بقيت المقاومة في الساحات الخارجية تشتبك مع العدو الأمريكي في سوريا والعراق بنار الصواريخ أو الطائرات المسيرة . 


وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي : 

  1. بقاء نمط عمليات العدو على ما هو عليه في كافة مناطق العمليات في مسرح عمليات غزة . 
  2. بدء العدو بنقل جهود قتالية لعزل مناطق جغرافية داخل مدينة غزة ـ جباليا ، الرضوان ، بيت لاهيا ـ والتعامل مع مجموعات المقاومة العاملة فيها ، مع عدم اعتقدانا بأن العدو سيعمد إلى اقتحام هذه المناطق والتفتيش فيها بيت بيبت ، وبناية بناية ، وإنما سيبقى يعمل على القشرة الخارجية لهذه المناطق . 
  3. بدء نقل جزء من جهود النار والمناورة المعادية ومن مختلف الوسائط للتركيز على مناطق وسط وجنوب قطاع غزة ، حيث بدأ العدو بالتمهيد لعمليات التقدم باتجاه خان يونس عبر شنه غارات جوية مكثفة على عمق المدينة ، وعلى الحافة الأمامية للمناطق السكنية فيها . 
  4. نعتقد أن العدو بعد أن يحكم حصاره على أهم أحياء مدينة غزة ـ بيت حانون ، جباليا ، الرضوانـ سوف يكون متاحاً له تحرير جزء من قواته المناورة في شمال قطاع غزة ، لنقلها إلى منطقة وسطة وجنوب غزةالأمر ـ نقل الجهود ـ يجب التنبه له من الآن ، وعدم تمكين العدو من نقل هذه الجهود بشكل مريح وسلس ، عبر قيام المقاومين بالإجراءات التالية : 
  • استهداف خطوط حركة هذه القوات باتجاه الوسط والجنوب . 
  • منع العدو من عمل رؤوس جسور في مناطق الجهد الجديدة ، عبر جهود المدفعية والهندسة. 
  • استهداف مقار حشد العدو الحالية ، بمختلف صنوف النار المتوفرة لدى المقاومة . 
  • التنبه للجهود الخداعية أو الثانوية التي يمكن أن يقوم بها العدو عبر المناطق الساحلية ، أو المجاورة لهذه المناطق ـ وسط وجنوب قطاع غزة ـ وتخصيصها بما يناسب من قدرات نارية وبشرية . 
  1. بقاء العدو يستخدم مختلف وسائل الضغط على المواطنين في غزة ، كورقة قوة في يده يستثمرها في الضغط على قيادة المقاومة ؛ العسكرية في الداخل ، والسياسية في الخارج . 
  2. بقاء نمط عمل جبهة شمال فلسطين على رتابتها القتالية اليومية. 
  3. بقاء نمط عمليات الجبهات الخارجية على ما هو عليه من رتابة العمل ونوع الاشتباك.
  4. لا نعتقد أن الجهود السياسية في الـ 24 ساعة القادمة ستفضي إلى نوع حل مؤقت أو دائم للحرب كون العدو لم يحقق في الميدان صورة انتصار ـ تحرير رهائن ، الوصول إلى مقرات قيادية حقيقية للمقاومة ، تحييد قيادات من العيار الثقيل في المقاومة ـ الأمر الذي سيطيل عمر عملياته الميدانية ؛ خاصة بعد موافقته على إدخال الوقود إلى قطاع غزة ، مع تغير محاور جهدها الرئيسي من مكان إلى آخر ، بما يخدم أصل هدف العدو من حربه العسكرية . 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

عبد الله أمين

19/ 11/ 2023

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023