طوفان الأقصى ... الموقف اليوم الأربعاء: 22/ 11/ 2023 الساعة: 08:00

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني


أولاً : الموقف

وفي ختام اليوم الـ 46 للحرب ؛ أفضت المفاوضات السياسية بوساطة قطرية ، إلى موافقة العدو (الأمريصهيوني ) على هدنة مؤقتة لمدة 4 أيام ، لم يتم حتى كتابة هذا الموقف الإعلان عن بدء سريانها . 

كما بقي الموقف في صفحاته المختلفة على النحوي الآتي : 


ففي صفحة العدو القتالية؛ بقي العدو مستمراً في تقطيع المدينة إلى بقع عمليات منفصلة عن بعضها البعض ، بحيث يدفع قواته باتجاه الأكثرها سهولة للمناورة وتحقيقاً للأهداف ، مثبّتاً البقع الأكثر صعوبة وصلابة ، للعودة لها لاحقاً ، وفي هذا السياق ؛ فقد أعلن العدو بالأمس إتمام حصاره لمنطقة جباليا في شمال مدنية غزة . كما بقي الموقف المعادي ففي الـ 24 ساعة على النحو الآتي : 

  1. قتال العدو على القشرة الخارجية للأحياء الداخلية ـ الصفطاوي ، الكرامة ، الشيخ رضوان ، الزيتون ، محيط مشفى الشفاء ، محيط المستشفى الإندونيسي ـ لمدينة غزة . 
  2. أتم العدو حصار منطق جباليا في شمال مدنية غزة . 
  3. استمرار العدو في عمليات الأمن الجاري الساخن في كافة المناطق التي يعمل فيها شمال مدينة غزة . 
  4. أما في باقي مسرح العمليات ؛ فقد بقي العدو مثبّتاً مناطق جنوب وادي غزة ، بمختلف صنوف النار ، والمناورات السطحية ، بحيث لم يحتك إلى الآن بعمق الجهاز الدفاعي للمقاومة في تلك المناطق ، في إجراء ـ المناورات السطحية ـ الهدف منه : 
  • استطلاع قتالي بهدف جمع معلومات ، أو التثبت من معلومات موجودة .
  • كشف انتشار واستعداد الجهاز الدفاعي في منطقة العمليات جنوب وادي غزة . 
  • كشف قواعد النار الثابتة لجهاز المقاومة الدفاعي جنوب الوادي . 
  • تليين الأهداف وعُقد الدفاع الصلبة في منطقة العمليات . 

وفي سياق متصل ؛ قامت طائرات العدو المسيرة بالأمس باستهداف فريق قناة الميادين العامل في جنوب لبنان ، حيث ارتقت في القصف مراسلة القناة " فرح عمر " والمصور المرافق لها " ربيع معماري " ، كما قصفت طائرات العدو سيارة كانت تقل 4 اشخاص من ضمنهم أحد كوادر حركة المقاومة الإسلامية " حماس " " خليل خراز " ، أثناء تحركهم في الجنوب بالقرب من قرية " الشعيتية " اللبنانية . كما بقي ـ العدو ـ يستهدف المراكز الخدمية والصحية التي تقدم الخدمات لأهلنا وشعبنا خاصة في شمال قطاع غزة . 


أما في صفحة موقف المقاومة فلم تتغير في الـ 24 ساعة الماضية وبقيت على النحو الآتي : 

  1. عمليات استطلاع وجمع معلومات عن الأهداف المعادية التي تتحرك في مناطق المسؤولية. 
  2. الكر والفر والتعرض للأهداف المعادية بمختلف صنوف وتكتيكات حرب العصابات في المدن . 
  3. الدفاع المرن والمتحرك من بقعة عمليات إلى أخرى ، دون خوض اشتباكات حاسمة مع العدو . 
  4. الاشتباك بالنار مع العدو في عمق مناطق حشده ، ومراكز ثقله السياسية ، بواسطة سلاحي المدفعية والصواريخ . 

وعلى صلة ؛ فقد تصدت المقاومة الفلسطينية للعدو على محاور بيت حانون ، وجباليا ، حيث يركز العدو جهده الآن ، كما بقيت ـ المقاومة ـ تتعرض للعدو على باقي محاور عمله في الزيتون ، والرضوان ، وشرق مستشفى الشفاء ، وفي محيط المستشفى الإندونيسي ، كما قصفت المقاومة الفلسطينية بالأمس منطقة " تل الربيع " برشقة ثقيلة من الصواريخ . 


أما في الجبهات الخارجية / لبنان ، سوريا ، العراق ، اليمن

  1. بقيت المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " مشتبكة مع العدو على كامل خط الجبهة بمختلف صنوف النار ، وتكتيكات العمل ، حيث استخدمت بالأمس صواريخ بركان والطائرات المسيرة في استهداف العدو ، في قواعده وثكناته في كل من : المنارة ، المالكية ، بياض بليدة ، نطوعا ، شلومي ، موقع بيت هلل شرق كريات شمونا ، أفوفيم ، جل الدير ، المطلة
  2. كما قصفت المقاومة العراقية بالأمس قواعد العدو الأمريكي في كل من قاعدتي الشدادي في الحسكة السورية ، وعين الأسد في الأنبار العراقية . 


وفي الضفة الغربية ؛ ما زال العدو يكرر عمليات اقتحامه اليومي ــ وبنفس طرق العمل والتكتيكات الميدانية ــ لمدن وقرى الضفة الغربية في عمليات أمن جاري ساخن ، يُحيّد فيه مقاومين ، ويدمر بناً تحتيه وخدمية ، ويُثّبتُ قدرات للمقاومة ، يمكن أن تساعد في اشغاله ، وتشتيت جهوده ، وتجميد جزء من قدراته ، أو تعيق تحركه السلسل باتجاه جبهات قتاله في الشمال أو الجنوب ، حيث اقتحم العدو مدن طول كرم ، والخليل ، ومخيم عقبة جبر ، الذي درات فيه اشتباكات بين المقاومين و قوات الاحتلال ، كما اقتحم العدو مخيم وقرية الفارعة في طوباس


وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل : 

  1. مظاهرات ومسيرات . 
  2. اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات . 
  3. ندوات وخطب ولقاءات . 


وفي الجهود السياسية ؛ أفضت المفاوضات القطرية مع العدو ( الأمريصهوني ) إلى التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة لمدة 4 أيام قابلة للتمديد ، تنص بنودها على : 

  1. وقف إطلاق النار بين الطرفين ، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في كافة مناطق قطاع غزة ، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في قطاع غزة . 
  2. إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثة الطبية والوقود إلى مناطق قطاع غزة بلا استثناء شمالاً وجنوباً . 
  3. إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عام ، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعبنا في سجون الاحتلال دون السن 19 عام وذلك حسب الأقدمية . 
  4. وقف حركة الطيران في ( الجنوب ) على مدار الأربعة أيام . 
  5. وقف حركة الطيران في ( الشمال ) لمدة 6 ساعات يومياً من الساعة 1000 وحتى الساعة 1600 . 
  6. خلال الفترة الهدنة يلتزم الاحتلال بعدم التعرض لأحد أو اعتقال أحد في كل مناطق قطاع غزة . 
  7. ضمان حرية حركة الناس ( من الشمال إلى الجنوب ) على طول شارع صلاح الدين . 


ثانيا : التحليل والتقدير :

أفضت المفاوضات السياسية بين العدو (الأمريصهيوني) وبين المقاومة بوسطة قطرية إلى الوصول إلى هدنة مؤقتة ، الأمر الذي سيمنح كافة الأطراف المشاركة في هذه الحرب ، إن في داخل فلسطين المحتلة أو خارجها ، سيمنحهم فرصة لتقييم ما تم تحقيقه على مدار الـ 46 يوم الماضية ، كما أنها ـ الهدنة ـ ستساعد في التخفيف عن أهلنا وشعبنا في قطاع غزة ، عبر توفير أجواء أكثر أمناً لتفقد ممتلكاتهم ، وتأمين بعضاً من حاجاتهم ومتطلباتهم ، أما في الشق العسكري ؛ فإن هذه الهدنة سوف تمنح المقاومين فرصة لإعادة تنظيم تشكيلاتهم ، وحصر خسائرهم ، وترميم ما يمكن من قدراتهم ـ البشرية والمادية ـ والتحضر لاستئناف القتال حال عدم تمديد هذه الهدنة .


أما في صفحة العدو ؛ فإنه سيستغل هذه الهدنة بالإضافة إلى إعادة تنظيم قواته ، سيستغلها في الاستطلاع وجمع المعلومات بمختلف وسائط الجمع العسكري والأمني ، بحثاً عن رؤوس خيوط يمكن أن تُستثمر ويستفاد منها للتتبع المقاومين ، والتعرف على مقارهم ، وخطوط حركتهم ، ليستفيد مما جمع وسجل من معلومات ، حال تجدد عمليات القتال ، إذا لم يتم تمديد هذه الهدنة . 


وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي : 

  1. التزام كل الأطراف ـ داخل فلسطين وخارجها ـ المشتركة في هذه الحرب بمقتضيات هذه الهدنة ، حال إعلان توقيت بدئها . 
  2. سوف يستغل العدو أي زعم بخرق الهدنة لتحييد أي أهداف ظهرت ، أو ستظهر أمامه في منطقة مسرح عمليات قطاع غزة ، خاصة منطقة عمليات شمال الوادي . 
  3. سوف يستغل العدو هذه الهدنة في جمع المعلومات والمعطيات عن المقاومة ، وأصولها البشرية والمادية ، ليستثمر ما جمعه بعد انتهاء الهدنة ، الأمر الذي يتطلب
  • أخذ الحيطة والحذر أثناء التحرك في مناطق الاشتباكات في كامل مسرح العمليات . 
  • التنبه إلى حركة عملاء ومصادر العدو البشرية التي ستنشط في جمع المعلومات ، وتحديد الأهداف . 
  • الحذر من عمليات الاستطلاع الجوي المعادي ، والذي يمكن أن يتم دون الحاجة إلى دخول منطقة العمليات التي تشملها الهدنة . 


والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

عبد الله أمين

22/ 11/ 2023

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023