معاريف العبرية : تقييد دخول الفلسطينيين إلى الحرم القدسي - برميل متفجرات قبالة الأردن
صحيفة معاريف العبرية

​​​

الدكتور شاي هار تسفي
رئيس الممارسات الدولية والإقليمية في معهد السياسة والاستراتيجية بجامعة ريتشمان؛ مدير عام وزارة الشؤون الاستراتيجية بالإنابة سابقا

قرار رئيس الوزراء بتقييد دخول عرب إسرائيل إلى الحرم القدسي خلال شهر رمضان، الذي سيتم بعد حوالي ثلاثة أسابيع، من شأنه أن يؤدي إلى الإضرار بمصالح إسرائيل الأمنية والسياسية.

إن قرار رئيس الوزراء بتقييد دخول عرب إسرائيل إلى الحرم القدسي خلال شهر رمضان، الذي سيتم في غضون ثلاثة أسابيع تقريبا، من شأنه أن يؤدي إلى الإضرار بمصالح إسرائيل الأمنية والسياسية، بما في ذلك تدهور كبير في العلاقة المتوترة أصلا مع الأردن. 

ويرجع ذلك إلى الخوف من أن تؤدي هذه القيود إلى التصعيد، وأن ينظر إليها على أنها تضر بمكانة الأردن في الأماكن المقدسة، وسيحاول أعداؤنا تصوير الحرب ضد إسرائيل على أنها حرب ذات طابع ديني.

يعود الارتباط التاريخي للمملكة الهاشمية ومعاملتها الخاصة للقدس إلى أيام الملك عبد الله الأول في ثلاثينيات القرن العشرين.. حتى أن الملك حسين نجح في ترسيخ الاعتراف بدور المملكة الخاص في الأماكن المقدسة في المدينة في معاهدة السلام مع إسرائيل.

خلال العام الماضي، منذ تشكيل الحكومة الجديدة، شدد الملك عبد الله وكبار مسؤولي النظام مرارا وتكرارا على أن الأماكن المقدسة هي "خط أحمر"، وحذروا من محاولات إسرائيل تغيير الوضع الراهن بطريقة من شأنها أن تضر بمكانة الأردن، وانتقدوا بشدة صعود الوزير بن غفير إلى الحرم القدسي. وينعكس الدور الأردني أيضا في حقيقة أن المملكة مستمرة في تمويل أنشطة مسؤولي الأوقاف والحراس في الحرم القدسي.

منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، يحاول الأردن المناورة بين الضغوط الداخلية والمصالح الاستراتيجية. 

فمن ناحية، إلى جانب المظاهرات في جميع أنحاء المملكة ضد إسرائيل والدعوات إلى إلغاء اتفاقية السلام، يخشى الأردن من تصعيد في الضفة الغربية من شأنه أن يؤثر على الاستقرار الداخلي، من بين أمور أخرى، في ضوء حقيقة أنه وفقا لتقديرات مختلفة، فإن 60 - 70٪ من سكان المملكة هم من أصل فلسطيني.

عمليا، وفي محاولة لإظهار دعمه لسكان غزة، ينتقد الأردن بشدة النشاط الإسرائيلي، ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، بل ويعرب عن دعمه للدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي. وفي الوقت نفسه، ينقل الأردن المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة ويحرص على إعطاء هذا التعبير العلني الواسع.

من ناحية أخرى، يمتنع الأردن عن اتخاذ خطوات يمكن أن تؤدي إلى انهيار العلاقات الثنائية مع إسرائيل، بطريقة من شأنها أن تضر بمصالح الأردن الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية. 

ومع ذلك، في ظل الواقع الهش في المنطقة، فإن الخطوات الأحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل في القدس، خاصة إذا أدت إلى تصعيد في الضفة الغربية وحتى بين عرب إسرائيل، من شأنها أن تدفع الملك إلى الزاوية وتجبره على اتخاذ تدابير أكثر قسوة (حتى لو كانت مؤقتة) مما كانت عليه في الماضي ضد إسرائيل.

إن الاستقرار الداخلي في الأردن والسلام بين البلدين يشكلان رصيدا استراتيجيا لإسرائيل. 

ويرجع ذلك إلى عمق المملكة الاستراتيجي وشريكها الحيوي ضد نشاط إيران ووكلائها في المنطقة، وكذلك في حماية الحدود الشرقية من تغلغل العناصر المعادية وتهريب الأسلحة إلى إسرائيل والضفة الغربية.

في ضوء ذلك، يجب على رئيس الوزراء أن يكون حساسا للغاية، خاصة في هذا الوقت، وأن يمتنع عن اتخاذ خطوات يمكن أن تحرج وتضر بمكانة الملك عبد الله بشكل عام والأماكن المقدسة في القدس بشكل خاص.

وفي الوقت نفسه، يوصى بأن يواصل المسؤولون الحكوميون والأمنيون تعميق تنسيقهم مع مسؤولي الأوقاف الأردنية في القدس في المستقبل القريب من أجل منع وقوع حوادث غير ضرورية قد تخيم على أجواء العلاقات مع المملكة. 

هذا هو الوقت الذي يجب فيه على رئيس الوزراء إعطاء الأولوية للاعتبارات الاستراتيجية والأمنية الواسعة على أي اعتبار سياسي أو شخصي.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023