قتل الطفل الفلسطيني مِش قصّة !!!

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني


ليلة أمس قتل جندي اسرا ئيلي طفلين فلسطينيين على تخوم مدينة البيرة (محمد كنعان وخالد حميدات) تحت تعليمات عليا تقول له اذهب وانتقم، لا تتردّد، قتل الفلسطيني هذه الايام مِش قصّة.  

لا يا حثالة البشر، قتل الفلسطيني قصّة بل هم أمّ القصص، وإن شئت اسمع القصّة على حقيقتها:

أبدأ بقصتك حيث هرب جدّك من محرقة النازيّة وظلّ هاربا إلى أن أوجدت له بريطانيا العظمى في حينها وطنا، أعطته وعدا ونفّذت هذا الوعد بوطن قومي لليهود في فلسطين. وأنت أيها الجندي القاتل حفيد جدك الهارب من المحرقة النازيّة.  

أمّا قصّة قتيلك الطفل الفلسطيني فقد كان جدّه يعيش رغدا آمنا مطمئنا في قريته الوادعة في السهل الساحلي لفلسطين، جاءته العصابات الصهيونية المدعومة من الانتداب البريطاني، قتلت من قتلت، وجزرت من المجازر ما جزرت، وطهّرت عرقيا تلك القرى والمدن، لتشتّت الفلسطينيين في مخيّمات الشتات، فجأة وجد جدّ قتيلك نفسه في خيمة ومخيّم واستبدلوا بيّارة برتقاله ومزارعه بكرت مؤونة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أبو جدّك ثابر وجاهد ليبقى على قيد الحياة وليزرع في نفوس أبنائه حبّ الوطن، وانتقل من الخيمة إلى الغرفة إلى بيت المخيم، علّم أبناءه وكان منهم جدّك الذي تعلّم ليعمل بعدها في حقل التعليم ويبني بيتا واسرة من جديد، ثم كان من ولده البكر أن رزق مولودا بكرا حمل اسمه، رضع شظف الحياة ومقت الاحتلال وعشق الوطن، نمى على عين أبيه وجده يوما بيوم حتى حبى ثم مشى ثم دانت فرحة عظيمة عندما بلغ سنّ المدرسة، وسنة بعد سنة ومذاكرة تتبع مذاكرة ليتميّز فينجح ويتفوّق ، قطع المرحلة الابتدائية وشبّ جسده في الاعداديّة والثانويّة، ولمّا كان يقترب من التوجيهية العامة ليضع قدمه بعدها في الدراسة الجامعية فليس للاجئين الفلسطينيين أن يستثمروا إلّا في التعليم، لا أرض لهم ولا مزرعة ولا أملاك فكلّها سلبها إياهم المحتلّ دون أن يبقي لهم شيئا.  

خالد حميدات ومحمد كنعان بلغا السادسة عشر من عمرهما، أحبّ ذاك الجندي أن يطفأ شيئا من لهيب حقده، أن ينفّذ وصايا حاخامه، أن يقوم بعمل وطني محترف حسب وصايا زعامته السياسية المسكونة بالتحوّل من ضحية نازيّة إلى صناعة النازيّة بشكلها الصهيونيّ الجديد، مِش قصة قتل الفلسطيني، مجرد ضغطة إصبع على الزناد فتصل إلى ما تريد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023