تقوى الله التي تصنع المخرج السياسي ؟!

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

#خطبة_الجمعة عن " ومن يتق الله يجعل له مخرجا" نقزّم نحن الائمة هذه الاية في نفوس الناس عندما نحصرها بعيدا عن الميدان السياسي. وأهم ما نحتاجه من تقوى الله أن تكون شاملة غير منتقاة على مقاسنا وهي تكاد مفقودة في الميدان السياسي فمن الظلم بمكان للتقوى أن نطالب بها في الميدان الشخصي والاخلاقي ولا نطالب بها من يدير شئون الناس السياسية ويقرّر مصائرهم وجوهر حياتهم ، ما الذي يحدث لو المشتغلين في الشان السياسي في العالم العربي والشأن الفلسطيني العام اتقوا الله .. عندها يكون المخرج الحقيقي من هذا النفق الذي وضعونا فيه.. 

قطار التطبيع مع الاحتلال يجعل للامة نفقا مسدودا مظلما ومتاهة لا مخرج منها، تقوى الله تجعل لهم مخرجا من هذا الكابوس السياسي الفظيع. 

 تقوى الله من حالة الخذلان لغزّة وأحيانا التآمر يجعل لأمة مخرجا عزيزا كريما لها ولغزّة. لو فقط دولة وازنة واحدة اتقت الله في دماء غزة لأوقفت هذه الحرب على الاقل مصر او تركيا او السعوديّة، هذا هو ومن يتق الله مخرجا.

تقوى الله في الوقوف مع أسرانا الذين يحوّلون الى هياكل عظمية وتغتصب النساء ثم نأتي الى وقفة اسبوعية فلا نجد سوى خمسين من اهالي الاسرى يحملون صور أبناءهم والمسجد القريب منهم يمرون الناس للصلاة دون أن يعنيهم الامر، تقوى الله لما يكون الوقوف مع الاسرى كواجب الصلاة الواجبة وليس كركعتي تحية المسجد. تقوى الله لما يتقدّم الامام الصفوف الداعمة للاسرى كما يتقدّمهم في الصلاة. 

نحن في الضفة لو اتقينا الله في غزة لما توقّفت المسيرات الحاشدة لحظة ، لاشتعلت الضفّة وشكّلت ضغطا سياسيا كبيرا عندها تكون التقوى التي تصنع المخرج. أما أن نردّد الاية في المساجد ونشير للناس بما يفهموا ان التقوى والمخرج في العلاقة مع جارك العزيز او عندما تصاب بفقر أو مرض فهذا تقزيم لهذه الاية العظيمة عظيمة العطاء والنتائج. 

لا يعقل أن تقف وزيرة الخارجية لجنوب افريقيا وتقول أننا فهمنا حديث رسول الاسلام انصر اخاك ظالما او مظلوما، وطالما بأن تمنعه من الظلم ، وتتحرّك عمليا بما قاموا من جهد قانوني أغاظوا به الاحتلال، بينما ولا زعيم عربي او اسلامي فعلها ، هذه المرأة تتقي الله أكثر منهم والله طبعا لولا انها غير مسلمة كي لا ياتي أحد ويقول ذلك. الاية عظيمة، مدلولاتها عظيمة ونتائجها المخرج العظيم فلا نقزّمها إلى فعل بسيط في مجالات تقوى فردية بسيطة ، خير من جسّدها #رسول_الله حيث كان المخرج العظيم للامّة من ذيل القافة إلى سيادة الحضارة الانسانية بكل مضامينها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023