خطاب الكراهية الأمريكي

حضارات

مؤسسة حضارات

المقال الأسبوعي لفضيلة الشيخ رائد صلاح

​​​​​​​
بداية أؤكد أننا نحن الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني نحمل رسالة الرحمة للشعب الأمريكي ولسائر شعوب الأرض، لأن الرحمة هي من أصول قيمنا، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، ولذلك ما كرهنا يومًا الشعب الأمريكي ولا أي شعب في الأرض، ولا زلنا نحب للشعب الأمريكي ولسائر شعوب الأرض أن يعمّ فيها الخير والكرامة والتقدم والازدهار القائمة على العلم والإيمان والحلال في المأكل والمشرب والملبس والخروج من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأنظمة الفاسدة إلى عدل الإسلام، وفي الوقت ذاته لا نتردد أن نقول إننا نكره السياسة الأمريكية الرسمية لأنها قائمة على خطاب الكراهية لكل شعوب الأرض، وهذا تاريخ هذه السياسة المارقة يشهد بذلك، ولأن هذه السياسة الأمريكية الرسمية قائمة على العلو في الأرض والإفساد فيها وبث التفرقة في الوطن الواحد والدولة الواحدة والمجتمع الواحد وجعل أهلها شيعًا يضرب بعضهم رقاب بعض، وهذا حاضر هذه السياسة الإمبريالية ينطق بذلك، ولأن هذه السياسة الأمريكية الرسمية قائمة على استعمار الشعوب واحتلال أرضها ومصادرة أرزاقها ونقلها بالمليارات إلى الخزينة الأمريكية، بهدف أن تواصل هذه السياسة المستبدة إطعام من تشاء من أهل الأرض وإجاعة من تشاء، وكأن لسان حالها يقول: (أنا أحيي وأميت)، ولأن هذه السياسة الأمريكية الرسمية لا تزال تقوم على هذه الأصول الفرعونية والنمرودية والصليبية الصهيونية، ولأن كل إناء بما فيه ينضح، فها هي هذه السياسة العوراء العرجاء المتألهة لا تزال تنضح بخطاب الكراهية، وقد صُدِم العالم قبل أيام عندما سمع السناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي غراهم يدعو إلى إلقاء قنبلة ذرية على غزة، وأنا شخصيًا لم تعترني الصدمة ولو لثانية واحدة بسبب هذا التصريح الإرهابي القذر، لأنَّ القائمة التي تضم مثل هذا التصريح على مدار يوميات السياسة الأمريكية الرسمية طويلة جدًا، وتحتاج إلى قاموس بعنوان: (قاموس خطاب الكراهية الأمريكي الرسمي)، لجمع كل هذه التصريحات الأمريكية الرسمية ضد الإنسانية، وعلى سبيل المثال أورد هذه العينة الموجزة جدًا من هذه التصريحات الخرقاء المُعادية لسامية كل شعب في الأرض:

 1. نقلًا عن كتاب: (الصهيونيون المسيحيون على الطريق إلى هرمجدون)، لمؤلفه “ستيفن سايزر”، ورد ما يلي: (… في محادثة شخصية نُشرت في “واشنطن بوست”، في نيسان 1984 شرح الرئيس الأمريكي “ريغان” بالتفصيل قناعاته الشخصية “لتوم داين” أحد أفراد مجموعات الضغط الذين يعملون مع اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة: “عندما اقرأ أسفار الأنبياء في العهد القديم والعلاقات التي تنبئ عن اقتراب معركة هرمجدون، أتساءل عما إذا كُنا نحن في هذا الجيل سنرى تحقيق هذه النبوّات ولا أدري إذا كنت قد اطلعت على هذه النبوات في المدة الأخيرة، لكنها بكل تأكيد تصف الأزمنة التي نعيشها الآن)!!، ولمن لا يعلم فإن أتباع نبوءة معركة هرمجدون كريجن وغيره يعتقدون أنها ستتسبب بإفناء الأمة الإسلامية.

2. نقلًا عن هذا الكتاب: (… تصف “غريس هالسل” التحول الذي طرأ على “جيري فولويل” أحد قادة البروتستانتية الصهيونية الأمريكية كالتالي: وأثناء غزو لبنان في عام 1982 دافع “فولويل” بالطريقة نفسها عن أعمال إسرائيل، وعندما حدثت المجازر الجماعية في المخيميْن الفلسطينيين صبرا وشاتيلا استخدم “فولويل” كلام الإسرائيليين نفسه قائلًا: لم يكن الإسرائيليون مشتركين بهذه الأعمال وحتى عندما قدّمت جريدة نيويورك تايمز تقارير شهود عيان عن الإضاءة التي قدمتها إسرائيل لمساعدة الكتائب على الدخول إلى المخيم، قال “فولويل”: هذه مجرد دعاية) .

3. نقلًا عن هذا الكتاب: (وفي مقابلة مع الواشنطن بوست في عام 1999 وصف “فولويل” الضفة الغربية بأنها “جزء متكامل من إسرائيل”. وأضاف قائلًا: إنه إذا ما مارسنا الضغط على إسرائيل للانسحاب فإن هذا الأمر يكون مثل “الطلب من أمريكا أن تعطي ولاية تكساس إلى المكسيك من أجل إقامة علاقة جيدة معها، إن هذا الأمر سخيف). 

4. نقلًا عن هذا الكتاب: (… في المؤتمر العالمي الثالث للصهيونيين المسيحيين الذي عُقِد في القدس في شباط 1996 وتحت رعاية السفارة المسيحية الدولية في القدس أصدر حوالي 1500 مندوب من 40 دولة وبالإجماع ودون أي تردد أو رهبة، بيانًا صريحًا تأكيدًا لمعتقدات الصهيونية المسيحية جاء فيه: (إن الرب بسبب غيرته ومحبته لإسرائيل والشعب اليهودي، يُبارك ويلعن الشعوب ويُدين الأمم بناءً على معاملتهم لشعب إسرائيل المختار…، وبموجب التوزيع الذي أعطاه الله للأمم فإن أرض إسرائيل أعطيت للشعب اليهودي كملك أبدي وذلك بعهد أبدي، إن للشعب اليهودي الحق المطلق لامتلاك الأرض والسكن فيها، بما فيها يهودا والسامرة وغزة والجولان).

5. نقلًا عن هذا الكتاب: (… إنَّ “هال ليندسي” أحد قادة البروتستانتية الصهيونية الأمريكية يُمثل كثيرين من الصهيونيين المسيحيين المقتنعين أنه سَيُعاد بناء الهيكل اليهودي ثانية عن قريب ويقول في هذا السياق: (سواء كانت هناك عقبات أم لا، من المؤكد أنه سَيُعاد بناء الهيكل ثانية، إنّ النبوات تستدعي هذا… إن العلامة الأكثر أهمية لمجيء المسيح القريب تبدو واضحة أمامنا بسبب ولادة الشعب اليهودي ثانية في أرض فلسطين، وبسبب السيطرة اليهودية الكاملة على أورشليم القديمة لأول مرة منذ 2600 سنة، وبسبب الحديث عن إعادة بناء الهيكل).

 6. نقلًا عن هذا الكتاب: (… ويقول “روب ريتشاردز” أحد قادة البروتستانتية الصهيونية الأمريكية: يعتبر الفلسطينيون والعرب الذين استوطنوا في إسرائيل غرباء بحسب الاصطلاح المذكور في الكتاب المقدس). 

7. نقلًا عن هذا الكتاب: (… يصرّ “هال ليندسي” بدون أي تردد أو شك قائلًا: انظروا إلى ما يحدث في الشرق الأوسط إنه مكان الدمار حيث تجري الأحداث المتعلقة بنهاية الأزمنة، إن صفقة السلام الزائفة في الشرق الأوسط لا تتضمن شيئًا اللهم إلا أنه في النهاية ستكون هناك محرقة نووية في الشرق الأوسط ويبدو أن هذا يترادف مع تنبؤات سفر الرؤيا، انتبهوا إلى كلماتي إنها ستتحقق). 

8. نقلًا عن هذا الكتاب: (… ويُشير “مايكل ليند” مُحلل سياسي، أيضًا إلى أن اللوبي الموالي لإسرائيل كان مسؤولًا عن تشجيع أعظم سوء استخدام لسلطة الرئيس بمنح العفو في التاريخ الأمريكي وذلك عندما منح “بيل كلينتون” في آخر يوم له في السلطة، عفوًا أثار جدلًا كبيرًا “لمارك ريتش” البليونير الهارب والموجود اسمه على لائحة مكتب التحقيقات الفدرالي للأشخاص الأكثر ملاحقة، وفي مقالة ظهرت في جريدة نيويورك تايمز في شباط 2001 شرح “كلينتون” بأنه قام بهذا العمل من أجل إسرائيل: (إن كثيرًا من الموظفين الإسرائيليين الراهنين والسابقين ذوي المراتب العالية من الأحزاب السياسية الرئيسة ومن قادة المجتمعات اليهودية في أمريكا وأوروبا ألحّوا في طلب العفو للسيد “ريتش” بسبب مساهماته وخدماته للقضايا الإسرائيلية الخيرية، ولجهود الموساد بإنقاذ اليهود من الدول المعادية، ولعملية السلام من خلال رعايته البرامج التربوية تلك المتعلقة بالصحة في غزة والضفة الغربية …).

 9. نقلًا عن هذا الكتاب: (… وفي أيار 2002 أذاع “ديك أرمي” رئيس الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ، خبرًا رئيسًا بشأن تبرير التطهير العرقي ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، فقد قال في مقابلة مع “كريس ماتيوس” في محطة تلفزيونية في أيار2002 ما يلي: إن غالبية الناس الذين يقطنون في إسرائيل اليوم نُقلوا إليها من كافة أرجاء العالم واستوطنوا فيها، ويُمكن أن يفعل الفلسطينيون نفس الشيء، ونحن على استعداد للعمل معهم ومساعدتهم على القيام بهذا العمل، لسنا على استعداد لنضحي بإسرائيل من أجل فكرة وطن قومي للفلسطينيين، أنا أوافق على أن تنتزع إسرائيل كافة الضفة الغربية وتُسيطر عليها… هناك أقطار عربية كثيرة لديها مئات الألوف من الدونمات من الأرض والتربة والممتلكات والفرص العديدة لتأسيس دولة فلسطينية…). 

10. نقلًا عن هذا الكتاب: (… وفي شباط 2002 أثار “بات روبرتسون” جدلًا كبيرًا عندما وصف الإسلام بأنه دين عنف وعازم على السيطرة على العالم، وادّعى أيضًا أنَّ المسلمين الأمريكيين يُشكلون خلايا إرهابية لتدمير البلاد… سأل المذيع “لي ويب” “روبرتستون” فأجاب: (… والقرآن يؤكد أنه إذا ما رأيت كافرًا فعليك أن تقتله… الحقيقة هي أن سياسات الهجرة عندنا تميل نحو الشرق الأوسط وبعيدًا عن أوروبا لدرجة أننا سمحنا لهؤلاء الناس أن يستوطنوا بيننا، ومن دون شك توجد خلايا إرهابية بينهم). 

11. الجميع لا يزال يذكر قول “جورج بوش الأب” ثم “جورج بوش الابن” للجيش الأمريكي في أزمة الخليج: (أنتم مقبلون على حرب صليبية). 12. ثمّ بناءً على هذا الغيض من فيض خطاب الكراهية الأمريكي، يمكننا أن نجزم أن خطاب الكراهية الذي يتألق فيه اليوم كل من “بايدن وبلينكن وأوستن”، وسائر جوقة البيت الأبيض هو استمرار مُمنهج لخطاب الكراهية التقليدي الذي قامت عليه أمريكا والذي كان أول ضحاياه هو شعب الهنود الحمر، وأما آخر ضحاياه فهو شعبنا الفلسطيني، وأسأل الله تعالى أن لا يكون له ضحية أخرى، وأن يكون الشعب الفلسطيني هو آخر ضحاياه وختامها. لذلك أقولها بكل ارتياح ويقين إن عهد خطاب الكراهية الأمريكي المُقزز قد انتهى، ولن تبكي البشرية غدًا على ضحية أخرى لهذا الخطاب وهي التي لا تزال تبكي اليوم على شعبنا الفلسطيني آخر ضحية لهذا الخطاب، ثم إن الخير والبركة والقسط والعدل ستكون عنوان المرحلة القادمة في مسيرة البشرية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023