تناقلت الأخبار خبر عش الدبابير الذي انفجر في وجوه جنود الاحتلال ونجح في تحييدهم ونقلهم إلى المستشفيات، ويبدو الخبر عاديّا لولا أنه جاء في سياق قد وقع الاحتلال فيه في أعشاش كثيرة من الدبابير، أصبح في ورطة لها أوّل وليس لها آخر إلا بترحيل مشروعه برمّته إلى نهايته المشؤومة القريبة بإذن الله، وهاكم هذه الانفجارات الدبابيرية العتيدة التي نهشت وجه الاحتلال وساءته بل وجعلته الأسوأ وجها ماضيا وحاضرا ومستقبلا.
عاد الاحتلال إلى شمال غزّة وبالتحديد يمّم وجهه شطر جباليا بعد ستة شهور من الكرّة الأولى، فانفجر عشّ الدبابير كما كان أوّل مرّة ويا ريتك يا زيد ما غزيت، فساءت وجهه إذ ادّعى في المرّة الأولى أنه قد قضى على الدبابير هناك، فكيف عادت لتسوء وجهه وتُظهر زيف ادعائه وتضرب وجه روايته وتجعل من سرديّته سخرية للعباد والعبيد!
وفي رفح اليوم والتي حشد لها ما حشد سياسيا ولوجستيا وعسكريا وحسب أن النصر سيكون هناك، تحوّل العالم كله دبابير تنهش وجهه، هذا عدا عن دبابير المعركة التي انفجرت في وجهه فوقع في الفخ السياسي والعسكري، وستثبت هذه الدبابير أنه مضياع لفرصته في النجاة ووقف المجازر التي تصبّ عليهم لعنات الناس أجمعين
وهناك في الضفة أيضا أعشاش للدبابير، في مخيم جنين وطولكرم ونور شمس وطوباس ونابلس وعقبة جبر ووووو، تحمل إرادة التحرير وجاهزة لتسوء وجه الاحتلال في كلّ وقت وحين.
وكما انفجر له عشّ للدبابير جاءه يسعى من جنوب أفريقيا في محكمة العدل العليا وساء وجهه وكشف الغطاء عالميا عما يقوم به من حرب الإبادة الجماعيّة؛ يتجهّز عشّ آخر للانفجار في محكمة الجنايات الدولية ولتصدر مذكرات الاعتقال والتوقيف الذي أذاقه لكثير من الناس في فلسطين، وعشّ الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث لسعت وجهه 143 دولة صوتت للدولة الفلسطينية؛ مما دفع مندوبه من ألم اللّسع لأن يمزّق ميثاق الأمم المتحدة التي أصلا قامت دولته بقرار منها، فهو بذلك يفقد صوابه ويمزّق شرعيّة كيانه، هذا من أثر لسع الدبابير بارك الله فيها، حيث أفقدته صوابه وجعلته يرفع صورة يحيى السنوار؛ فاقدا رشده وهاربا من الدبابير التي تلاحقه.
وانفجر عش كبير عظيم للدبابير لم يكن لهم بالحسبان، هذه المرّة من معقله ومن مكن حذرهم ومن حيث يأتيهم المدد والدعم والعون، من هناك من الولايات المتحدة الأمريكية تنفجر أعشاش الدبابير في وجهه، لا تذر مكانا إلا وتلسعه لسعاتها المُميتة، تنقلب عليه الجامعات التي أُنفقت على شراء ذمّتها المليارات ومنذ عشرات السنين، تنقلب الساحات الوديعة الغارقة في سرديّته الكاذبة وإذا بها ترى السردية الفلسطينية المحقّة فتأخذ بها وتقف في وجه عاصفته العاتية، تناصر الحق الفلسطيني وترفع العلم الفلسطيني والكوفية الفلسطينية، لتلسع بذلك قلبه فتدميه وتتركه في حالة من التخبّط والخبل.. يتهمها بمعاداة السامية ويحرّض عليها الأمن ويطلب البطش والقمع، يحسبهم فتية الدهيشة وبلاطة، فتزيدهم لسعا وضربا وسبّا ولعنا لتصبح لعنة العالم أجمع.
وتسري حمّى الدبابير في كل أرجاء العالم، وحيث كانت الحريّة والكرامة الإنسانيّة سرعان ما تتحوّل إلى دبابير تنفجر في وجهه، مظاهرات ومسيرات عارمة، في الأردن ولبنان والعراق وتركيا وماليزيا ودول كثيرة، مسيرة أعشاش الدبابير لا تنتهي إلا بإساءة وجه الاحتلال، وهي مرشّحة للمزيد.
المحتلون يقتلون الأطفال والنساء، وهم أنفسهم بذلك يفجّرون مكامن الحرية وانطلاق الدبابير لتلسع مشروعهم في وجهه وقلبه حتى تنخّله وتذره قاعا صفصفا، هم يحسبون أن الشعب الفلسطيني وشعوب العالم قطيع من الأغنام، يساق بدعايتهم المموّلة بملياراتهم، الرواية التي أصبحت ممجوجة وممقوتة وأنهم ضحية للنازيّة وأن الناس معادون للساميّة، الآن أصبحوا هم من قاموا بالإبادة الجماعية، نكتشف اليوم بأن الدبابير كائنات لم تخلق عبثا وأنّ الله خلقها وهيأها لتلسع الظالمين وتجعلهم عبرة للآخرين. وقد ضرب الله في كتابه الكريم مثلا بعوضة ونملة وعنكبوتا، لما فيها من إعجاز وحكمة للعالمين.
ولا يحسبنّ الاحتلال أن ما يفعله في السجون سيمرّ مرور الكرام، ستكون السجون قريبا مفجّرة لكلّ أعشاش الدبابير الرابضة والكاسحة، وقد بدأت أخبار فظائعه وما فعله بأسرى الحريّة مستغلّا انشغال الناس بمجازر غزة تتسرّب. السجون هي معقل الأسود وليس الدبابير، وهي قادرة على تغيير المعادلة وتفجير المنطقة.. لن تضيع حالة العربدة وتعمّد الإهانة لأسرى الكرامة، لن تسكت عظامهم المكسورة ولا تجويعهم المريع ولا الغاز السامّ الذي ملأ صدورهم، سيصرخ شهداؤهم ويعيدون للثورة روحها من جديد.
بقي أن أقول إن هناك أسودا ما زالت رابضة في عرينها لا تكتفي بفعل الدبابير بل تفعل فعلها العظيم وتضرب بيد من حديد.