إبعاد مرج الزهور.. هل كان البداية؟

د. زهرة خدرج

كاتبة صحفية وناشطة فلسطينية



قبل ٣١ عاما

تحديدا في عام ١٩٩٢  

أبعد الاحتلال ٤١٥ فلسطيني الى الجنوب اللبناني الى منطقة قريبة من قرية مرج الزهور  

في الليلة التي سبقت 17 ديسمبر جمع الاحتلال المعتقلين من الزنازين.. ووضعهم في حافلات.. كل منهم يعتقد أنه وحده، ولا يدري أي منهم أين هو ذاهب أو ماذا يجري بالضبط!



*************



 الوحدة القسامية الخاصة المقدسية رقم 101 بقيادة البطل المقدسي محمود عيسى، قامت بأسر الجندي الصهيوني نسيم توليدانو من القدس في يوم ماطر، وأرسلت بياناً تتبنى فيه العملية إلى الصليب الأحمر، ونشرته وكالة الأنباء الفرنسية، وطلبت الوحدة من حكومة الاحتلال مبادلة الجندي الاسير بالشيخ أحمد ياسين الذي كان معتقلا في سجن الرملة انذاك.



وكعادة الاحتلال.. رفض التعاطي مع الوحدة الآسرة.. وانتهت المهلة بعد 24 ساعة، ما اضطر الوحدة الى قتل الجندي ورمي جثته في وادي على طريق اريحا القدس جنوب القدس.



جن جنون الاحتلال، وهو يبحث عن الجندي الأسير، وعن الخلية المنفذة، وأخذ يقوم بشن حملة اعتقالات ضخمة في الضفة وقطاع غزة لنشطاء حماس والجهاد الاسلامي.

احتجز المعتقلين في زنازينه في مناطق متعددة، انتظاراً لساعة الصفر التي لا يعرفون عنها شيئاً.



في ليلة 17 ديسمبر 1992 قام جنود الاحتلال بتعصيب اعين المعتقلين، وتقييدهم ووضعهم في باصات سارت بهم مسافة طويلة الى الحدود اللبنانية.



أنزلوهم من الحافلات، ولا يدير أي من المعتقلين اين هم بالضبط.



فوجئوا بانهم في منطقة ثلجية.. وعلموا لاحقا انهم على الحدود اللبنانية



صرخ فيهم جنود الاحتلال التوجه نحو الحدود اللبنانية.. ولكنهم رفضوا.. فأخذوا يطلقوا عليهم النار لإجبارهم على الهرب.

وهو ما حدث فعلاً.



في مرج الزهور.. انشأ المبعدون معسكرا وكونوا ادارة لهم،  واستخدموا كل الطاقات الموجودة لدى المعتقلين والعلوم والتخصصات في  لصالح المجموع.. كان بينهم الطبيب والمهندس والمعلم والداعية والمهني والرياضي... الخ، حتى أصبح المعكسر في مرج الزهور وكأنه دولة مصغرة.

وأجتمعت الصحافة من جميع أنحاء العالم لتغطي أخبار المبعدين في مرج الزهور! وأخذت أكبر وكالات الأنباء تبث بشكل مباشر من معسكرهم.. حتى أصبحت قضيتهم قضية عالمية، أثارت الرأي العالمي.



بعد شهرين تقريبا

اضطر الاحتلال إلى الرضوخ لإعادة المبعدين، وبدأ فعلاً بإعادتهم الى وطنهم على شكل دفعات

انتصرت الإرادة الحرة لهؤلاء المبعدين على الغطرسة والتعنت الصهيوني وعادوا إلى ديارهم رغماً عن أنف المحتل.

د. زهرة خدرج

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023